عبد المنعم فوزى

ثقافتنا سماعية

الجمعة، 13 يوليو 2012 01:39 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات التى هاجمت مقالى السابق "حكايتى مع نجاد"، استفزتنى وآلمنى أكثر الشتيمة والتجريح وتعليق يقول: بأننى أقبض من إيران نظير تحسين صورتها عند المصريين فلتذهب إيران ومن يتكلم عن إيران إلى الجحيم، وآخر يقول: إنى أتعجب على نواب رؤساء التحرير وضحالة فكرهم.. عارفين مشكلتنا أيه؟. أننا نفتقد أدب الحوار والاختلاف فمن كان رأيه يوافقنا فهو كويس وعظيم ومن كان يخالفنا فهو كذا ابن كذا.. أين الأنصاف، الذى يجب أن نتحلى به؟ المشكلة أننا غيبنا حسنا الفطرى، الذى نميز به بين الخطأ والصواب واتجهنا مع الريح فلعبت بنا كيفما تشاء.

شوف يا صاحبى لما أقولك مشكلتنا الحقيقية هى التعصب وعدم قبول الآخر أو الاختلاف فى الرأى مش حكاية سنة وشيعة أو إسلاميين وفلول أو حتى ثورجية عارفين ليه؟ لأن ثقافتنا وأفكارنا ومبادئنا سماعية يعنى بنعتبر الكلام أو الرأى الذى نسمعه حقيقى حتى قبل أن نتحقق منه يستوى فى هذا المثقف والرجل العادى.

ببساطة ثقافتنا وحياتنا تعتمد على الكلام المنقول غير الموثق المثير للعواطف أو المهيج للمشاعر.. النتيجة الدخول فى معارك وهمية مدمرة للعقول والمجتمع مما يعنى مزيدًا من التخلف والعزلة والانغلاق والتعصب.. المشكلة أن الثقافة السمعية تسربت وتعمقت وتغلغلت فى نسيج حياتنا.. السبب أنها تبدأ مع الطفل منذ الحضانة فيجلس أمام المدرس طوال سنوات دراسته حتى أيام الجامعة يسمع ما يقال له ويحفظه والمدير يلقن موظفيه الروتين بطريقته ومش عايز اجتهاد والإعلام بنفس الطريقة يجلس الضيف فى برامج التوك شو أو المذيع ويلقن المشاهدين ما يريد أن يقوله ويسمع المشاهد ويحفظ ويتحول لمسخ فلا يكون كلامه إلا فلان قال وفلان زاد لكن أنا أقول ألغيت.. بصراحة إحنا محتاجين ثورة ثقافية تحرر عقولنا من الأسر، والقيود، والعادات التى عفا عليها الزمن.

الحكاية وما فيها إحنا سلمنا عقولنا لآخرين، وارتحنا لأن عقولنا لم تعد تعمل فغيرى يعرف ويقول لى الحقيقة.. طب من أدراك أن ما تسمعه هو الحقيقة؟ اختلطت الأوراق والمفاهيم حتى أصبحنا الآن نبحث من جديد فى أمور بديهية قتلت بحثًا منذ مئات القرون.

شوف يا صاحبى لما أقولك الذين يشنون تلك الحملة والصراع بين السنة والشيعة يمثلون قشرة معزولة ومحدودة ظهرت على سطح المجتمع، فى مناخ سلبى دأب على أن يستخلص من الناس أسوأ ما فيهم.. الحقيقة، والواقع التى لمستها وشاهدتها وبعد لقاءات ومناقشات مع الدکتور محمد مهدی تسخيری مدير عام وکالة أنباء التقريب ورئيس تحرير جريدة الوفاق ومجموعة من الإعلاميين والمسئولين.. بعدها قلت لنفسی لماذا نتعصب ويقتل بعضنا بعضا وهم يؤكدون "نحن نقدس ونقدر أهل البيت والصحابة کلهم جميعًا، وهذا منهج وشريعة المذهب الجعفری وربنا واحد ونبينا واحد وديننا واحد وآخرتنا واحدة".. كمان المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية على خامنئى أفتى بتحريم الإساءة إلى أم المؤمنين السيدة عائشة رضى الله عنها، أو النيل من الرموز الإسلامية لأهل السنة والجماعة.

