ارتبط معنى قطاع الطرق باللصوص وأولاد الليل على مر التاريخ، واليوم تأخذ الكلمة معنى جديدا يرتبط بأصحاب المصالح والمظلومين، ومن ُسرق حقهم ونهب قوتهم وضاعت كرامتهم، ولكن الأسوأ فى الأمر أن أولئك القطاع للطرق برغم أنهم قد يكونون مظلومين إلا أنهم فى نظرى لا يختلفون كثيرا عن قطاع الطرق فى العصور الغابرة، فكلاهما يطلب ما لا يستحق فى الزمان والمكان غير المناسب، ومن الشخص الخطأ، فقاطع الطريق يعتقد أن ما فى جيوب الآخرين حقا مكتسبا له بالخنجر والسيف، أما قطاع الطرق الجدد فيحاولون أخذ حوقهم ليس ممن ظلمهم ولكن من مظلومين آخرين، فيساهم بفعلته فى ظلمهم هو الآخر، وفى زيادة قهرهم وذلهم ويزيد طغيان وجورها بحقهم.
وأعجب كل العجب من قطاع الطرق الجدد، فتجد منهم من ينام فوق السكة الحديد، ما أدراك ما السكة الحديد، آلاف من البشر ينتقلون من مشرق المحروسة إلى مغربها، من شمالها إلى جنوبها، كلهم يظلون حبيسى عربات القطار آملين أن يرأف بهم قطاع الطرق وأصحاب المطالب الفئوية، ومنهم من يضع عددا من العجلات ويحرقها وسط الطريق، يقطع على عباد الله طريقهم وأرزاقهم ومعايشهم، لا لشىء سوى أنه يريد حقا ضائعا، ويجور على آلاف الحقوق لمن عطل مصالحهم، وتركهم بالساعات على الطرق فى الحر.
وفى تاريخ مصر الممتد عبر 7 آلاف عام، المكتوب منه 5200 وغير المكتوب منه 1600 عام، لم نقرأ أو نسمع أن أجدادنا فعلوا بأنفسهم كما نفعل، أو أن أعداءهم من الهكسوس أو الحيثيين أواليونان والرومان فعلوا بهم كما نفعل اليوم بأنفسنا.
وعجبا أن ترى صبية يقطعون الطريق حاملين الشوم والعصى والخناجر والسيوف، ولا تجد أثرا لشرطى واحد، أو صول بشريطة، أو مخبر من اللى كانوا يزوروا الانتخابات، ولا ضابط برتبة عصفورة، ولا مدير أمن يترك التكييف فى مكتبه وينزل لحل الأزمة، ولا مأمور يفكر فى أن يلوث حذاءه فى التراب، ولا أدرى إلى متى هذا القاعس من ذلك الجهاز الذى وافق مجلس الشعب على تحسين وضعه، وزيادة رواتبه، ومنحه الرئيس مكافآت تميز لمن يجيد ويخلص فى عمله، فهل هذه مؤامرة منهم، أم أنهم استمرأوا الظل والمكاتب ونسوا حق مصر التى جعلت منهم رجالا.
ويزداد عجبى من أولئك الفئويون وقطاع الطرق الذين احتلوا قصر الرئاسة وبرغم أن الرئيس قد فتح بابه بصدق وحب وإخلاص، وأنشأ ديوانا للمظالم فى قصر العروبة، وآخر فى قصر عابدين، وثالث فى التجمع الخامس، ولكن يبدو أننا بشرا لا نستحق الرفق بنا، فلا نوقر من رأف بنا، وربت على كتفنا، ومنحنا السعادة والأمان، وكان جزاؤه منا أن نقطع الطريق، ونزيد هم العباد، ونكيل من المتاعب فوق كتف الرئيس الذى لم يمكث سوى أسبوعا واحدا فى منصبه، وطالبنا بحقوق لنا منذ عهد مينا موحد القطرين.
ولابد لهذا الشعب أن ينسى نفسه للحظات، ويفكر فى وطن هو أكبر منا جميعا، نحن به وهو بغيرنا.