شيرين عرفة تكتب: الإجابة هى: المعلم

الخميس، 12 يوليو 2012 07:22 م
شيرين عرفة تكتب: الإجابة هى: المعلم د. مصطفى مشرفة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أقولها بكل ثقة.. وعن يقين لمن يسأل من أين تبدأ نهضة مصر؟ وأنا هنا لا أتحيز لفئة من الناس أو أنتصر لمهنة من المهن.. بل على العكس.. أنا أنتصر للعلم الذى تبنى عليه الأمم وتؤسس به الحضارات وترتقى به الشعوب وتنهض به الدول من عثراتها.. وقد سئل (مهاتير محمد) رائد النهضة الماليزية عن سر نهضة ماليزيا فى سنوات معدوده فأجاب: إنه التعليم والبحث العلمى.. حيث جعل نسبة الإنفاق على التعليم من الميزانية العامه 21%..أى أنها أعلى من النسبة التى تنفق على الدفاع مثلا.. فأرتقى بالمنظومة التعليميه كاملة.. وأرسل الآلاف من الطلاب للدراسة بالخارج وأنشأ مراكز البحث العلمى وأهتم بالإرتقاء بالمعلم وتحسين أدائه.. وظروف عمله.. إن العملية التعليمية تشمل أطرافًا عديدة منها المعلم، والمتعلم وهو الطالب، والمواد التعليمية وهى المناهج الدراسية، وبيئة التعلم وهى المدرسة أو المعهد أو الكلية، وقد أجمع علماء التربية..على أن أهم وأخطر حلقة من حلقات العملية التعليمية: هى المعلم.. وكما يقول (اندلر) من أبرز علماء التربية فى العالم: [ إن التدريس هى المهنة الأم وذلك لأنها تعتبر المصدر الأساسى للمهن الأخرى وتمدها بالعناصر الأساسية المؤهلة علميا واجتماعيا وفنيا وأخلاقيا].. وقدر المعلم فى الإسلام لا يعادله قدر ومنزلته لا توازيها منزلة ويكفى أن نسمع قول رسول الله (ص) : {إنما بعثت معلما}.. فكانت مهمة الرسول (ص) أشرف خلق الله هى تعليم البشر.. وبالرغم من المكانة العظيمة للمعلم، والتى قال عنها الله تعالى فى كتابه الحكيم [يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات والله بما تعملون خبير (11) سورة المجادلة.
إلا أنه وطوال الثلاثين عاما الماضية.. فقد عمد نظام المخلوع على تهميش المعلم والتقليل من شأنه وإزالة هيبته وكرامته فى المجتمع.. من خلال إعلام ملوث.. يهدم ولا يبنى.. ولا أدل على ذلك من دراسة تم نشرها فى الصحف فى بداية عام 2000.. وهى دراسة جعلت الأفلام السينمائية هدفا لها وقد أفضت الدراسة أنه هناك ثلاثة شخصيات تحديدا هم أكثر الشخصيات التى أساءت لها السينما المصرية طوال تاريخها.. أولهم: معلم اللغة العربية ثم الحما (أم الزوجة) ثم المأذون.. ولعلنا نتذكر كم الأفلام التى تابعناها فى طفولتنا وتستهزئ بالمعلم وخاصة معلم اللغة العربية والذى هو بالضرورة معلم الدين الإسلامى.. فلماذا تلك الحرب على المعلم.. لتشويهه وهدمه نفسيا ومعنويا والحط من شأنه وإزالة هيبته واحترامه من النفوس.. تلك الهيبة التى يتحدث عنها (الربيع المرادى) تلميذ الشافعى.. حين يقول (والله ما اجترأت أن أشرب الماء والشافعى ينظر إلى هيبة له).. ومما ساعد على إزالة هيبة المعلم هو التأكيد على وضعه دائمًا فى متاهة البحث عن لقمة العيش