محمد أبوزيد الطماوى

خطر يهدد الحصون

السبت، 21 يوليو 2012 11:12 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
من بعد قيام الثورة المجيدة كثرت النقاشات وموائد الحوار، خاصة بعد ما سقطت الخطوط الحمراء، أصبح الجميع متحدثاً لبقاً ومحللاً وخبيراً فى العلوم السياسية، ولا سخرية فى ذلك إننا بلد 80 مليون مفتى، صار كل واحد يدلى بدلوه ويقول رأيه، الكل يتكلم فى وسائل المواصلات وفى الطرقات وعلى المقاهى، بالمعنى الصريح لا يخلو حديث إلا وكانت السياسه مفتاحه، كما أنها أصبحت وسيلة تعارف مجتمعى، ومن المعلوم أن تحتكر النخبة المنابر الإعلامية، فبذلك فتعددت الآراء وأختلفت الرؤى وكثرت وجهات النظر.

لا مانع أن نكون على وعى كامل بالأمور السياسية، خاصة أننا ظمئنا وفوزنا بحظ الوصول، ولولا أنوار الثورة ما كنا جميعاً من الشاربين، ولكن إذا اتفقنا على أن الاختلاف فى الرأى أمر طبيعى بين البشر لا جدال فيه، وذلك لتنوع الثقافة والفكر والبيئة المحيطة، فإننا حينها لابد أن نتفق أيضاً على أن الرأى هو وجهة نظر تحتمل الخطأ كما تحتمل الصواب، كما قال الأمام الشافعى، رحمه الله، "رأيى صواب يحتمل الخطأ ورأى غيرى خطأ يحتمل الصواب"، فرغم مكانته ودرجة العلم التى وصل إليها، إلا أنه لم يخجل من التأكيد على أن رأيه قد يحتمل الخطأ.

تلك المقولة الذهبية التى قالها الأمام الشافعى، بعيدة مع الأسف كل البعد عن حوارتنا ونقاشاتنا، كل منا يظن أنه -وحده- فقط من يملك أسرار الحقيقة، المشكلة الآن باتت جليه واضحة، وتقع أكثر على تلك النخبة المسماه بالمثقفة، التى كان ينتظر منها أن تكون هى القائدة الرائدة، أو كان يفترض أن تضرب أروع الأمثال فى تقديم نموذجاً ثرياً فى الحوار والنقاش وإبداء الرأى، ولكن مع الأسف غاب عنها أدب الحوار وإحترام الرأى الآخر، وزعم كل منها أنه –هو – فقط صاحب الرأى المعصوم، بل تطاول الأمر إلى السباب والشتائم، وتحول النقاش إلى ماهترات والحوار إلى جدل عقيم لا طائل من ورائة، ولهذا قلما نجد من يقول أن هذا رأيى وتفسيرى واجتهادى وقد أكون مخطأ.

رغم خطورة وفظاعة هذا الحدث الذى يداهم المجتمع على جميع الأصعدة، لم أقرأ أو أسمع عن مبادرة لوقف هذا الخطر، الذى يسعى باستمرار إلى الفرقة والتناحر والتكابر، بل وحول تعدد الآراء إلى أختلاف – تضاد -، بعد أن كان اختلاف- تنوع - يسهم ويساعد فى حل مشاكل المجتمع.

الآن.. الآن لابد من وقفة جادة نحاول بها إيقاف تلك النزيف الذى جعل الحصون مهددة من الداخل، وفى نظرى لا حل لهذا الإفلاس الأخلاقى، إلا النهوض العاجل بالمنظومة التربوية التعليمية، حتى نبنى جيلاً جديداً يمرن أذنيه منذ وعى على احتواء الرأى الآخر.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة