بدلا من قانون الله هناك قانون وضعى، يحمى الجريمة، ويحمى الرذيلة.. وبدلا من عبادة الله هناك عبادة (الإنسان)، أو عبادة (النظم) أو غير ذلك، وبدلا من (الأخلاق الدينية) تسود الحرية الفوضوية الغابية التى تتفكك فيها الأواصر التى تربط المجتمعات الإنسانية، ويتحول ملايين البشر إلى جزر متنائية لا علاقة تربط بعضها بالبعض، وبدلا من الضمير يوجد الجهاز السياسى والشرطة وأجهزة المخابرات، والدعوة إلى الحياة بدون الدين هى مذهب تنظيمى تنتشر بصماته وآثاره منذ بروز (أوروبا) كأكبر قوة دولية عسكرية وسياسية واقتصادية، فعبر هذا التقدم فى هذه المجالات المختلفة استطاع اليهود أن يتلمسوا الأبعاد التاريخية المستقبلية، والقوى الحقيقية التى ستحكم عالم الغد، بالنسبة لحضارة بدأت تستيقظ على أصداء (ضرباتها للكنيسة) . وقد أحيا اليهود فكرة لا يستطيع أحد أن يزعم – بتأكد ملموس أنه يعرف مرحلة نشأتها التاريخية، ويبدو أنها – ونحن نرجح هذا – فكرة صاحبت مسيرة التاريخ اليهودى كله، وعلى الرغم من أنها فكرة لا أخلاقية ولا إنسانية، وتعتمد كذلك أساليب لا إنسانية، فإنها كانت – فى تصورنا عاملا من عوامل بقاء اليهود وتماسكهم، أن هذه الفكرة التنظيمية – التى تهدد مستقبل الإنسانية كلها– هى الماسونية التى تتبنى فكرة الحياة بلا دين إلا دين اليهودية الإقليمى بالطبع، وهى تعمل بكل الوسائل على نشر الأفكار الهادمة للمبادىء الدينية وتضع ذلك تحت شعارات مختلفة، معظمها يروج فى عالم القرن العشرين ومن هذه الأفكار: فصل الدين عن الدولة، يقول الماسونيون فى مجلتهم الماسونية : إن النضال ضد الأديان لا يبلغ نهايته إلا بعد فصل الدين عن الدولة، والحط من كرامة رجال الدين واشاعة احتقارهم، وتقول بروتوكلات حكماء صهيون فى ذلك: وقد عنينا عناية عظيمة بالحط من كرامة رجال الدين، وبذلك نجحنا فى الإضرار برسالتهم التى كان يمكن أن تكون عقبة فى طريقنا، الهجوم على الجانب الغيبى والعقيدى، ومن أقوالهم: يجب علينا أن نحطم كل عقائد الإيمان، وإقامة الحكومات والنظم العلمانية، وهم يجعلون ذلك أبرز أهدافهم ويقولون: إن هدف الماسونية هو تكوين حكومة لا تعرف الله، وقد نجحت الماسونية فى داخل الحضارة الأوربية ومجالات تأثيرها نجاحا كبيرا، بحيث يبدو أن أى محاولة لرسم صورة للتركيب الحضارى الأوروبى لابد أن تقنعنا بجلاء بأن الروح الأخلاقية التى اطلعت عصر النهضة، قد آلت إلى روح لا أخلاقية تكتنف كل مظاهر الحياة، وحتى العقل الذى عبد فى مطلع هذه النهضة، طغت عليه مذاهب لا معقولية تهيمن على عوالم الفن والأدب والسلوك الاجتماعى، واستغل الماسون الشعارات الثورية: الحرية والإخاء والمساواة فأصبحت – بذاتها – بعد أن جعلوها مذاهب – وسائل هدم تهدد حياة ومستقبل الإنسان بالخطر، والتطور الفنى والتقنى استغله هؤلاء أيضا وأقنعوا الفكر الأوروبى بأن هذا التطور فى علوم الطبيعة كاف بذاته لإعطاء تفسير يغنى عن تفسير أصل الأشياء بالله وكاف فى الدلالة على إمكانية الاستغناء عن الله، وكأنما نظام ( قانون) حركة ماكينة ما، كاف فى الدلالة على أنها صانعة نفسها!.
صورة أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة