كشف حكم المحكمة الدستورية العليا ببطلان مجلس الشعب، عن انقسام داخل مؤسسة القضاء، وزاد من ترسيخ تلك الفكرة قرار الدكتور محمد مرسى، بإعادة مجلس الشعب للانعقاد حتى الانتهاء من وضع الدستور، ووضح جليًا التضارب فى التصريحات والآراء والتفسيرات بين القضاة ورجال القانون، ما أطلق عليه البعض "فوضى التصريحات والتفسيرات القانونية"، ووصل الأمر إلى حد اتهامات من الجانبين المتعارضين لبعضهما البعض بأن كلا منهم يطلق تصريحاته المؤيدة أو المعارضة من أجل التقرب من السلطان أو لهوى فى نفسه، الأمر الذى يجعلنا نتوقف عند قضية "تسييس القضاء".
وشهدت المرحلة الانتقالية عقب ثورة 25 يناير، وحتى الآن مطالب القوى السياسية وشباب الثورة وحتى بعض القضاة أنفسهم بتطهير القضاء، من قضاة صمتوا عن تزوير النظام السابق للانتخابات فى 2005 و2010، واتسع الحديث عن "تسييس القضاء" وإقحام القضاء فى السياسة، خاصة فى قضية التمويل الأجنبى وتهريب المتهمين الأمريكان، عندما أثار المستشار عبد المعز إبراهيم، رئيس محكمة استئناف القاهرة السابق، غضب كبير فى الأوساط القضائية والسياسية، وطالته اتهامات بالتدخل فى قرار رفع الحظر عن سفر المتهمين الأمريكان، وتنحى المحكمة عن نظر القضية.
ومع صدور حكم "الدستورية" بحل مجلس الشعب، وقرار "مرسى" بعودة المجلس للانعقاد، تضاربت الأقوال والتصريحات بين القضاة والقانونيين، فعدد من القضاة أيدوا الحكم، وقالوا إن أحكام الدستورية نافذة، ورفضوا قرار "مرسى"، بينما رفض آخرون حكم "الدستورية" ببطلان المجلس كاملا، واتهموا المحكمة" بتجاوز اختصاصاتها، وتدخل المجلس العسكرى فى حكمها، وأيدوا قرار "مرسى" بعودة مجلس الشعب، ووجهوا الاتهامات لبعضهما البعض بمحاولات التقرب للسلطان والحاكم، وقضاة "العسكر" وغيرها من الاتهامات.
وانتقد البعض القضاة، لأنهم هاجموا الرئيس، ووجهوا له إهانات وتهديدات، رغم قيامه بتكريم القضاة المتقاعدين منذ أسبوعين، ومنهم المستشار فاروق سلطان، رئيس المحكمة الدستورية السابق، وعبد المعز إبراهيم، رئيس محكمة الاستئناف السابق، والمستشار حسام الغريانى، رئيس محكمة النقض ومجلس القضاء الأعلى السابق.
المستشار أحمد مكى، نائب رئيس محكمة النقض السابق، وصف القضاة والقانونيين الذين يرفضون عودة مجلس الشعب، ويؤكدون أنه باطل ومنعدم ويهاجمون الرئيس محمد مرسى، بسبب قرار عودة مجلس الشعب، بأنهم قضاة وفقهاء العسكر وترزية القوانين، وقال "هم مش عارفين يقولوا بنحب العسكر، فلجأوا إلى مسألة الدفاع عن القانون والقضاء والأحكام القضائية".
وقال "مكى" لـ"اليوم السابع"، إن القاضى موظف عند السلطة التنفيذية التى تعطيه مرتبه، لافتًا إلى أن بعض القضاة يحبون التقرب من السلطة والمجلس العسكرى، ويتمنون الإطاحة بمجلس الشعب وعدم عودته، لتعود سلطة التشريع للمجلس العسكرى، ليضع هو القوانين بدلا من مجلس الشعب المنتخب، والذى يعبر عن إرادة الأمة، مضيفًا "هم عايزين يسقطوا مجلسى الشعب والشورى والجمعية التأسيسية لتعود الأمور كلها فى يد المجلس العسكرى من جديد".
أما المستشار أحمد الزند، رئيس نادى القضاة، فاتهم من يؤيدون قرار "مرسى" بعودة مجلس الشعب، ومن يؤكدون أن حكم "الدستورية" لا يحل البرلمان بالكامل، وإنما يحل الثلث فقط، بأنهم إما لم يقرأوا وهذه مصيبة، وإما أنهم قرأوه ولهم هوى وغرض ومرض، لأن من شأن تفسيراتهم المغلوطة أن تلقى الشك والحيرة، ولأنها فيها التفاف على الحكم والقانون، مشددًا على أن المحكمة الدستورية العليا لم تخطئ.
وقال المستشار عبد العزيز سلمان، رئيس هيئة المفوضين بالمحكمة الدستورية العليا، إن وسائل الإعلام تمتلئ يوميًا بفتاوى لفقهاء لا يقصد بها إلا التقرب من السلطان، مشيرًا إلى وجود فقهاء قانونيين يدلون بتفسيرات غير صحيحة، تشير إلى ضرورة الالتزام بمنطوق الحكم فقط دون الأسباب والحجج، وللأسف بعضهم رجال قضاء، بحسب قوله.
حكم "الدستورية" بحل "الشعب" وقرار الرئيس بعودته يظهر الانقسام بين القضاة.. "مكى": من هاجموا قرار "مرسى" فقهاء العسكر وترزية قوانين..والزند: تفسيرات مؤيدى القرار ألقت الشك والريبة فى النفوس
الأربعاء، 11 يوليو 2012 04:59 م