على رمضان يكتب: ولدى الكبير

الإثنين، 02 يوليو 2012 12:19 ص
على رمضان يكتب: ولدى الكبير علم مصر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ترددت كثيراً قبل أن أرسل لك رسالتى هذه، فقد أرسلت مثيلاتها لأخوتك من قبل ولم يعيرونى اهتمامهم، بل ولم يستجيبوا لأى طلب مما جاء فيها، بل لعلك لا تصدق يا ولدى أنهم لم يردوا على رسالتى ولو بقصاصة ورق صغيرة، وأنت تشهد كم حرمت نفسى من متاع الدنيا وأعطيتهم، وتنازلت عن رغيفى كله لأطعمهم، وملكت ثوبا واحدا لأوفر لهم أزهى الثياب تراهم به الأعين، والأكثر من ذلك عشت عمرى عليلة بلا طبيب يزورنى ولا دواء يشفينى، كل ذلك لتكونوا رجالاً أفخر بكم..

الآن – يا ولدى – وقد أصبحت كبير العائلة وراعيها فكرت أن أجرب وأرسل لك رسالتى ربما كنت أنت الوفى منهم لأمه ويصدق فيك عنائى وترد لى كرامتى..
نعم كرامتى التى أهدرت وتبعثرت.. وشرفى الذى تلطخ وعلاه الغبار.. بفعل أخوتك الذين سبقوك..

أصبحت أمك جائعة لا تجد رغيف خبز يسد رمقها.. عطشى ليس لديها شربة ماء نظيفة.. عليلة فلا دواء يشفيها بعدما صار الدواء لا يشفى فقد وضعوا لنا فيه السم بدلا من الترياق.. ولما أغشى علىّ أرادوا نقل دم فاسد يخلطونه بدمى.. حتى الجنيهات القليلة التى كنت أربحها من بيع الخضار على قارعة الطريق، كان يقتسمها معى بلطجى السوق، وبلطجى البلدية، وبلطجى الحى، ومحصل الكهرباء والنظافة، وصاحب الغرفة الحقيرة فى الحى العشوائى الذى أسكنه، فلا يبقى لى يا ولدى سوى قروش قليلة أخذتها أنت وأخوتك فى تعليمكم وثيابكم ومعيشتكم، صرتم بها رجالا تسدون عين الشمس..
كم فرحت بكم لما كبرتم، وازدادت فرحتى حين علمت أنكم ستسددون شيئاً من ديون أمكم التى تدينون لها بها..

وكم كانت صدمتى كبيرة، حين داسنى أخوتك بأقدامهم، نعم داسونى وحبسونى وركلونى فى كل موضع من جسدى العجوز الضعيف، وكمموا فمى، وألقوا القمامة فى غرفتى لأختنق، وسرقوا القروش القليلة التى خبأتها أسفل الباب لأشترى بها كفنى، وأغرقوا عبّارة بالبحر كانت بها خالتك عائدة من زيارة البيت الكريم، كانت قد وعدتنى بسجادة صلاة من عند قبر الحبيب، وأحرقوا قطارا كان فيه جدك بعد زيارة يتيمة لنا وعاد للصعيد جثة محترقة ولازال صراخ أهلك يدوى فى أذنى، وأرسلت لهم من يرقق قلبهم، فأخبرونى أنهم يسكنون فى بلد بعيدا، بشواطئ المرح فلا يريدون من يزعجهم ويقلق بالهم..

وسمعت يا ولدى بأن الناس ثاروا وأحرقوا بيوتهم وشيدوا القضبان حولهم..
أنا لست نادمة بل هم الآن نادمون، كم نصحتهم ألا يقعوا على فريسة غيرهم، وأن يحبوا الناس فيحبونهم، وألا يفرحوا لمصائب الناس بل يعيشوا هذه المصائب ولا ينال منهم النوم حتى يرفعوها عنهم، فيسكنوا قلوب الناس ولا يغادروها، كم نصحتهم ألا يفرحوا بتصفيق الأغنياء لهم، وألا يظنوا أن سلاح الفقير ضعيف، فسلاحه دعاء يزلزل الأرض والسماء، ولا تقبلوا المدح، فمن يقبل المدح يفقد الهمة، ولا تملوا من قال الحق، فلا يمله إلا ذو قلب مريض وضمير غائب، ولا تحيطوا أنفسكم بحواريى السوء ولو كانوا خدماً تحت أقدامكم، وكونوا تحت أقدام من اختاروكم لا فوق أعناقهم، ومن عدل أمن، ومن ظلم لا يجنى إلا الخوف والرعب، وإن كان لكم جنود من البشر فجنود الديّان خزى وعار فى المحيا والممات، واعلموا أنه إذا كان اليوم لكم فالسنون القادمة عليكم...
لم يسمعوا – ياولدى – كلامى ولم يجيبوا ندائى..
ولدى الكبير..
أرجوك.. أنا لا أريد منك إحساناً ولكن فقط أريدك أن تخبرنى.. هل وصلتك رسالتى...!!

أمك: مصر





مشاركة




التعليقات 2

عدد الردود 0

بواسطة:

محمود عابد

رد الجميل

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد نجيب

امين يا سميع يا مجيب

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة