لم يهتم النظام السابق بالحياة الاجتماعية للمواطنين، ولم يكن ينظر إلى احتياجاتهم ومشكلاتهم الاجتماعية، حتى أدى ذلك إلى تفشى الأمراض والأوبئة ذات الأبعاد الاجتماعية فى المجتمع منها الطلاق المبكر والتفكك الأسرى وخلل منظومة القيم الاجتماعية والعنف وأطفال الشوارع والتحرش الجنسى وغيرها، ومن المؤكد أنه لن تتحقق التنمية الشاملة إلا إذا تم علاج المجتمع من تلك الأمراض والأوبئة التى انتشرت فى جسده وتحصينه ببرامج اجتماعية وقائية، ثم بعد ذلك نستطيع الانطلاق نحو التنمية الشاملة، ولا يمكن إنكار وجود بعض الجهود لكنها للأسف مبعثرة لا يوجد بينها تنسيق، لذلك لا يشعر المواطن بها على أرض الواقع، كما وأن وزارة الشئون الاجتماعية لم تقم بدور فعال فى تحسين الحياة الاجتماعية للمواطنين على مدار العقود الماضية.
بالإضافة إلى حال منظومة القيم الاجتماعية فى مصر التى تحتاج إلى علاج ما حدث بها من تشوهات، فنحن الآن فى أحوج الحالات لتنمية قيم التعاون والتسامح والتقبل وغيرها، وكذلك مصر فى حاجة إلى متخصصين فى تعديل الاتجاهات والسلوكيات السلبية، وعلى ذلك أتساءل متى سنهتم بالحياة الاجتماعية للمواطنين؟ ومتى نتقدم فى هذا الميدان كالدول المتقدمة؟ ومتى يكون للرئيس مستشار اجتماعى؟ ومتى تنشط وزارة الشئون الاجتماعية وتؤدى دورها بفاعلية؟ ومتى سنتخلص من الأوبئة الاجتماعية التى انتشرت فى المجتمع؟ لذا يمكن التأكيد على أننا بحاجة إلى تنظيم العمل الاجتماعى من خلال خطوات جادة لتحقيق النهضة الاجتماعية التى تعد بمثابة السبيل لتحقيق التنمية الشاملة لمصر، من تلك الخطوات تقديم كل الدعم والعون للأخصائيين الاجتماعيين وتنمية قدراتهم ومهاراتهم وإزاحة العقبات من أمامهم لينطلقوا بالعمل لصالح المجتمع كل فى مجاله، وكذلك إعادة هيكلة وزارة للشئون الاجتماعية وتعديل سياساتها وأساليبها وأهدافها ليقودها خبراء متخصصين فى العمل الاجتماعى ليحققوا تنمية اجتماعية حقيقية فى المجتمع، وليعملوا على تنظيم الحياة الاجتماعية للمواطنين.
ومن الضرورى استحداث جهاز قومى تكون وظيفته التنسيق بين الوزارة وجميع المؤسسات الاجتماعية الأهلية وكذلك مؤسسات تعليم الخدمة الاجتماعية والمركز القومى للبحوث الاجتماعية ونقابة المهن الاجتماعية ليعملوا معاً فى مشروعات قومية لتحقيق النهضة الاجتماعية المطلوبة بدلاً من الجهود المبعثرة هنا وهناك، ومن المفيد إنشاء مؤسسات خدمات اجتماعية تكون تابعة لكليات ومعاهد الخدمة الاجتماعية يشرف عليها الأساتذة ويمارس العمل بها المدرسون والمدرسون المساعدون والمعيدون، وذلك لتكون منارات تشع الإصلاح والسلام الاجتماعى فى كل محافظات مصر ولتهتم بالقضايا الاجتماعية للمواطنين على غرار المستشفيات الجامعية التابعة لكليات الطب ووحدات الإنتاج التابعة لكليات الزراعة، كما أنه من الضرورى أن يتبنى الرئيس الملف الاجتماعى ويشمله برعايته، لأن مصر لن تتقدم بإنشاء المصانع وزيادة المرتبات فقط بل لابد من الاهتمام بإعادة بناء وتنمية شخصية الإنسان المصرى، وكذلك البناء الاجتماعى للمجتمع ككل حتى نحقق التنمية المنشودة.
