إذا صحت علاقة الإنسان بمن حوله أصبحت تفاصيل حياته جيدة، وكلها سعيدة، ولكى يحظى الإنسان بعلاقات جيدة يحب أن تكون علاقته مع نفسه جيدة، كذلك يجب أن يمتلك موهبة التأثير فى الناس وجذبهم نحوه، وهذا الأمر ليس سهلا كما يتخيل البعض، لكنها مهارة تحتاج إلى تطوير وجهد لمعرفة تطبيها على النحو الجيد، وهذا ما يقدمه لنا الكاتب العالمى "ديل كارنجى" فى كتابه "كيف تكسب الأصدقاء وتؤثر فى الناس"، الذى يقدم كارنجى فيه خطوات كسب الأصدقاء والتأثير فى الناس من خلال سبعة فصول، يبدأها كارنجى بشكل عملى، حيث يطرح فى الفصل الأول قضية التأثير على الناس من خلال حديثك معهم وهنا يطرح سؤال وهو كيف تفتتح الخطاب؟.
ابدأ برغبة قوية
كارينجى يجيب فى الفصل ذاته قائلا: إن هناك عددا من الخطوات الضرورية لكى تصبح خطيبا جيدا أمام الجمهور أولها أن تبدأ برغبة قوية، فتوجه اهتمامك باتجاه دراسة الذات، عدد فوائدها بما ستعنيه لك وفكر بالثقة بالنفس والقدرة على الحديث بشكل مقنع أكثر أمام الجمهور، فكر بما يمكن أن يعنيه حديثك وبما يمكن أن يحدثه من أثر فى نفوس المستمعين إذا راق إليهم حديثك، الخطوة الثانية هى أن تعرف تماما ما الذى ستتحدث بشأنه، لأنه إن لم تفعل ذلك، ستكون كالأعمى الذى يقود أعمى، كما يجب أن تتصرف بثقة فقد قال أحد علماء أمريكا "يبدو أن الفعل يلى الشعور، وفى الواقع الفعل والشعور يسيران معا، ومن خلال تعديل الفعل الذى هو ضمن سيطرة الإرادة أكثر، نستطيع أن نعدل الشعور بشكل غير مباشر"، وترجمة هذا الكلام أنه إذا أردنا أن نشعر بالفرح يجب أن نتحدث وكأننا فرحين، كذلك لكى تشعر بالشجاعة، تصرف وكأنك شجاع، وكل هذا يحتاج لتدريب والتخلص من الخوف الذى يصيبك أمام الناس نتيجة الجهل وعدم التأكدن أو نتيجة لعدم الثقة بالنفس.
الكتاب يركز على التأثير فى الناس من خلال الحديث معهم أو مخاطبتهم فيقول إنه حتى يكون الخطاب مؤثرا يجب أن تتوفر فى الخطاب نفسه سبعة سمات الأولى أن يفتتح بمقدمات مثيرة وبشىء يلفت الانتباه فى الحال، على أن تكون مقدمة الخطاب قصيرة، لأن هذا يتطابق مع مزاج المستمع إلى الحديث الذى لسان حاله يقول "هل لديك ما تقوله؟ حسنا لنستمع إليك بسرعة، لا تتأنق فى الخطاب، اعطنا الحقائق سريعاً فليس لدينا وقت"، ويجب أن تحذر من الافتتاح بقصة مرحة، خاصة إن لم تكن تمتلك موهبة سرد القصص المضحكة، كذلك احذر بدء حديثك بالاعتذار، واستخدام كلمات مثل "أنا لست بخطيب، أو لست مهيأ للخطاب، أو ليس لدى ما أقوله، وجاول الاستحوذ على انتباه جمهورك فى اللحظات الخمس الأولى، وإلا فالمهمة بعد ذلك تزداد صعوبة لاسترجاعه، واستخدم دائما لغة الفضول وطرح الأسئلة لجذب الانتباه مثل "يتكلم بأكثر من سبعة لغات، وحصل على أربع شهادات فى الدكتوراه وخمس جوائز عالمية، وتولى أرفع المناصب القيادية الحساسة بالدولة لمدة تزيد عن 30 عاماً، وما زال عمره لا يتجاوز الخمسين. هل تعلمون من هذا العملاق؟ إنه فلان بن فلان".
يجب أن تطرح سؤلا خلال خطابك مع الناس حتى تستدرجهم إلى التفكير والتعاون معك، خاصة إن كان السؤال فى افتتاحية الحديث، فهذا يعد واحدا من أبسط وأضمن الطرق لفتح أذهان الآخرين والدخول عليها، وكذلك يحب ربط الموضوع الذى تتحدث عنه بمصالح مستمعيك الحيوية، لأن الإنسان بطبيعته يهتم وينجذب نحو الأشياء التى تمسه مباشرة، وتدور حول مصالحه، وابدأ ببعض الملاحظات التى تعالج مباشرة مصالح جمهورك الشخصية، ولا تحضر إيماءتك ولغة جسدك، لأن شخصيتك لا يمكن أن تختزل فى حركاتك، فلا تستخدم الإيماءات المفتعلة التى تذوب معها شخصيتك الحقيقية.