فى زمن عز فيه كل شىء حتى المشاعر الرقيقة، واختفت منه القلوب النقية الطاهرة وغابت عن الحياة فيه النفوس التقية الزاكية، وتلوثت الوجوه المتوضئة المؤمنة، وفى زمن طغت فيه المادة، وزادت فيه قيمة الأشياء، وتاههت معانى العدل والحب والخير والجمال، وصار الكل يلهث خلف متع زائفة زائلة كلما طلبها تسربلت من بين يديه، ليجد نفسه وسط جبال من المطالب والحاجات التى لا تنتهى، حتى فقد معنى وقيمة الحياة الحقيقى، وتاهت منه أهدافه السامية وسط متعه التى يبتكرها كل يوم بيديه، ليغرق أكثر وأكثر فى الدنيا ويتخيل أنها البداية والنهاية، وينسى أن الآخرة خير وأبقى.
وفى هذا الزمان العجيب عزت الدمعة، وقل البكاء، وزادت القلوب تحجرا، وأصبحت صماء لا تشعر، جوفاء كالبيت الخرب، خاوية على عروشها لا تجد من ساكنيها سوى الخيالات والأوهام والحدادى والغربان، وعندما نجد من بيننا رجالا نحسبهم على خير يؤمنون بالله، ويعرفون قيمة الحب والوجد والأنس والوحشة والرغبة والرهبة واليقين والإيمان الحق، يبكون بين يدى ربهم، ويقنتون له فى جوف الليل، وفى السراء والضراء، حتى رحمنا الله تعالى بدعوة منهم، نهزأ منهم ونسخر مما يفعلون.
وفى ليلة بكت أمى من قلبها، وذرفت دموعا بللت خديها، وسقطت فوق ملابسها، حاولت أن أخرجها من بكائها، وأوقف نهر دموعها الجارى، إلا أنها ازدادت بكاء، عزيزى القارئ بكت أمى وزوجتى بعدما رأوا الرئيس مرسى يبكى فى الكعبة المشرفة، وتذكروا دموعه بالجامع الأزهر، وتذكروا مواقفه الراقية الحانية الأبوية فى أكثر من موقف وأكثر من مكان، وتذكروا أن الذى يبكى هو رئيس الجمهورية، وليس الشيخ سيد النحاس أحد المؤمنين الراحلين من قريتنا، ومضرب الأمثال فى التقوى والزهد والنقاء.
ويبدو أن بكاء الرئيس محمد مرسى قد مس القلوب، فخرجت من بين صخرتين كانت تثقلها، فرقت وزال عنها درنها وبدأت مرحلة جديدة تحيا فيها وشعارها الإقبال على الله والدنيا زائلة زائفة.
ولكن هناك قلوبا صما، وأعينا غلفا، ونفوسا مريضة، وأجساد كأنها خشب مسندة، تكره الحب وتعشق الكرة، تمقت النور وتعشق الظلام الدامس، تحب أن تحيا وسط الضجيج، وتكره الدعة والهدوء والصفو والقرب فى سويعات من الليل بين يدى الرب، يكرهون كل ما يفعله الرئيس كرها فيه وفى الإخوان المسلمين، حتى ولو كان ما يفعله قربا لله، فهم يتمنون له الفشل، لأنهم فلول تعشق الفساد، وتريد أن تظل فيه.
وتجدهم يسخرون من بكاء الرئيس ويتضايقون من ضعفه لله وقوته فى الحق، لأنهم لا يعرفون قيمة السجدة ومتعة البكاء ونعمة الخشوع التى قيل عنها "لو علمها الملوك لقاتلونا عليها"، فإن يكون لنا رئيسا يبكى هذه من العجائب، وأن يكون لنا رئيسا يصلى فهذه بداية للسعادة التى حرمنا منها، وأن يكون لنا رئيسا يبكى فقد يكون الصلاح والخلاص والفلاح والنجاح على يديه "إن الله يزغ بالسلطان ما لا يزغ بالقرآن".
ولكن على عادة قوم نوح ولوط وفرعون كفار مكة وغيرهم كانوا يسخرون من المؤمنين، ويتضايقون من كل ما يفعلون، والنهاية كانت دائما النصر للمؤمنيين والصالحين والخزى والعار على الكافرين.
ولكن هؤلاء منا ونحن منهم مسلمون مثلنا، ومصريون على قدرنا، ولكنهم مع ذلك لا يريدون الخضوع للأمر الواقع، ومازالوا يعيشون فى زمن مبارك، يحلمون به ونسوا أن الشعب ثار واختار والقيادة لرجل مصرى مخلص مؤمن.
وعلى مر التاريخ الإسلامى كانت الكلمة تغيير القلوب الصماء وتخرج من بينها أنهار تجرى وتتدفق تحيى الأرض وتنبت الزرع، وها هم العرب الأجلاف صاروا جزوع نخل مثمرة وذكر ذلك بن القيم رحمه الله فى ذاد الميعاد أن البكاء أنواع فمنه بكاء الرحمة والرقة وبكاء الخوف والخشية، وبكاء المحبة والشوق، وبكاء الفرح والسرور وبكاء الجذع وبكاء الحزن وبكاء الضعف وبكاء النفاق وبكاء مستعار، ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم "سبعة يظلهم الله فى ظله يوم لا ظل إلا ظله ومنهم رجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه".
فهنيئا لنا برئيس يبكى وليخسأ المتوجسون والمتربصون والمستهزئون والذين يسخرون.
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد
اه ثم اه و الف اه
عدد الردود 0
بواسطة:
ابن الاسلام
جزاك الله خيرا
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد رجب على
رائع
احسنت والله
عدد الردود 0
بواسطة:
المحب
مقال رائع
عدد الردود 0
بواسطة:
منصور
جندالله هلموا
عدد الردود 0
بواسطة:
عابر سبيل
بارك الله فيك
عدد الردود 0
بواسطة:
حاتم سعد
الريس مرسي
عدد الردود 0
بواسطة:
أحمد عادل
مقال رائع
عدد الردود 0
بواسطة:
عبد اللة
هزا رئس موءمن
الرئس الخاشع للة الباكى ليس كمن كان يصلى منظرة
عدد الردود 0
بواسطة:
مصطفى عوض
معارضة على طريقة عكاشه