من الواضح أن كثيرين ممن ينشطون فى الساحة السياسية المصرية، وبينهم قادة أحزاب وأساتذة للعلوم السياسية والقانونية فى الجامعات وكتاب «كبار» ومحللون سياسيون و«قيادات» فى ائتلافات الشباب التى تكاثرت أخيرا بصورة لافتة للنظر لا يؤمنون بالديمقراطية ويفتقرون لثقافة تقبل الهزيمة والإقرار بفوز منافسيهم.. وللأسف فقد بدت هذه السلبية واضحة فى رد فعل عدد من المرشحين لمنصب رئيس الجمهورية خرجوا من السباق بعد الجولة الأولى، وبينهم اثنان كانا ينافسان الفائزين على دخول جولة الإعادة، وآخرون كانوا بعيدين عن المنافسة تماما، فقد لجأ هؤلاء للطعن فى الانتخابات بالتزوير رغم التقارير المحلية والدولية للمراقبين وشهادات القضاة الذين أشرفوا على الانتخابات بنزاهة وحرية هذه الانتخابات، ثم تبنوا دعوة عبثية بإلغاء نتائج الجولة الأولى لانتخابات الرئاسة ووقف الجولة الثانية المحدد لها يومى السبت والأحد القادمين، وتشكيل مجلس رئاسى من أحد المرشحين اللذين يخوضان جولة الإعادة «د.محمد مرسى» والمرشحين اللذين احتلا الترتيب الثالث والرابع «حمدين صباحى وعبدالمنعم أبوالفتوح»، وتصدير هذه الدعوة للشباب المحتشد فى ميدان التحرير ضد حكم القضاء فى قضية مبارك ونجليه والعادلى ومعاونيه، رغم علمهم بأن هذا المطلب لا يستند إلى أى منطق أو أساس دستورى أو قانونى، ولجأ بعض المحللين المنحازين لهؤلاء أو لمرشح حزب الحرية والعدالة «د. محمد مرسى» إلى الحديث عن الأرقام والنسب فى تصويت المرحلة الأولى، وترويج قراءات واستنتاجات خاطئة من هذه الأرقام، لتبرير الدعوة لإلغاء الانتخابات وتشكيل المجلس الرئاسى المدنى.. فقال أحدهم إن د. محمد مرسى حصل على 5 ملايين و762 ألفا و952 صوتا بنسبة 24.77% من الأصوات الصحيحة (23265515 صوتا)، أى أن نسبة 75.23% من الناخبين رفضته, ومنافسه «أحمد شفيق» حصل على 5 ملايين و505 آلاف و327 صوتا بنسبة 23.66% من الأصوات الصحيحة، أى أن نسبة 76.34% من الناخبين رفضته. وقال آخرون إن المرشحين المطالبين بالدولة المدنية حصلوا على 53.13% من الأصوات الصحيحة، أى على الأغلبية، ووضعوا ضمن هؤلاء مرشحا ينتمى بشكل قطعى إلى تيار الإسلام السياسى هو «د. عبدالمنعم أبوالفتوح»!
إن هذا المنطق الخاطئ فى قراءة الأرقام يتجاهل عمدا أن الجولة الأولى للانتخابات الديمقراطية فى كل بلاد العالم تشهد دائما نتائج مماثلة، وتدور النسبة التى يحصل عليها أى مرشح ما بين %20 وأقل من %30، وفى انتخابات رئاسة الجمهورية الفرنسية التى جرت يوم الأحد 22 إبريل الماضى حصل المرشح الاشتراكى فرانسوا هولاند على 10 ملايين و272 ألفا و705 أصوات بنسبة 28.63% وحصل نيكولاى ساركوزى رئيس الجمهورية المنتهية ولايته ومرشح «حزب التجمع من أجل الحركة الشعبية» اليمينى على 9 ملايين و753 ألفا و629 صوتا بنسبة 27.1%، ولم يقل أحد أن 71.37% من الناخبين الفرنسيين رفضوا فرانسوا هولاند الذى انتخب رئيسا لفرنسا فى جولة الإعادة فى 6 مايو الماضى، والرد على هذه القراءات الخاطئة لدلالات أرقام ونسب التصويت فى الجولة الأولى للانتخابات الرئاسية والدعوات غير المسؤولة لإلغاء النتائج وتشكيل ما يسمى بـ«المجلس الرئاسى» يتمثل فى الإقبال على التصويت فى جولة الإعادة السبت والأحد القادمين، واختيار رئيس جديد لمصر بإرادة شعبية حقيقية.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة