يقلقنى كما يقلق كثير من المصريين، تعميم العرض السطحى لمفاهيم "التجربة الإسلامية"، والذى يتم تسويقه سياسياً وإعلامياً من بعض قيادات تيار الإسلام السياسى، بإجمال مخل أو عرض سطحى، لا يليق بمقاصد الدين الحنيف وأولوياته الفقهية، ولا بعراقة الدولة المصرية، ولا يرضى طموحات مجتمعها التعددي.
ففى اليوم الذى قتل فيه شاب فى السويس على يد متطرفين، أو مأجورين يتسترون بالإسلام، جمعنى حوار على إحدى الفضائيات، ببرلمانى له دور قيادى فى أحد الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية، أعرب فيه عن قلقه العميق من المخطط الدءوب؛ لإفشال ما وصفه "بالتجربة الإسلامية"، التى تصبوا إلى نجاحها تيارات الإسلام السياسى فى مصر.
وعندما تلقف المحاور الماهر ذلك الخيط، بسؤاله للسياسى والبرلمانى السابق، عما يعنى بالتجربة الإسلامية، أمام الملايين من المشاهدين داخل مصر وخارجها، جاءت الأمثلة الشارحة على لسان السياسى لتصوره عن التجربة الإسلامية، متخذة منحى ينفصل عن واقع الأحداث، ولم يسع لإحلال الثقة مكان الخوف فى قلوب المعارضين، فإذا به يتحدث عن أولوية استبعاد مشاهد "البوى فريند" الذى يقدم لصديقته هدية فى الأفلام والمسلسلات!، ولا يتحدث عن خطة لإحلال السلام الاجتماعى.
وتوالت الأمثلة التى تمثل قشور التجربة، ولم يتعرض بأى حال لأهدافها القيمية الأساسية.
ومما زاد الخطاب تعقيدا أنه أعرب عن طموحه فى أن يتم (تصدير) تلك التجربة إلى خارج مصر مستقبلاَ.
وأتساءل: هل يصح البدء بأمثلة سطحية ضحلة، لعرض أولويات ما تصبو إليه التجربة الإسلامية؟
وهل يليق الترويج للتجربة الإسلامية أمام الملايين من المشاهدين فى شتى بقاع الأرض بتلك السطحية؟
وهل يجوز الحديث عن تصدير قيم التجربة الإسلامية، قبل أن ينجح تيار الإسلامى السياسى، فى تصديرها أولاَ إلى أطياف المجتمع التعددى المصرى؟
أجد نفسى فى هذا السياق ملزماً بتوجيه النصيحة المخلصة الحريصة، إلى كل قيادات الأحزاب ذات المرجعية الدينية، وإلى مستشارى الرئيس محمد مرسى لشئون الإعلام، راجياَ منهم عند التعرض بالشرح لما يعرف بأهداف وأطر التجربة الإسلامية، أن يلتزموا فى خطابهم المجتمعى بوضع النقاط العشرة التالية نصب أعينهم فى خطابهم الإعلامى:
* تهدف التجربة إلى تنفيذ آليات مشروع النهضة، ذى البعد الإسلامى القيمى، الذى ألزمت به نفسها الأغلبية البرلمانية، لخلق فرص العمل، ومكافحة البطالة ورفع المعاناة عن كاهل الفقراء، ورد كرامتهم إليهم والتعاون مع كافة الأحزاب على تفعيل التواد والتراحم والإخوة الإنسانية فى الإسلام بين المصريين كافة.
* تدريب الكوادر فى كافة قطاعات الدولة على يد أكفأ خبراء البلاد، على إتقان التعامل بالأساليب القيمية الإسلامية والمسيحية، الضامنة للتفانى فى تسهيل حاجات المواطنين والتحلى بصفات الرحمة والرقى فى المعاملة مع الجمهور، من دافعى الضرائب، وإدراك قيمة الوقت فى حياة مجتمع عصرى حديث.
* مكافحة الرشوة والفساد برفع الرواتب، بما يليق بالمعيشة الكريمة للمصرين كافة، والضرب بقبضة القوانين والعدالة على من تسول له نفسه الإضرار بالمطالب الأساسية للثورة، أو الالتفاف عليها.
* تسعى مؤسسة الرئاسة، بالتعاون مع كافة الأحزاب والتيارات المجتمعية، للتشارك فى خطة ذات إطار زمنى معلن، للعمل بكافة السبل الدستورية، على ضبط ووضع آليات ممنهجة لترشيد الخطاب الدينى الإسلامى والمسيحى، وضبط السلوكيات المخالفة للآداب الشرعية المجمع عليها من أهل السنة والجماعة فى مجال الدعوة الإسلامية، ومكافحة التطرف الهدام والإرهاب الفكرى والنفسى والبدنى بكافة صوره، والحفاظ على السلام الاجتماعى.
• وضع موظفى السلطات التنفيذية فى مسئوليتهم الإنسانية فى الإعمار، ومكافحة سلوكيات الهدم بالتدريب والتطوير لنظم الرقابة الإدارية على الأداء.
* العمل على أن يكون المعيار الأول للتوظيف والترقى فى المناصب هو الكفاءة، وليس الولاء لفصيل، أو الثقة من جماعة
* التصدى بحزم للتمييز على أساس الجنس أو العرق أو اللون أو الدين، فى مجتمعنا التعددى مراعاة للمنظومة القيمية للديانات الإسلامية والمسيحية، وما جاء فى دستور المجتمع التعددى للمدينة المنورة، ووثيقة الأزهر الشريف، والتراث الإنسانى للحضارة المصرية الأم.
* العمل على نشر ثقافة احترام الاختلاف، وترسيخ منظومة الحقوق الإنسانية، وقيم التحضر فى مجتمع تعددي، ذى أغلبية تدين بالإسلام.
تلك هى بعض الأولويات الإطارية للتجربة، التى أرتضى أن توصف يوماَ "بالإسلامية".
ألا قد بلغت..اللهم فاشهد.
محمد جاد الله يكتب: إنهم يتحدثون عن التجربة "الإسلامية"
الثلاثاء، 17 يوليو 2012 05:00 م
صورة ارشيفية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد عبد العزيز
مقالك رائع و طلبك مجاب
عدد الردود 0
بواسطة:
ابو حذيفة
لم استطع الا الاتفاق معك