توفى إلى رحمة الله تعالى......
كلمات ربما تمر علينا يوميا دون أن نشعر بها.. لكن حينما تقترب دائرة الموت منا يحفر معناها الحقيقى فى قلوبنا
هكذا حياتنا.. نولد لنموت.. ومهما كان الموت باديا على الإنسان.. لا يراه المقربون له أبدًا.
الموت لا يحتاج لسبب.. لكنه نتيجة حتمية للحياة.
أما المرض.. فهو التجربة الإنسانية الأكثر ترويعا للجميع.. للمريض ولمن حوله.
بالتأكيد يشعر المريض بآلامه وحده.. ونحاول نحن أن نتعاطف معها دون شعور حقيقى بها لكن يظل هناك شعور مؤلم لدينا بالعجز وقلة الحيلة وعدم القدرة على تخفيف ألم من نحب مهما حاولنا واجتهدنا وتركنا كل شيء آخر.
أن يكون الإنسان قوياً.. ملء السمع والبصر.. مسيطرًا على مقدرات حياته.. أساس قوة الأسرة وصلابتها.. ثم يتضاءل كل ذلك تدريجيًا حتى يصل أن يكون لا حول له ولا قوة.. هو شعور قاتل لمن يحيطون بالمريض.
مهما طال المرض وصعبت أيامه وهزل الجسم.. يظل الموت مفاجئًا ومصيبة تهز كل حياتنا
نظل نتساءل: هل الانقطاع عن الأكل سبب لاقتراب الموت أم نتيجة؟
لا أحد يعلم أبدًا كمية الألم التى يشعر بها الأحباب عند سماع أنات المريض، وهو يقترب من النهاية سوى من عاشها فعلا
فى أوقات كثيرة مثل تلك.. لا نجد ما نفعله سوى التمسك بالإيمان بالله.. لأن الاختيار الآخر هو الجنون.
لماذا؟ هو السؤال الذى لن نجد له أبدًا إجابة عند الحديث عن المرض والموت طبيعة كل مرض وكل مريض تختلف عن الآخر.. وكانت مشكلتنا الأساسية هى كيس الدم..
أحمد الله سبحانه وتعالى أننى كنت متواجدة معه لآخر لحظة
أبى الذى عاش آخر ستة عشر شهرًا لا يعلم حقيقة مرضه حتى استراح منه بفضل الله.
من فضل الله أننا لم نر ما رآه الآخرون من اقتراب الموت فى أيامه الأخيرة.. بل إننا كنا مستبشرين خيرًا بنجاته وخروجه معنا مرة أخرى فى حالة جيدة.. لكن سبق قضاء الله فيه
يظل الموت كما قال عنه الله سبحانه وتعالى: مصيبة.. لم يفسر القرآن هل هو مصيبة للميت أم للأحياء؟
كيف يمكن أن نفهم أو نستوعب؟؟ لا شىء سوى الإيمان بالله فقط كلمة لو تفتح أبواب الشيطان ما يبرد قلوبنا التفافًا حوله حتى اللحظة الأخيرة.. ما يبرد قلبى أن آخر شربه كانت من يدى وآخر مطعمه كان من يدى اللهم لك الحمد والشكر يارب
أن تحاول رفع معنويات مريض فقد أكثر من ثلثى وزنه فى عدة شهور نتيجة المرض الشرس، الذى لا ينكسر بكم هائل من الأدوية التى تعالج عرضًا وتتسبب فى عدة أعراض؟؟
حين يكون للدواء تأثير سلبى يعادل فى شدته المرض نفسه.. ليس لدينا اختيارات.
حين يؤلم العلاج بقوة ألم المرض.
لا نملك إلا أن نقول هذا أمر الله ولا راد لقضاء الله
حين وقفنا بالدور الثانى من المسجد نصلى صلاة الجنازة على عمود الأسرة ومنها.. وارتفع صوت أخى بالتكبير.. كان دعائى لنفسى أن يقف أولادى مكانى وأخوتى وأكون أنا مكان والدى.. فمهما كان الألم الذى أشعر به الآن لفقدانه سيكون أقل بكثير مما لو كان العكس.
الكثير من الأحاديث المؤجلة..
أبى
لم أتعود بعد على الدعاء لك بالرحمة فسامحنى.. لكن سأتعلمها فى بعدك سيكون أولى صدقاتى الجارية لك التبرع بكيس من دمى لأى مريض.. عسى أن يدعو لى هو وأسرته، كما كنا ندعو للمتبرع المجهول، الذى كان دمه يخفف عنك لفتره شدة المرض
أبى
أعلم أنك فى مكان أفضل.. وفى حال أفضل.. ومع أشخاص أفضل بأمر الله.. بصبرك على الابتلاء وعدم شكواك وتقبلك للألم.. لكن، كان أول سؤال أسأله عبر الهاتف لأمى هو عنك.. فمتى سأتعلم إلا أسأله؟
أبى
سامحنى لو قصرت فى حقك.. لكنى سأعوض ذلك مع أولاى.. سأعاملهم كما علمتنى.. سأحكى لهم عنك دائمًا.. لتظل معنا إلى ما شاء الله.