التى تسد رمقه هو وأولاده بعد أن أصبح راتبه فى ذيل قائمة الرواتب التى تعطى للعاملين فى قطاعات الدولة المختلفة.. فلا يستطيع التوقف للحظات لالتقاط أنفاسه ليتفرغ لمهمته الأولى فى تربية الأبناء والارتقاء بالجيل.. ولا يستطيع حتى أن يعيش حياة كريمة آدمية بين أسرته وأبنائه.. وإنى لأجزم.. ويوافقنى الكثير من الباحثين وعلماء العلم الاجتماعى.. بل وعلماء الاقتصاد أيضًا.. أنه لم تنحدر مستوى أمتنا وتتعثر حضارتنا ونتخلف نحن عن الركب إلا حينما أهملنا حق المعلم وهمشناه وحاربناه فى قوته ومعيشته وأهدرنا كرامته.. وأجبرناه أن يمد يديه لأبنائه الطلبة.. بعد أن كان يمد رجليه فى وجوه الكبراء والسادة وعلية القوم.. يروى لنا التاريخ الإسلامى أن العالم (سعيد الحلبي) المعلم كان يجلس بالمسجد الأموى حينما دخل إبراهيم باشا ابن محمد على باشا فالتف الناس جميعا حوله.. إلا سعيد الحلبى.. ظل جالسا ممددا رجليه.. فسأل إبراهيم عنه.. فقالوا إنه سعيد الحلبى معلم الناس فى المسجد الأموى.. فأرسل إبراهيم إليه مع أحد خدامه كيسًا به ألف ليرة ذهبية.. فقال سعيد للغلام (قل لسيدك إن من يمد رجليه لا يمد يديه) ولم لا وقد كانت تلك هى مكانة المعلم فى كل عصور ازدهار الإسلام.. عصور الحضارة والرقى للأمة الإسلامية.. فكانت مكانة المعلم تفوق السلاطين فى الرفعة والشرف.. وقد نظر(هارون الرشيد) يومًا وهو خليفة المسلمين وكانت الدولة الإسلامية فى عهده فى أزهى عصورها وفى قمة تطورها ورقيها.. وقد رأى هارون ولديه: الأمين والمأمون يتسابقان لإلباس معلمهما [الكسائي] نعليه.. وقد كان الكسائى مولى لبنى أسد ومن أصول فارسية غير عربية.. ولكنه كان إمام أهل الكوفة فى اللغة والنحو وسابع القراء السبعة.. فحظى بشرف تعليم أبناء هارون.. والذى سأل الكسائى مداعبا له بعد أن رأى ذلك.. من أفضل الناس يا كسائى؟؟ فقال الكسائى (أوغيرك يستحق الفضل يا أمير المؤمنين) فقال هارون الرشيد: (إن أفضل الناس من يتسابق أبناء خليفة المسلمين لإلباسه نعليه).. نعم هو أفضل الناس مكانة بعد الأنبياء.. هو وريث الأنبياء.. قال رسول الله (ص) {إن العلماء ورثة الأنبياء وإن الأنبياء لم يورثوا درهما ولا دينارا.. وإنما ورثوا العلم.. من أخذه أخذ بحظ وافر}.. صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم..
فما المطلوب اليوم لنعود أمة ناهضة متطورة متحضرة.. أولا.. لابد من عودة الاهتمام بالعلم والتعليم ورفع شأن المعلم اجتماعيًا واقتصاديا وتلبية احتياجاته المادية والمعنوية.. بحيث يتفرغ لمهمته السامية فى تربية النشء والارتقاء بهم.. فليست مهمة المعلم على الإطلاق هى تلقين المعلومات للطلاب.. كما أنه ليس حارس الفصل الدراسى من الفوضى.. ولابد من عودة المكانة الحقيقية للمعلم داخل صفه وبين طلابه.
ثانيا: الاهتمام بالبيئة التعليمية وتحسين مستوى المدارس.. وإعادة المكانة التربوية والعلمية للمدرسة بعد أن فقدتها تمامًا فى العشر سنوات الأخيرة.

ثالثًا: الاهتمام بالبحث العلمى وزيادة معدل الإنفاق عليه.. فبمقارنة سريعة بين مصر وإسرائيل.. نجد أن موازنة البحث العلمى فى مصر فى عام ٢٠٠٤ طبقًا لدراسة نشرها المركز القومى للبحوث لم تتعد ٠٢،% من ميزانية مصر أى ما يعادل ٣٠٠ مليون جنيه مصرى.. ببنما فى إسرائيل فى نفس العام كانت ميزانية البحث العلمى ما يعادل ٤، ٧% من دخلها القومى وهى أعلى نسبة إنفاق على البحث العلمى فى العالم.. وهو ما يعادل ١٣مليار دولار.. فى حين كانت ميزانية البحث العلمى فى الدول العربية مجتمعة فى تقرير نشرته منظمة اليونسكو عام ١٩٩٩م كان لا يتجاوز ١، ٧مليار دولار.

وطبقًا لإحصاءات منظمة اليونسكو فإن إسرائيل تحتل المركز الثالث فى صناعة التكنولوجيا المتقدمة بعد (وادى السيلكون) فى كاليفورنيا وبوسطن.. كما تحتل المركز الخامس عشر بين الدول الأولى فى العالم المنتجة للأبحاث والاختراعات.. أما بالنسبة إلى عدد سكانها قياسا إلى مساحتها.. فهى الدولة الأولى فى العالم على صعيد إنتاج البحوث العلمية.
وحينما نستعرض بعض الحقائق عن دولة إسرائيل ذلك الكيان السرطانى فى جسم أمتنا.. نجد أنها لم تقم فقط على الدم والبطش والقوة العسكرية.. وإنما كان يساند ذلك نهضة علمية واهتمام بالعلم والبحث العلمي.. بدأ قبل إعلان دولة إسرائيل بثلاثة وعشرين عاما.. مع تأسيس معهد إسرائيل للتكنولوجيا فى فبراير عام ١٩٢٥م من الجماعات اليهودية المقيمة فى فلسطين.. وكان أول رئيس إسرائيلى عام ١٩٤٨م هو (حاييم وايزمان).. العالم البارز فى الكيمياء.. وكان(ألبرت أينشتاين) مرشحًا لهذا المنصب لكنه اعتذر ووعد بمساعدة اليهود بعلمه لا بجلوسه فى منصب شرفى.. فى نفس الحقبة الزمنية التى كان يحكم مصر وغالبية الدول العربية آنذاك العسكر وضباط الجيش.. بينما يقبع علماؤنا فى السجون ويصدر بحقهم أحكام الإعدام الجائرة.. أو يقتلوا فى بلاد الغربة لعدم توفير الحمايه اللازمة لهم فى بلادهم.. كالعالم المصرى (على مصطفى مشرفة) أينشتاين العرب ومفسر نظرية النسبية.. وتلميذته النجيبة العالمة (سميرة موسى) وعالم الذرة المصرى (يحيى المشد) وجميعهم تدور شبهة اغتيالهم على يد الموساد الإسرائيلي.. ووصل عدد العلماء المصريين المهاجرين طبقا لإحصائيات الأمم المتحدة فى عام ٢٠٠٥م إلى ٨٢٤ ألف عالم.. معظمهم فى أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية.. وقدرت المنظمة خسارة مصر المادية بهجرة هؤلاء العلماء بنحو خمسين مليار دولار.. والمستفيد بالطبع هى دول أوروبا وأمريكا وإسرائيل..

والآن بعد مجىء أول رئيس عربى كان فى الأصل عالمًا، وهو الدكتور محمد مرسى.. الرئيس المصرى.. العالم بهندسة المواد والحاصل على الدكتوراه فى حماية محركات المركبات الفضائية من جامعة جنوب كاليفورنيا.. والذى عمل بالتعاون مع وكالة ناسا ونشر ٢٣ بحثا فى معالجة أسطح المواد.. ثم عاد إلى مصر كى تستفيد من علمه ومن أبحاثه.. هل ستتغير نظرة الدولة للعلم وللتعلم.. هل ستعود للمعلم مكانته وهيبته.. كى نرفع شأن العلم مرة ثانية.. فتعود مصر والأمة العربية والإسلامية لمصاف الأمم كما كانت من قبل.. أرجو ذلك..





مشاركة




التعليقات 5

عدد الردود 0

بواسطة:

emad

يرفع الله الذين امنوا والذين اوتوا العلم درجات

عدد الردود 0

بواسطة:

أبو الكرم

معلمين ....!!! لا قل مدرسين

عدد الردود 0

بواسطة:

عبد الله

مقال ممتاز

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد اسعد

تحية

عدد الردود 0

بواسطة:

fayez

الله ينور عليك يا أستاذة شيرين

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة