"اليوم السابع" مع الغارمين بعد خروجهم من السجن.. "عاطف": سجنت 15 عاما بسبب تليفزيون ..و"أم محمد": "تنقطع يدى قبل توقيعى على شيك مرة ثانية"..و"مصر الخير" تعيد الحياة لـ10 آلاف أسرة

بمجرد أن تنظر إلى وجوههم تشعر بأنهم مواطنون من كوكب آخر، فالفقر وقلة الحيلة جعلهم يشعرون أنهم غرباء عن المجتمع، وأن الحكومة لا تعرف عنهم شيئا، خاصة بعدما تعرضت أسرهم للتشرد بعد دخول عائل الأسرة للسجن بسبب مديونياتهم من أجل لقمة العيش وتوفير حياة كريمة لأولادهم والتى قد تكون أدنى حقوق المواطنين التى نصت عليها الاتفاقيات والمواثيق الدولية.

الفقر والبؤس رسما طريقهما على وجوه آلاف من المواطنين بعدما ضاقت بهم السبل فى توفير حياه كريمة لأولادهم، مما اضطرهم إلى الاقتراض من أجل شراء بعض الأجهزة الكهربائية وتجهيز فتياتهم بالتقسيط، واضطرارهم إلى التوقيع على شيكات على بياض ودخولهم السجن بسبب عدم تمكنهم فى سداد مديونياتهم واستغلال أصحاب الشيكات أزمتهم المالية وهو ما جعل الغالبية العظمى منهم لا يعرفون أعمارهم وكل ما يدركونه عن حياتهم هو أنهم يعيشون فى المجتمع من أجل تربية أولادهم فقط.

"اليوم السابع" التقى العديد من الأسر التى تعرضت للتشرد بسبب مديونياتهم بعدما تعرض عائل الأسرة للسجن بسبب كثرة ديونه، وتوقيعهم على شيكات على بياض واستغلال أصحاب الشيكات فى دخولهم السجن حتى قامت مؤسسة "مصر الخير" برئاسة الدكتور على جمعة مفتى الجمهورية بالمساهمة فى خروج أكثر من 10 آلاف غارم من السجون بعد سداد مديونياتهم، إضافة إلى إقامة بعض المشروعات الصغيرة لعائل الأسرة مثل محلات البقالة وورش تصنيع أحذية وتوريسيكلات لتوصيل البضاعة، وذلك لتحويل الأسرة الفقيرة والأشد احتياجا إلى أسر منتجة تعتمد على نفسها.

"لم أكن أتوقع أن تعود لى الحياة بعدما تعرضت للسجن لمده 15 عاما بسبب ديونى" هذه الكلمات جسدت معاناة عاطف أمين السيد، من مدينة بنها وأحد الغارمين الذين خرجوا من السجون بعد سداد مديونياتهم، وأن كل جريمته، هو أنه قام بشراء تليفزيون وبعض الأجهزة الكهربائية، لأسرته المكونة من 9 أفراد بمبلغ 4 آلاف جنيه، حيث قام بالتوقيع على العديد من الشيكات على بياض حتى فوجئ أن المبلغ تحول إلى 50 ألف جنيه، ودخوله السجن بأحكام تصل عقوبتها إلى 15 عاما، حتى قامت مؤسسة مصر الخير بالتفاوض مع الدائن وخروجه من السجن، إضافة إلى إنشاء سوبر ماركت له بالمجان، لبيع المواد الغذائية، ولتحسين مستوى معيشته، مطالبا الدكتور محمد مرسى، رئيس الجمهورية بضرورة رفع المعاناة عن الأسر الفقيرة وتوفير فرص العمل.

"أيام سوداء شاهدتها بعينى عندما شعرت بالعجز عن توفير لقمة العيش لأولادى، خاصة بعدما جلست طوال سبعه أعوام بدون عمل، مما جعلنى اقترض مبلغ ثلاثة آلاف جنيه من إحدى المؤسسات" هكذا تحدث إبراهيم سيد أحمد من إمبابة وأحد الغارمين الذين تم فك كربهم لـ"اليوم السابع" مؤكدا أنه عندما تعثر عن سداد المبلغ فوجئ بحبسه عام دون أن يكون للأسرة عائل غيره ليقوم بتوفير احتياجاتها اليومية من طعام وملابس حتى تم الإفراج عنه بعد سداد مديونياته من قبل مؤسسة مصر الخير.

لم يختلف حال "أم محمد" عن الحالات السابقة، حيث أكدت أنها تعول أسرة مكونة من أربعة أفراد، وبعد وفاة زوجها عائل الأسرة قامت بالعمل فى مجال التجارة وشراء الملابس بالتقسيط وبشيكات على بياض إلا أنها تعرضت لمحنة خلال أحداث الثورة وقام صاحب الشيكات بحبسها بعد كتابة مبالغ مالية كبيرة فى الشيكات ودخولها السجن أربعه سنوات "قائلة ينقطع إيدى قبل توقيعى على شيكات على بياض مرة ثانية".

سهير عوض، مدير مشروع الغارمين بمؤسسة "مصر الخير" أكدت أنه تم التنسيق مع وزارة الداخلية للتعرف على المسجونين من الغارمين لمساعدتهم بعد التأكد من أنهم تعرضوا للسجن بسبب إقبالهم على شراء متطلبات الحياة، من أجهزة كهربائية لاستمتاع أولادهم بها، حيت يتم الاستعانة بالمحامين المتخصصين وإجراء التفاوض مع الدائنين من أجل المصالحة والمساهمة فى خروج الغارمين من السجون، حيث قامت مؤسسة مصر الخير بدفع مديونيات 10 آلاف غارم حتى الآن وخروجهم من السجن وإعادتهم للحياة مرة أخرى بعدما ضاقت به جميع الطرق فى توفير لقمة العيش لأولادهم، إضافة إلى تخصيص بعض المشروعات الصغيرة لهم للإنفاق على أسرهم.

وأضافت مديرة مشروع الغارمين، أن هناك بعض أصحاب المحلات التجارية يستغلون أمية الكثير من الأشخاص وظروفهم الاقتصادية السيئة، فى التوقيع على الشيكات دون تحديد قيمة المبلغ المستحق عليهم، الأمر الذى يعرضهم لدخول السجن.