تبحث الأُمم الناجحة فى نهضتها عن مشروع قومى يتبناه مجتمعها ليكون هو الهدف المرجو تحقيقه لحقبة زمنية معينة، فتُسخر له كل مقوماتها من موارد بشرية ومادية وفكرية وغيرها من الموارد، التى حباها به الله، هذه الأمم تتسم بتفوقها فى فن صناعة المستقبل.
ومهما سقطت الأمم فى بئر التخلف وتأخرت عن ركب الحضارة والتقدم فيمكن لها أن تنهض ثانية لو أرادت، فعلتها اليابان بعد تدميرها بالقنبلة النووية، التى كان يمكن أن تكون سبباً فى محوها من على خريطة الأمم، ولكنها حددت هدفها وجعلت لنفسها مشروعاً وهدفاً فأصبحت اليابان التى نراها.
فعلتها ألمانيا بعد انتهاء إمبراطورية الاستعمار والقهر، التى كونها هتلر فتكونت الإمبراطورية الألمانية الحقيقية، التى نراها ونًُبهر بها.
فعلتها الصين عندما أغلقت على نفسها حتى أصبحت قارة بأكملها من التقدم والرقى فاستغلوا كل مواردهم حتى البشرية، والتى كان المخلوع يُعيرُنا بها.
فعلتها النمور الآسيوية الصغيرة التى أصبحت أسوداً كبيرة كماليزيا وكوريا والهند، والتى أرادت فحددت فوصلت إلى ما ترمى إليه.
وقد شاركت مصر فى ذلك الأمر، ولكن بشىء نسبى، حيث كان لنا فى الماضى مشروعات قومية التف حولها الشعب كله مثل السد العالى، والذى اُعتبر من أشد تحديات العصر الحديث، والذى يُحسب لناصر– بالرغم من رفضى لديكتاتوريته– ولكنه نجح فى إيجاد مشروع قومى حقيقى فنجح فى تحقيقه متخطياً كل الصعاب.
كما كانت حرب أكتوبر مشروعاً قومياً للمصريين لاسترداد الأرض والعرض والشرف والكرامة، فكانت المعجزة والملحمة التى أبهرت العالم كله.
أما المخلوع فقد اختصنا بمشروع قومى مشابه لعصره، والذى كان يحكمنا فيه قانون "شبه"، فعندنا شبه ديمقراطية، شبه أحزاب، شبه مجلس شعب، شبه انتخابات، شبه صحافة، شبه شعب عامل أو عامل شعب، شبه عايشين وشبه ميتين.
فما كان منه إلى أن يصور لنا أن توشكا هى المشروع القومى وأنها سلة غذاء أفريقيا، ثم وهبها لأهل الحظوة وتُركت بعد استنزاف الكثير من الطاقات والموارد، ثم صور لنا أن هناك مشروعاً قومياً آخر وهو منتخب كرة القدم، فسُخرت له الدولة كلها، الرئيس وأولاده ووزراؤه وإعلامه المقروء والمسموع والمرئى، ولكن حتى هذا فشل فيه، يالها من تفاهة يتعرض لها شعب أو تُفرض عليه.
نحن نحتاج إلى مشروعات قومية وليس مشروعاً قومياً واحداً لكى نلتف حولها وننهض بمصر، وبهذا الشعب الذى عانى ويعانى الأمرين من عصور تخلف مضت على أمل ألا تعود.
السد العالى
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
د احمد رالجى
الجدية والالتزام
عدد الردود 0
بواسطة:
أحمد محمود المالح
عنوان رائع
العنوان رائع وجميل جدا فن صناعة المستقبل