الوجود فى الملاعب الأوروبية كان حلمه وهو صغير.. رأى نفسه وهو ينشد الأغانى مع ألمع النجوم هناك.. يا ابنى أنت أصلا ولا بتلعب كورة ولا أنت أوروبى إزاى هتحقق حلمك المستحيل، هذا الحديث كان حوارا صغيرا عمره يزيد عن خمسة عشر عاما من الآن بين الطفل أحمد نبيل الجارحى الذى أصبح الآن أول ممثل لمصر وأفريقيا فى تنظيم كأس أمم أوروبا وبين أصدقائه فى المدرسة حين كان يخبرهم عن حلمه الذى عاش من أجله واستطاع تحقيقه.
حلم أحمد بدأ مستحيلا فهو لم يكن يحلم بأن يكون متفرجا أو مشاهدا للمباريات بل كان يجذبه وقوف نجوم أوروبا فى وسط الملعب وهم ينشدون الأغانى وسط تصفيق وغناء الجماهير وتتابعهم العيون والكاميرات فى كل مكان بالعالم، ولكن كيف يمكن لمصرى أفريقى أن يشارك فى بطولة أمم أوروبا هنا كانت تبدو المشكلة؟ ويقول "أخبرتهم أننى أريد الوقوف بجانب اللاعبين وأغنى معهم وكنت أعنيها ومن وقتها وأنا أعمل حتى أحقق هذا الحلم".
بطولة كأس الأمم الأوروبية يشارك فى تنظيمها كل دورة 3800 شخص يتم اختيارهم بعناية بالغة من بين أفضل شباب أوروبا –هكذا جرت العادة على مر السنين - ولكن مع انتهاء دورة 2008 أعلنت اللجنة المنظمة عبر موقعها الإلكترونى أنها ستفتح الباب لجميع القارات للمشاركة فى التنظيم لإضفاء صبغة دولية على البطولة وتقدم بالفعل آلاف الشباب من جميع أنحاء العالم وتقدم من أفريقيا 1900 شاب للمشاركة فى التنظيم، كان أحمد هو الوحيد المقبول منهم.
أحمد 27 عاما كان يتابع الموقع منذ طفولته بحثا عن فرصة ليكون بلغة الكرة هو أول مصرى وأفريقى يتأهل لكأس الأمم الأوروبية، وعلى الرغم من أن مصر تفشل دائما أن تكون واحدة من ضمن الخمسة ممثلين لأفريقيا فى كأس العالم فأحمد استطاع الوصول إلى ما هو أصعب على أرض الواقع وهو أن يكون ممثل أفريقيا فى كأس أمم أوروبا ويقول "لم أصدق حين رأيت الخبر وبدأت أكثف جهودى حتى أكون وسط الحدث منذ 2008 وأنا أعيش لهذا الحدث فقط وبدأت أركز على الطلبات التى حددوها وأنميها بشكل أكبر حتى أنجح فى الاختبار".
إنجليزى، وألمانى، وفرنساوى، وإيطالى، وبعض الإسبانى.. هى اللغات التى تعلمها الشاب المصرى أثناء رحلته لتحطيم المستحيل وتمثيل مصر فى قارة لا تنتمى لها من الأساس حيث كان هذا الحلم هو دافعه الذى وضعه الآن كأحد الأساتذة لمعلمين التنمية البشرية بوزارة الاتصالات المصرية وهو عمره لا يتجاوز السبعة وعشرين عاما والوحيد فى العالم الذى استدعاه مكتب الأمم المتحدة فى أسبانيا ثلاثة أعوام على التوالى ليكون واحدا من المشاركين فى تدريب خمسمائة شخص من مائة واثنى عشر دولة حول العالم فى مجال التنمية البشرية يقول "عمرى ما بطلت أحلم حلمى، وعمرى ما بطلت أحاول، كنت بشوف هما محتاجين إيه وأتعلمه".
"كل ما وصلت له حتى الآن كنت أصل له وأنا عينى على حلمى الكبير ولذلك كنت أركز على تنمية نفسى وعلى السفر كثيرا والتعامل مع أناس جدد وتدريبهم والتفوق عليهم وأتعلم اللغات حتى أستطيع النجاح" قالها أحمد بحماس قبل أن ينتقل بقصته لداخل الملاعب الأوروبية.
تنظيم، ومهارة، ومشجعون، وثقافة وفن.. جميعها أشياء أبهرت العالم طوال رحلة يورو 2012 ولكن أحمد شاهد الانبهار مضاعف مرة كأحد المنظمين فيه ومرة أخرى كأحد المشجعين ويقول "على الرغم من أننى عشت أحلم بالمشاركة فى اليورو طوال عمرى إلى أننى حينما شاركت وجدت ما فاق جميع أحلامى".
الدخول والخروج للملعب بشكل كامل فى ثلاث دقائق من خلال 73 بوابة، وبجانب الإستاد ملتقى المشجعين الذى يفوق الإستاد جمالا ويمتلئ بالحفلات وكبار مغنيين العالم، وإصدار 57 ألف بطاقة تعريف من المركز الذى كان أحد المسئولين عنه دون خطأ واحد، والتنافس بين بنات أوكرانيا التى كان يتواجد بها ونظائرهم من الإسبانيات والبرتغاليات وجميلات أوروبا، وأكبر مسيرة باللون البرتقالى من تنظيم الجمهور الهولندى، كانت هذه هى بعض أجواء البطولة التى تعد الثانية من حيث الأهمية فى عالم كرة القدم والتى ظل أحمد يحكى عنها قصص تكفى لتملأ كتاب كامل.
حملة Respect التى أطلقها الاتحاد الأوروبى لاحترام المنافسين ومواجهة العنصرية كانت هى بوابة الشاب الضيقة لتحقيق حلمه بعد أن وصل إلى المشاركة فى تنظيم البطولة ليحقق حلمه فى الوصول إلى قلب الملاعب الأوروبية وأتت صعوبتها أن اختيار من يحملون علمها فى المباريات كان يخضع لقوانين صارمة حيث كانوا عشرات فقط هم ممن اختيروا لحمل هذا العلم من أصل آلاف المشاركين فى التنظيم ويقول "فى أوكرانيا كان معظم الاختيار للأوكرانيين وعلى سبيل المثال حينما تم اختيارى فى مباراة إسبانيا والبرتغال لحمل العلم كنت أنا الوحيد من خارج أوكرانيا مع سبعة منظمين جميعهم من أصحاب البلد".
فجأة وجدت نفسى أقف حاملا علم الحملة ما بين كرستيانو رونالدو أشهر لاعبين العالم والحارس الإسبانى العظيم كاسياس، وأغنى معهم الأناشيد الوطنية.. يقول أحمد عن لحظة تحقيق حلمه الذى كان خطوة كبيرة بينه وبين هزيمة المستحيل من وجهه نظرة، وأضاف بدأت أتذكر كل ما تخطيته وكيف كنت متأكدا أننى سأقف هنا رغم كل شىء وفجأة وجدت نفسى أبكى قبل أن أخرج وأجد أصدقائى يتصلون بى ويخبروننى أنهم شاهدونى بجوار نجوم العالم وأننى كنت على حق.
على الرغم من وجود لاعبين كثر فى البطولة الأوروبية ينتمون إلى أصول أفريقية فأحمد أصبح هو الأفريقى الوحيد الذى يشارك فى البطولة حاملا اسم بلاده بل كان واحدا أيضا ممن اختيروا لإلقاء كلمة فى ختام حفل المنظمين ويقول "شعرت أننى حققت ما أريد لبلدى حينما جاءت لى سيدة بعد الخطاب تقول لى إنها طوال البطولة تعتقد أننى إسبانى سألتها والآن ماذا بعد اكتشافك أننى مصرى؟ قالت لى لم أكن أعرف أن مصر كذلك".
الكرة التى كان والد أحمد دائما ما يخبره أنها ستذهب بمستقبله إلى الضياع على الرغم من ذكائه أصبحت الآن هى السبب الرئيسى فى كل نجاح وصل له ويقول "كنت دائما أخبر من أدربهم أن حلمهم لو لم يسخر منه الجميع لا يمكن أن يصبح حلما".
بالتأكيد من الصعوبة بعد تحقيق هذا الحلم أن تحلم حلما جديدا فأحمد عاش طوال حياته من أجل حلم واحد والآن هذا الحلم قد تحقق فهل توجد خطوة جديدة.. يقول أحمد وهو يبتسم ابتسامه يتذكر بها السخرية القديمة، وبلهجة تملأها نفس الثقة القديمة فى تحقيق الحلم الجديد "أحلم الآن أن أصبح أصغر رئيس وزراء فى تاريخ مصر".
"الجارحى" المصرى الوحيد الذى مثل أفريقيا فى اليورو بعد عبور المستحيل
الأربعاء، 18 يوليو 2012 02:52 ص
أحمد نبيل الجارحى
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
عاطف حمادة
التعليق تحت
برافوا يا احمد يا فرحة امك بيك
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد
يا سلام عليكى يا مصر
عدد الردود 0
بواسطة:
khaled elwazan
ربنا يجميك ويوفقك
والى الامام دئما ان شاء الله
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد نجم الدين
حقيقى شخصية مشرفة لكل مصرى ألف مبروك مع كل ألأمنيات لك بالتوفيق لماذا لايكون عضو مجلس ادار
عدد الردود 0
بواسطة:
hassan salah
الطموح والتحدى
عدد الردود 0
بواسطة:
Wael
Proud to know you :)