الحكاية وما فيها أن الاختلاف الطائفى موجود بيننا منذ عقود نختلف معهم ويختلفون معنا، ولهم طقوسهم، وهذا لم ولن يتغير ونعيش مع بعض طول الوقت فی أمان وسلام طب أيه اللی اتغير؟ القصة أن أطرافاً من مصلحتها أن نتقاتل وننشغل فی حروب وصراعات بدلا من أن نتعاون ونتطور.. عارفين ليه؟ علشان نوجه أنظارنا نحو نقاط الاختلاف، التی تؤجج وتلهب المشاعر وتولد العداء.. النتيجة أن أصبح بعضًا من أهل السنة عدوهم الرئيسى بعض الشيعة.. بدأت الحكاية فى الإعلام يعنی قنوات فضائية ومواقع تبحث عن تصريح لمتطرف شيعى يسب الصحابة أو يعتدى على معتقداتنا وتضخمه وتنشره بعد دقائق تجد الدنيا كلها ولعت وتشتم وترد وتسب وكلا يظن أنه يؤدى واجبه فى الدفاع عن الدين، وأنه عمل حاجة مفيدة فی حياته.. صحيح لا يمکن أن نسمح بالتجرؤ علی أهل البيت أو أحدًا من الصحابة ولکنهم يقولون إن من يفعل ذلك متطرفون ويرفضونهم.. المشکلة أن أطرافاً معينة تريد أن يصبح العدو الأكبر لنا هى إيران وننسی إسرائيل عدونا التقليدى.. النتيجة أن أصبح لنا عدو جديد وبعضنا خصص كل حياته ووقته فى البحث عن الشيعة ليرد عليهم لدرجة تفجير نفسه ليقتل أخاه المسلم.

طب أيه اللی حصل لو أعدنا العلاقات مع إيران، وهل المکاسب السياسية والاقتصادية حتکون أکبر من الخسائر؟ إذا فکرنا صح نجد أننا نقيم علاقات ونتعاون مع البوذيين وعبدة البقر وآخرين هل سألنا أنفسنا كيف يعتمد هؤلاء الشيعة على أنفسهم فى ظل حصار أمريكى غربى وتمكنوا من صنع الطائرات والصواريخ؟ كيف أن عدد الجامعات الحكومية عندهم يفوق عدد الجامعات فى الدول العربية مجتمعة؟ كيف توصلوا للنهضة العلمية والثقافية مع الحصار المفروض عليهم ماذا لدينا نحن؟ وهل هم أعداؤنا فعلا؟ هل کل منجزاتنا إنشاء قنوات وصحف تهاجم وتؤجج الصراع بيننا هل حقا الشيعى هو الأحق بالعداء؟ ألا يوجد لدينا رجل رشيد لنحکم عقولنا ونبتعد عن الخلافات المذهبية وکفاية تشرذم وتطرف فهناك من يتمنون الموت لنا جميعًا؟

• نائب رئيس تحرير جريدة الجمهورية





مشاركة




التعليقات 5

عدد الردود 0

بواسطة:

محسن سليم

رجوله

100% کلامک مضبوط وبارک الله فیک

عدد الردود 0

بواسطة:

هشام

شرق الاوسط جدید

مصر+إیران =شرق الاوسط جدید وقوی

عدد الردود 0

بواسطة:

هانی محمود

امریکا وإسرائیل أعدائنا مشترک

عدد الردود 0

بواسطة:

العربي

ايران دولة نفطية تمتلك المال

عدد الردود 0

بواسطة:

عبدالله الفارسي

حق و باطل

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة