أفهم جيدا أن العدو يتربص بنا ولا يريد لنا قائمة بل هو فى سبيل ذلك يجلس معنا وجهاً لوجه على مائدة مفاوضات أو فى الصالونات الدبلوماسية، ويفعل فى الخفاء عكس ذلك تماماً، فهذه أجندة معلنة وهذه أجندة غير معلنة (أسف استخدمت لفظ أجندة وهو نفس اللفظ الذى استخدمه النظام القديم أثناء ثورة 25 يناير)، ولكن ألا تتفق معى فى أننا نساعده بتصرفاتنا وأفكارنا وانجذابنا الأعمى نحوه.
إذا كان الغرب يفعل هذا منذ سنوات عديدة (اقرأ التاريخ) فلماذا ينجح دائما معنا ويصل إلى هدفه الذى يصبو إليه؟ ألا نتعلم من أخطائنا أم أننا دائما نفترض حسن نواياهم؟ أليس هذا غريباً، هل من الطبيعى أن يتحول كل شىء من حولك إلى شىء مستورد وأن تقتنع أنت كمواطن عربى أو مصرى أن هذا هو الشىء الطبيعى لأننا لا نعمل ولا نقدم للبشرية أى شىء مفيد وتستمر على نفس طريقة التفكير وكأنك بعيدا عن هذا المجتمع.
لماذا نتحول إلى مجتمع استهلاكى وهم مجتمع إنتاجى؟ لماذا هم يعملون ونحن يحلو لنا الكلام؟ لماذا هم يصلون إلى أهدافهم ونحن نتعثر فى الطريق ونتحجج بهم؟ لو أنهم نجحوا فى هذا مرة أو مرتين فلماذا لا نتعلم أننا يجب أن نغير أسلوب وطريقة تفكيرنا بل طباعنا أو أننا نقتنع أن سمة شىء غريب فينا نحن فى حياتنا ويجب أن يتغير، لماذا حكامنا منجذبين بمغناطيس المصالح للغرب إلى أبعد الحدود التى تفقدنا قدرتنا على النهوض لماذا يتطوعون لأفساد كرامتنا معهم، هل قتلت المصالح الضمير؟
انظر حولك وأنت تعلم جيدا أننا نفعل فى أنفسنا أكثر مما يفعله الغرب بنا، هل تعمل كما ينبغى؟ هل تذاكر من أجل أن تعرف لا من أجل أن تنجح؟ هل تقرأ لتبتعد عن نقطة الجهل كما يقول العقاد؟ هل نقدر العلم الذى تتقدم به الأمم؟ هل تنظر إلى المصلحة العامة وليس مصلحتك الشخصية فقط، وكأنك أنت وحدك فقط من يجب أن يحصل على حقوقه؟ نحن أعداء أنفسنا فى المقام الأول لذا فقد كانت مهتهم سهلة إلى أبعد مما كانوا يتخيلون هم.
وأنا لا أقصد أبدا أن ننفصل عن حضارتهم أو أن نرفضها فلا يمكن ونحن نعيش فى عالم أصبح مثل القرية الصغير أن ننغلق نحن على أنفسنا ونتفاعل مع بعضنا البعض لأنهم أعداء ويجب أن نبتعد عنهم. لا ليس هذا ما أقصده ولكن القصد أن يكون لدينا فلتر نستطيع به أن نحتفظ بهويتنا، وأن نصفى به أفكارهم الشاذة فقط.
أن نلفظ نحن الفاسد قبل أن يكون هو الأساس فى المجتمع الذى نعيش فيه. أن نعمل كما ينبغى أن نقرأ أن نتعلم أن نراعى ضمائرنا فيمن حولنا، أن نفعل هذا كما يأمرنا ديننا، أن نصلح من أنفسنا.
الأسرة هى نواة المجتمع فإن أصلح كل فرد فى الأسرة حاله لانصلح حال المجتمع ولما وجدنا العدو هكذا مشتتين يمينا ويسارا كما يريد، انتهى عصر الاستعمار العسكرى وحل بنا الاستعمار الثقافى وهو أقوى بكثير وأخطر ويجب أن نغير طريقة تعاملنا معه فلا نقتنع بكل الأفكار الغريبة لأنها من الغرب المتقدم لا بل ندرسها ونتفحصها ونطوعها فى إطار الدين والعادات والتقاليد.
ولنعلم جيدا أن حضارتهم التى يتفاخرون بها هى على انقاض حضارتنا القديمة تلك الحضارة التى كنا عليها عندما كنا ننظر إلى العلم والعلماء أنهم مصباح الطريق، ولا ينبغى أن نركن إلى أننا كنا أصل الحضارة فإن كنا أصلها فيجب أن نستكمل طريقنا ونستعيد مكانتنا التى تليق بنا، وألا يكون حالنا يسر العدو ولا يسر الحبيب .
تفاعل مع كل ماهو جديد ولا ترفضه كله ولا تأخذه كله إلا بعد التفكير والتأمل فيه جيدا فإن الأمم لا تتقدم إلا بالمعرفة ولن تجد المعرفة وأنت منغلق على نفسك ولن تجدها فى انفتاحك المطلق بل ستجدها بتفكيرك فقط.
صورة أرشيفية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
Adel
الله ينور عليك