«هاجوج» و«فنارة» تنتظران نصيبهما من وعود «مرسى».. 1172 قرية عشوائية تخضع لتعهدات الرئيس بتخصيص 130 ملياراً لحل مشاكلها.. وخبراء يطالبونه بالاستفادة من نموذج البرازيل فى إحلال وتبديل منازلها

السبت، 14 يوليو 2012 11:20 ص
«هاجوج» و«فنارة» تنتظران نصيبهما من وعود «مرسى».. 1172 قرية عشوائية تخضع لتعهدات الرئيس بتخصيص 130 ملياراً لحل مشاكلها.. وخبراء يطالبونه بالاستفادة من نموذج البرازيل فى إحلال وتبديل منازلها أهالى المناطق العشوائية فى انتظار وعود الرئيس
تحقيق - محمد عوض - نورا النشار

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نقلاً عن العدد اليومى

ينتظر أكثر من 13 مليون مصرى من سكان المناطق العشوائية فى مصر، خطط الحكومة الجديدة بعد قيام الجمهورية المصرية الثانية التى تحترم الكرامة الإنسانية، وحقوق الفرد فى حياة كريمة، بعد المعاناة التى ذاقوها خلال النظام السابق ومازالوا يعانون منها بعد الثورة، بالرغم من أن كل أحلامهم تتمثل فى شقة بسيطة لها سقف ثابت، وجدران صلبة تؤويهم، وحياة كريمة آمنة لهم ولأولادهم.

قدم الرئيس محمد مرسى فى برنامجه الانتخابى خططا لتطوير العشوائيات، من منطلق التأكيد على احترام كرامة المواطن المصرى، وحقه فى مسكن آمن وكريم، وطرح «مرسى» فى برنامجه ضرورة تقنين الأوضاع القانونية لقاطنى العشوائيات، مما يعنى ملكيتهم القانونية للمبانى التى يعيشون فيها، بالإضافة إلى توفير خدمات البنية التحتية مقدمًا فى الأماكن الجديدة، وتيسير خدمات النقل والمواصلات، ولذلك للتخلص من أعباء ثلاثين عاما مضت لم تتخط فيها مشكلة العشوائيات سوى كونها مجرد معاناة فى قلوب قاطنيها، ولعل ما يحدث فى منطقة «هاجوج» العشوائية بمحافظة بورسعيد خير مثال لهذه المعاناة التى لا تزال قائمة حتى هذه اللحظة.. فى «هاجوج» جلست سيدة عجوز على حجر صغير أمام بيتها تنتظر أن تقوم أشعة الشمس بدورها وتجفف حائط منزلها المتصدع بسبب انتشار مياه الصرف الصحى حوله، ما تسبب فى ضرر منازل ما يقرب من 600 أسرة تسكن منطقتى «هاجوج» و«الجناين» العشوائيتين بحى الجنوب فى بورسعيد.





تقوم كل أسرة بنزح المياه من أمام منزلها، لعدم كفاية مجارى الصرف الصحى البدائية التى أنشأها السكان لصرف المخلفات، لتطفح على البيوت وتغرق المنازل، وأسقطت أسقف عدد من المنازل.

أحمد إبراهيم، موظف بمديرية الأوقاف، شاهد على بداية تواجد السكان فى منطقة «هاجوج» مع نقل السكان بشكل عشوائى من أرضهم التى خصصت لتكون حوض المياه العكرة لمحطة مياه بورسعيد الجديدة، وبدأوا فى بناء مساكن عشوائية فى «هاجوج» التى استفادت من محطة المياه المجاورة لها، ومحطة توزيع الكهرباء القريبة، ولكن لم يدخلها الصرف الصحى الذى أسقط جدار منازلهم من إثر مياه الصرف، وقتل أجساد ساكنيها بالأمراض.

فقد أصيب عوض خير الله حجازى، شاب عمره 25 عاما، بضعف فى وظائف الكلى بسبب مياه الشرب الملوثة بالصرف الصحى، وكثرة عمله فى نزح المياه من أمام منزل عائلته، بمساعدة جيرانه الشباب الذين يعملون وسط كميات هائلة من الذباب والحشرات الطائرة.

