الملك المصرى أخناتون، الملك المتدين الزاهد العابد الذى أعطى ظهره لدنيا السلاطين والملوك والأبهة، وانزوى فى صومعته يعبد الآله الواحد "آتون" خالق الشمس هو الملك الوحيد من ملوك مصر القديمة الذى أظهرته لوحة تاريخية باكيا تتساقط دموعه على وجهه لوفاة إحدى بناته، قبلها وبعدها لم يعرف التاريخ المصرى إلا ملوكا حرصوا على إظهار صورهم ولوحاتهم وتماثيلهم فى أبهى صورة وأشيك منظر، بارزى العضلات متناسقى سمات الوجه، ترتسم البسمة فوق الوجه المشرق، وحديثا اهتم الرؤساء والزعماء بالظهور ناصعى المحيا، وببذلة مصنوعة فى بلدة فلان، وأحيانا بخطوط رقيقة مدون عليها اسم الرئيس، وبقماش من نوع علان، ورباط عنق ماركة نادرة، وحذاء لامع وارد بلاد كذا، والشعر لامع مصبوغ بلون الشباب، وممنوع تماما إصدار صور أخرى غير المعتمدة والمصرح بها.
يتذكر المرء ذلك حين يرى مشهد الرئيس مرسى باكيا فى حرم مكة المكرمة، وهى صورة هزت المشاعر، فها هو رئيس يملك ناصية الحكم فى بلد كبير، تهزه تلاوة كريمة لآيات حاسمة بتهديد لكل ظالم: وسكنتم فى مساكن الذين ظلموا..
هل يبكى الرئيس لأنه أحس بالظلم عندما تبادل القضاة الحكم عليه وعلى أولاده بالسجن ظلما ودون ذنب جنوه؟
أم يبكى ظلم إخوانه الذين صودرت أموالهم وأغلقت بيوتهم وبكاهم ذويهم لما علقوا فى المشانق ظلما وأعلنت الصحف الجائرة أنهم خونة مأجورين؟
أم يبكى الرئيس ظلم شباب حبس سنينا وأعواما فضاع عمره بين أسفلت الزنزانة وقضبانها
أم لعل الرئيس يبكى نائبا عن شعب غاب عنه العدل قرونا وعاش تحت سياط الفقر والتجهيل والموت مرضا وشقاء.
أهو يبكى موظفا لا يكفيه مرتبه إطعام أولاده خبزا ولا يذوق عياله إداما ولا لحما بالشهور، وآخر يكفى مرتبه إطعام مدينة بكاملها كل يوم؟
ويبكى أرملة تقف أمام الأبواب تتسول لإطعام أولادها.
ويبكى ظلم طالب يحصل على امتياز فى شهادته لا يجد وظيفة، وآخر ينجح بالكاد ويعين معيدا لسواد عيون أبيه المدرس بالكلية.
وهو يبكى مريضا يلقى على رصيف المستشفى الراقى لأنه لا يملك ثمن علاجه فيموت نازفا.
ويبكى أكياس الدم الفاسد التى تاجر فيها من تاجر وربح فيها من ربح.
ويبكى أطفال الشوارع المسروق حقهم، والمنتهك عرضهم، والمستباح قتلهم.
ويبكى ظلم المدير لمرؤسيه وتحكمه فى دخلهم، وانتقاص حقوقهم.
ويبكى تلاميذ المدارس الذين أهمل تعليمهم وتربيتهم فصاروا شبابا جاهلا لا يدرى ما مستقبله.
هو يبكى شعبا مغلوبا على أمره، كان قواده زبانيته، وحماته لصوصه، وكبار قومه أراذله، وناصحوه سفهاؤه.
أم هو يبكى من أجل كل ما سبق؟
الحقيقة التى رأيناها أن الرجل بكى، وفى حرم مكة فجرا، حيث تنساب الدموع من خفقات القلب، وتعجز القدم على حمل البدن،
وهنا يقف التاريخ ليسجل شهادته بأن الرئيس مرسى هو ثانى حاكم لمصر يبكى علنا، بعد بكاء أخناتون رائد التوحيد القديم.
الرئيس المصرى المنتخب
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
مصطفى على
شكرا للكاتب
عدد الردود 0
بواسطة:
husseinabdelmonem
اللهم وفق
عدد الردود 0
بواسطة:
الطحاوي
أحسنوا الظن
عدد الردود 0
بواسطة:
الطحاوي
أحسنوا الظن
عدد الردود 0
بواسطة:
م حسن عيسي
كلمة حق يراد بها باطل....
عدد الردود 0
بواسطة:
د. محمد سليمان محمد
خشية الله فى قلب الحاكم
عدد الردود 0
بواسطة:
ادهم
اللهم لا نسألك رد القضاء
عدد الردود 0
بواسطة:
ايمن
الى رقم 7
عدد الردود 0
بواسطة:
دعاء
كفى نفاقا
عدد الردود 0
بواسطة:
علي
هذه هي المسؤلية