لم يكن أحد يتصور منذ عشر سنوات وبالتحديد بعد أحداث سبتمبر 2001 وبعد سقوط برج التجارة العالمى بواشنطن وتحول الصورة الذهنية عن الإسلام والمسلمين إلى كادر الإرهاب والإرهابيين فى العالم..لم يكن أحد يتصور أبداً أن تتحول أمريكا من العدو الأول للأصوليين كما يحلو للإعلام الغربى أن يسمى قوى الإسلام السياسى إلى العاشق الأول والداعم الأول والمشجع الأوحد والأقوى، لم يكن أحد من البيت الأبيض أو الكونجرس يتخيل وقتها أنه سيأتى وقت تهرع فيه وزير الخارجية الأمريكية هيلارى كلينتون إلى القاهرة لتدعم رئيسا يمثل الإخوان المسلمين وتقف فى مواجهة المجلس العسكرى لتطالب بعودة برلمان أغلبيته إسلاميون أصوليون وفى جبروت واستفزاز للمصريين تتجاهل حكم المحكمة الدستورية العليا ولا تلتفت لكلمة القضاء التى هى عندهم فوق الجميع وقبل أى شىء..إذن وكما قال روبرت فيسك: الإخوان يعيشون أول شهر عسل مع الأمريكان لم يحلم به حسن البنا أو أولاده، ولم يتصور القادة الأول للجماعة أنه سيأتى يوم تدعمهم فيه أكبر قوة على الأرض، لذلك فمن يريد الحج الآن للبيت الأبيض لابد أن يمر بالمقطم ومن يريد أن يمر بالمقطم لابد أن يبلغ قصر الاتحادية أو يؤدى العمرة هنا والحج هناك مسألة لا يتخيلها عقل، ولم يتوقعها أكبر كتاب السيناريو السياسى فى المنطقة فالليبراليون والحالمون بمدنية الدولة والذين راهنوا أن الغرب سينتصر للديمقراطية وتداول السلطة لأن فيها كسرا لشوكة الإسلام السياسى راهنوا على الخسارة، فالأمريكان أكثر وأسرع وأقدر على قطف ثمار ثورات الربيع العربى وأكثر وأسرع وأقدر على تحويل الغضب المصرى إلى قنوات اتصال مع الإخوان والسلفيين وأنابيب تفاوض وتوافق مع إسرائيل وبالتالى إغلاق وتجفيف بحيرات ومنابع الإرهاب الذى يهدد سلام وأمان الغرب بقيادة أمريكا. إذن فأمريكا تعلم ماذا تريد وزيارات مسؤوليها لمصر تباعاً تحمل رسالة واحدة أن نظرية خيرت الشاطر فى «تستيف المسائل» وترتيب البيت من الداخل هى الأولى أن تتبع وتطبق فى مؤسسة الرئاسة، خيرت يحمل الريموت كنترول ويتحرك فى الكواليس وباقى القوى السياسية تتكعبل فى ظلها وخطاها وتتعارك على من يحمل لواء المعارضة للإخوان حتى فى موقع المعارضة يتعاركون. وفى الحديقة الخلفية للمنظر يتقدم السلفيون ويأكلون لحم الأزهر الشريف ذى الألف عام ويعبثون بمصير الأمة والمصريين جميعاً ينزعون من وجه مصر الحضارى أجمل ما فيه وهو وسطيته ويغطون تمثال نهضة مصر والفلاحة المصرية الشامخة لمختار بالإسدال الوهابى والتطرف الفقهى القادم من الجزيرة العربية..السلفيون يخطفون مصر والإخوان يتركونهم فى اتفاق شبه ضمنى..
والمحصلة أن أمريكا طورت خطفها لمصر من الانبطاح فى عهد المخلوع مبارك لصالح فئة من رجال الأعمال إلى الانبطاح تحت جناح الإسلاميين لصالح فئة من الشيوخ وقيادات الإخوان والسلفيين ورجال أعمالهم أيضاً وكلاهما يخطفنا ويبلعنا ويسرقنا تارة باسم الحرية والديمقراطية وأخرى باسم الدين وأيضاً الحرية والعدالة.. والله أعلم متى يتم عتقنا من هؤلاء وأولئك ندعو الله فى رمضان أن يتم عتقنا آمين.!!
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد سعيد
لا للتخوين