مناطق «هاجوج» و«الجناين» و«الإصلاح» تتبع إداريا حى الجنوب، ودخلت ضمن حصر صندوق تطوير العشوائيات عام 2007 لمناطق الضواحى، وزرزارة والقابوطى، وحى الزهور، وعزبة أبوعوف، وتبلغ مساحة عشوائيات بورسعيد 260 فداناً، صنفها الصندوق بأنها «غير آمنة»، لسوء حالة المبانى بها، والتى استخدمت مخلفات البناء من الطوب الأحمر والأسقف الخشبية أو الصاج.

المبنى الوحيد فى منطقة «هاجوج» هو مدرسة الملك فيصل للتعليم الأساسى، والذى تحاصره مياه الصرف الصحى، ويتولى التلاميذ مهمة نزح المياه بعد انتهاء اليوم الدراسى، مما يجعلهم غير قادرين على متابعة دروسهم باقى اليوم، وتسرب عدد كبير من أطفال المنطقة من التعليم.





كل ما يرجوه أهالى المنطقة أن يصدق محافظ بورسعيد فى وعوده لمرة واحدة، وينقل السكان إلى شقق آمنة ومساكن نظيفة حسب الرصد الذى جرى لحصر أسر منطقة «هاجوج».
ولا تعد حالة منطقة «هاجوج» فى محافظة بورسعيد حالة فريدة من نوعها، ففى محافظة الإسماعيلية يعيش 91 ألف نسمة فى 10 بؤر عشوائية، أصبحت مركزا لتجمع البلطجية وتجار المخدرات والسلاح، ومكانا مثاليا للاستعانة بهم فى المشاجرات.. منطقة الكيلو 2 أشهر المناطق تصديرا لمثيرى الشغب، ولكنها نفسها تعانى من نقص فى الخدمات والمرافق، وأكثر من نصف منازلها لم تصلها شبكات المياه أو الصرف الصحى.

فى منطقة «المجاورة» بقرية «فنارة» التابعة لمركز «فايد» بمحافظة الإسماعيلية، يعيش ما يقرب من 900 أسرة أقامت منازلها على اعتبار أنهم فى منطقة كاملة المرافق حسب التخطيط العمرانى للمحافظة، ولكن القرية تنقصها حتى الآن مرافق الصرف الصحى، وتحتاج إلى تبديل مواسير مياه الشرب التى تهالكت بعد ثلاثين عاما من تركيبها.

تفيض شوارع «المجاورة» غير المسفلتة بمياه الصرف الصحى عندما تزيد نسبة الصرف فى الخزانات المخصصة له، لعدم تركيب شبكة الصرف حتى الآن، ومع انخفاض نسبة بخر المياه فى الشتاء تغرق المدينة فى صرفها، لتبدأ الأزمة مع نهاية شهر نوفمبر وتبلغ ذروتها فى يناير وفبراير، وتهدأ مع حرارة الصيف كمنقذ يجفف الأرض قليلا قبل أن يعود الشتاء.
برر أهال «المجاورة» أسباب ازدياد نسبة مياه الصرف فى الشوارع بسبب عمارات أقامت خزاناتها فى منطقة مرتفعة، ولا يهتم أصحابها بكسح المياه عندما تزداد كميتها وتركوها تسيل على المنازل المجاورة التى انهار بعضها بسبب تصدع جدرانها بمياه الصرف.

فوزية محمد عثمان، رئيسة قرية «فنارة»، قالت إنها تبحث حلا لأزمة مياه الصرف الصحى فى مجاورة فنارة، وتنتظر الانتهاء من دراسة الجدوى لعملية صيانة شبكة الصرف، قبل أن يغرق سكانها من زيادة معدل الصرف الصحى، بالإضافة إلى صرف رى الغابة الشجرية القريبة منهم، وزاد عليها مواسير التغذية بالمياه التى انتهت صلاحيتها، وتنتظر الاستبدال.
تمثل حالة منطقة «هاجوج» و«فنارة» مثالا للعديد من المناطق العشوائية المنتشرة فى جميع محافظات مصر دون استثناء، والتى تعانى من سوء التخطيط، والتكدس السكانى فى ظل غياب المرافق الأساسية.




وطبقا للدراسة التى أعدها مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، التابع لمجلس الوزراء، عن «العشوائيات فى محافظات مصر والأسلوب الأمثل للتعامل معها» عام 2008، فهناك حوالى 13 مليون مصرى يعيشون فى 1172 منطقة عشوائية على مستوى الجمهورية، ويبلغ عدد سكان العشوائيات فى القاهرة الكبرى 6.1 مليون نسمة بإجمالى %47.5 من إجمالى سكان العشوائيات على مستوى الجمهورية.

