محمد فهيم

الذين "يحترقون" والذين "يحترفون"

الجمعة، 13 يوليو 2012 01:40 ص


هناك نوعان من البشر فى مصر الآن يمارسان علينا أقسى أنواع الإرهاب، وفرض السيطرة والإرادة، تلك الإرادة التى تخيلنا أنها عادت إلينا معززة مكرمة، بعد غياب طويل، وعانقناها عناق المشتاق، ومن فرط اللوعة أطبقنا عليها أكثر وأكثر، حتى تفلتت من بين أيدينا وأحضاننا، وبقيت لنا الحسرة والألم، وحالة من التيه والأسى تغطى كل شىء، وحالة من اليأس والغضب تكسو كل ما حولنا.

النوع الأول هم أولئك الذين "يحترقون" من ذئاب وأفاعى وغربان وحدادى وجرزان، من أعوان المخلوع المستفيدون منه، والخاسرون بعد الثورة، والذين يقتلهم نجاحها ونجاحنا، ويغيظهم ويحرقهم ويقتلهم ويؤرقهم ما حققته، وما وصلت إليه برئيس منا، يحس بنا ويرأف لحالنا، ويعلم حاجتنا ودواءنا، جاء برائحة أديم الأرض، وجمال وروعة طينها، وبلون ماء نيلها الصافى، المتدفق فى الجداول والمساقى، يروى الزرع فيخضر ويثمر، وتحيا لرؤياه النفوس الميتة، والقلوب المريضة، وما كنا نحلم يوما أن يكون من بيننا مصرى يؤمن بالله حق الإيمان ويحكمنا، مصرى من الماضى يحمل عبق القادة والفاتحين ويتلو أذكار الصالحين العابدين الأوابين، ويمسح بيديه فوق كل جرح، وتمحو كلماته مرارة السنين وذل وقهر لازمنا طوال العمر أكثر مما لازمنا شىء آخر حتى صرنا منه وصار قدرنا ذلك الذل، فورثناه كابرا عن كابر.

وأعجب من أولئك الذين يحترقون، وأعجب ممن يملأ قلوبهم من مرض، وحقد على الثورة، وعلى الرجل الذى يقودنا، ونحتاج إلى أن نتوحد خلفه، لعله يحملنا للأمام، ويخرجنا من جحر ضب أسقطنا فيه من قبله، فهو أمل لدينا نرجو أن يتحقق، ويعلوا وجوهنا مبدأ "إن الله يزغ بالسلطان ما لا يزغ بالقرآن".

ولكن الذين يحترقون قتلهم الغيظ ونجحوا فى إثارة البلبلة تارة والفتنة أخرى، وغيروا النفوس والعقول والقلوب، يقفون كالشياطين على كل صراط يوعدون، يوسوسون بالغى والشر، يقتلون حلمنا، ويقفون فوق رؤسنا يتفرجون ويضحكون ويمرحون، ولكن صدقنى عزيزى القارئ كل فرحتهم وشماتتهم إلى حين، وبعدها سنفرح نحن عندما نجنى ثمار جهدنا وكدنا وتعبنا.

أما النوع الثانى، فهم أولئك الذين يحترفون "يحترفون كل شىء"، الكلام والجدال والتلون والإخفاء والتمويه، ويملكون الحجة والمنطق والعقل، يقلبون الباطل ليصبح "حقا مبينا"، ويزيفون الحق ليصبح "باطلا مرا علقما"، يضعون السم فى العسل، ويذرون الملح فى الماء، حتى إذا أكلنا لم نجد الدواء، وإذا شربنا لا نرتوى أبدا.

ويتلذذون بما نحيا فيه من تيه وعذاب، ويعتقدون أن الشعب يصدق ما يأفكون، ولكنه واع فاهم قانع، بأنهم لا يريدون له راحة ولا سكينة ولا هدوء، وهو على يقين أن أكل عيشهم مما يقولون كل ليلة فى البرامج، ويكنزون الذهب والفيلل والقصور مما يكتبون كل صباح فى الصحف والمجلات، وما يهمهم فقط هو كم سيقبضون، وكم يسصبح رصيدهم فى البنوك، ولا مكان فى قلبهم لذلك الشعب الذى يحلم بالعيش والراحة والهناء، ولا مكان بقلبهم لهذا البلد المسكين، التى ظلمها كل من طعم من خيرها، وبغى عليها كل من وطأت قدمه أرضها.

وأقول للذين يحترقون من أقزام النظام السابق والنفعيين والمتسلقين، سنحيا مرة أخرى حياة الكرامن مع رئيسنا المنتخب، وموتوا بغيظكم.

وأقول للذين يحترفون من أساتذة إبليس ومدعى الفكر من بعض الإعلاميين وأشباههم، سنتنهى أسطورتكم عما قريب، والشعب يرصد مواقفكم المتناقضة، وسيحاسبكم، فلا تفرحوا إن غدا لناظره قريب.


أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب



الرجوع الى أعلى الصفحة