قصة حياة اختزلها الفلاح البسيط فى كلمة قصيرة ولكنها معبرة إلى حد كبير "الناس فى الفلاحين يا أستاذ عايشين، عايشين وخلاص، الراجل من دول ينزل من داره من الفجرية يعزق ويفلح فى القيراط ولا القيراطين اللى حيلته لحد ما حيله يتقطع، ويستلف من خلق الله عشان يصرف على زرعته ويتهان ويتبهدل فى الجمعية الزراعية عشان يتحصل على شوية الكيماوى اللى غيره بيتحصل على أضعافهم وهو قاعد فى دواره عشان بيدفع مراضيات للكل هناك، وفى الآخر وبعد ما يسد الدين اللى عليه وتحسبها هتلاقيه يادوبك بيجيب حق الرغيف الحاف وشوية الرز اللى من غير لحمة، إحنا يا بيه هنا فلاحين كل همنا نراعى أرضنا ونربى عيالنا ونجوزهم جوازة مرتاحة عشان ما يشوفوش اللى إحنا شفناه، بنصحى الفجر وبنام من العشا، مش فرحانين بس بنضحك كتير، وساعة ما الحزن بيخبط على بابنا ما بنصدق، بنصوت ونندب ونتمرمغ فى الأرض وكأننا كنا مستنيين فرصة نطلعوا فيها القهر والذل اللى جوانا حتى لو كانت الفرصة دى موت حد مننا، إحنا مبناكلش عشان نشبع عشان احنا معندناش اللى يشبعنا، إحنا بناكل عشان نقدر نصلب طولنا عشان إحنا لما بنعيا ونرقد فى بيوتنا مبنلاقيش اللى يعالجنا، ولو روحنا الوحدة الصحية نتعالج الدكاترة بيعاملونا كأننا بهايم جايين من ذريبة، بس هما مظلومين ميعرفوش طباعنا ولا لغوتنا وبيسخروا منها كمان وبعدين دول بيجولنا من البندر غصب وتكدير هتنتظر منهم إيه بقا؟
قليل مننا يا أستاذ اللى دخلوا أقسام شرطة عشان إحنا فى حالنا واللى فينا مكفينا وعشان كده منعرفش حاجة عن التعذيب اللى بيحصل فيها اللى بتقوله عليه، ويمكن عندكوا فى البندر بتتعذبوا فى الأقسام وإحنا لا عشان هما عارفين أننا متعذبين بره أكتر
إحنا فلاحين وفى حالنا ولا كان لينا دعوة بمبارك ولا مرسى هيفيدنا بحاجة، عارف ليه؟
عشان المشكلة مش فى الراس والوشوش اللى اتغيرت على وش القفص بس، المشكلة فى نص القفص وقعره، يعنى بالمختصر المفيد الموظف اللى كان بيرتشى لسه بيرتشى، والدكتور اللى كان بيعاملنا زى البهايم لسه بيعاملنا زى البهايم، والراجل المقتدر اللى كان بيدفع عشان الكيماوى يروحله لحد الدولر لسه بيدفع ولسه الكيماوى بيروحله لحد الدوار.
يا بيه الشباب اللى ماتوا فى الثورة عشان احنا نعيش كانوا غلطانين، كان لازم يحسبوها صح ويعرفوا أننا أساسا ميتين بس على وش الأرض وعمرنا مهنعرف نعيش.
الخلاصة يا بيه متفكروش فى الفلاحين ولا تشغلوا دماغكوا بيهم ولا فى الهم اللى هما فيه لأن الفلاحين مش محتاجين ثورة عشان حالهم ينصلح، الفلاحين محتاجين يوم القيامة عشان ربنا هو اللى هيعرف يحيب لهم حقهم ويكافئهم على اللى شافوه.
لم تكن هذه رسالة شخص بعينه وإنما هذا ماقرأته فى أعين هؤلاء المهمشين، الذين يتم إقصاؤهم بفعل فاعل، ومن المحتمل أكون سهوت عن بعض المشاكل والمآسى التى يعانى منها الفلاحون ولكن من المؤكد أننى لم أبالغ فى حجم المأساة التى يعيشها هؤلاء، ودعونى أؤكد لكم للمرة المليون أن الفلاحين هم مفتاح الحياة فى مصر فإذا استمرينا فى إقصائهم لن نكون أفضل مما كان.