وأوضحت الدراسة أنه يتم توفير التكاليف المطلوبة لتطوير المناطق العشوائية من خلال الاعتمادات المخصصة لها فى ميزانية المحافظة، والتى تكون فى غالب الأحوال أقل من التكاليف المقدرة بواسطة المحافظات، مما يؤدى إلى تأخير تنفيذ الخطط الموضوعة لتطوير العشوائيات، نظرا لقلة الاعتمادات المالية المخصصة للمحافظات، بالإضافة إلى ارتفاع الأسعار وينتج عنه زيادة المبالغ المطلوبة، وطول المدة المحددة للتطوير.

كان الدكتور كمال الجنزورى، رئيس الوزراء، قد قرر رفع ميزانية صندوق تطوير المناطق العشوائية من 150 مليون جنيه إلى 300 مليون جنيه بالموازنة الجديدة 2013/2012، وذلك ضمن الخطة الخمسية التى أعدها الصندوق للقضاء على العشوائيات خلال خمس سنوات.

فيما تعهد الرئيس محمد مرسى بتخصيص 130 مليار جنيه لتوصيل مياه الشرب، وشبكات الصرف الصحى إلى كل محافظات وقرى مصر خلال عشر سنوات، وهى المشكلة التى تعانى منها المناطق العشوائية فى مصر بشكل كبير.

من جانبه يطرح الدكتور يحيى قزاز، أستاذ الجيولوجيا بجامعة حلوان، مجموعة من الحلول التى يجب على النظام الجديد وضعها فى الحسبان أثناء معالجته مشكلة المناطق العشوائية، وهى حسبما يقول: «الخطوة الأولى لحل مشكلة العشوائيات بدراسة المناطق العشوائية من خلال تشكيل لجنة من المتخصصين فى هذا المجال، ولا تكون من خلال المجاملات، مثلما كان يحدث سابقا.

وأضاف قزاز أن الخطوة الثانية تكون بتوفير الإمكانيات اللازمة لهذا الجهاز للقيام بالدراسات المطلوبة، ومساعدته على توفير المعلومات والبيانات المطلوبة، وأخيرا ضرورة الأخذ بالتوصيات التى يقدمها المتخصصون، ولا تكون الأدراج مكانها، مثل الكثير من الأبحاث والدراسات التى قدمت من قبل لحل العديد من الأزمات والمشكلات التى تواجه المجتمع، ولم تر النور.

وقال الخبير الجيولوجى إن تسرب مياه الصرف الصحى بشكل عام، مع وجود التربة الدقيقة الناعمة يؤدى إلى تسرب مناطق أخرى، وبذلك تكون المناطق المجاورة للعشوائيات مهددة أيضا بحدوث انهيارات، وهو ما لاحظناه مؤخرا بشكل كبير فى الفترة الأخيرة فى مناطق حفر مترو الأنفاق، والهبوط الأرضى فى عدة أماكن.

وأكدت الدراسة أن بعض القوانين شجعت على التوسع فى البناء فى المناطق العشوائية، مثل عدم الالتزام بأحكام القضاء التى قضت بإزالة المبانى التى بنيت مخالفة لقانونى تنظيم البناء، وتقسيم الأراضى، وغياب السلطة التنفيذية فى تطبيق القوانين وتنفيذ التشريعات المنظمة للعمران.

وحول تنمية المناطق العشوائية قال الدكتور شريف أبوالمجد، أستاذ الهندسة المدنية، إن هناك العديد من الدراسات والأبحاث التى يمكننا اللجوء إليها لحل مشكلة العشوائيات الموجودة منذ عدة سنوات، لكن لم تتوافر الإرادة الحقيقية لحل هذا الأزمة، مشيراً إلى أننا يمكننا الاستفادة من خبرات الدول السابقة فى حل أزمة العشوائيات، مثل البرازيل التى اعتمدت على تنمية العشوائيات فى أماكنها، من خلال إحلال البيوت والعشش واستبدالها بمساكن جديدة، وخدمات للمنطقة مثل المستشفيات والمدارس التى تخدم أهالى المنطقة فى حالة رفضهم الانتقال إلى مناطق جديدة لارتباط مصالحهم وأشغالهم بالمنطقة.









مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة