د. على ثابت يكتب: العبث الرئاسى

السبت، 09 يونيو 2012 02:26 ص
 د. على ثابت يكتب: العبث الرئاسى مرشحى الرئاسة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى مشهد مصرى خالص تتفرد به الحالة المصرية بامتياز نجد انتخابات رئاسية، تمت مرحلتها الأولى من الناحية الإجرائية بنجاح منقطع النظير، وشهدت مصر والعالم لأول مرة انتخابات حقيقية لاختيار رئيس لجمهورية مصر العربية، قلب الأمة العربية النابض، ومن قلب الأمة النابض إلى قلب القاهرة المفعم بالحيوية نجد ميدان التحرير يشتعل من جديد على خلفية الأحكام غير المتوقعة على معظم المتهمين فى قضية قتل المتظاهرين، واستثمرت بعض القوى السياسية حالة الرفض الشعبى لهذه الأحكام لتحويله إلى رفض المرشح المحسوب على النظام السابق، وكما كان الشعب مفاجئاً للجميع فى ثورته تفاجأ الجميع أيضاً برفض الميدان للعملية السياسية برمتها بما فيها الانتخابات الرئاسية ! أصبح الحديث اليوم عن أطروحات بعض مفكرى الأمة فى الأيام الأولى للثورة المصرية عن مجلس رئاسى مدنى هو مطلب الميدان ومالكيه الذين استعادوا مرة أخرى زمام المبادرة.
وهو ما يضع الجميع فى مأزق حقيقى، فقد ارتضينا بالانتخابات كطريق طبيعى لاختيار الرئيس القادم بعد سنوات طوال من حكم الرئيس وولده، وبعد أن شاهدنا وشاهد العالم كله سلامة ونزاهة الجولة الأولى من الانتخابات، جاءت الرياح بما لا تشتهى سفن المتنافسين على حد سواء، وعاد مطلب المجلس الرئاسى المدنى ولكنه عاد كمأزق بعد أن كان حلماً للجميع، فلم يعد من المقبول لا محلياً ولا حتى دولياً إلغاء انتخابات الرئاسة بدون سبب يتعلق بسلامة أو نزاهة الانتخابات نفسها، واستبدال طريق شرعى لا خلاف عليه بين جميع الدول والأنظمة بطريق لن يحظى بكل تأكيد على موافقة الجميع، سواء مرشحا جولة الإعادة ومناصروهما أو حتى معارضوهما.

فالمناصرون لكل مرشح يرون أنهم سلكوا طريقاً دستورياً وشرعياً للوصول إلى الرئاسة بغض النظر عن وجود اعتراض على خلفية أو انتماء مرشحهم، فالواقع يقول إن كل مرشح منهم حصل على عدة ملايين من أصوات الناخبين وهو ما لا يمكن تجاوزه أو تجاهله بأى صورة من الصور، وبعض المعارضين للفائزين بالجولة الأولى يرون أن طريق الديمقراطية والانتخابات الرئاسية أوصلهم إلى طريق ملئ بالألغام، وجعلهم فى خيارين أحلاهما مر كما يقولون، ولذا جاء الاعتراض على حكم المحكمة ليعيد الكرة مرة أخرى للميدان ليختلط الاعتراض على حكم المحكمة وهو حكم قانونى يواجه الاعتراض عليه بالقانون بالاعتراض على الفائزين فى الجولة الأولى من الانتخابات دون تفرقة سواء من ساعد على حشد الناس فى التحرير لأسباب انتخابية أو خرج بتلقائية لشعوره بالظلم لبراءة من يراهم قتلوا الشهداء.

هؤلاء الشهداء الأطهار الذين خرجوا ببراءة من أجل الحرية والكرامة والعدالة للجميع فذهبوا إلى من لا يٌظلم أحد عنده وبقى من يتاجر بدمهم لأغراض دنيوية زائلة طالت أو قصرت، وباسم الشهداء والقصاص لهم، انقسم الناس سواء صدقوا فى إدعائهم أو كذبوا بين مؤيد لاستكمال الانتخابات ومؤيد للمجلس الرئاسى المدنى ولكل منهم حججه وأسانيده وما يقوى وجهة نظره، وهو ما يجعلنا نبحث عن حل وسط للخروج من هذا العبث الرئاسى بعمل توافق بين وجهتى النظر المختلفتين وذلك بالاتفاق على تشكيل مجلس رئاسى مدنى يضم الخمسة الحاصلين على أعلى الأصوات فى المرحلة الأولى من الانتخابات الرئاسية على أن يرأسه الفائز فى الجولة الثانية من الانتخابات وبذلك نكون قد جمعنا بين وجهتى النظر المختلفتين، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإننا نكون قد استكملنا مرحلة اختيار رئيس الجمهورية بطريقة طبيعية لنمنحه القوة والشرعية أمام جميع مؤسسات الدولة وأمام العالم وفى نفس الوقت نكون قد أرضينا جميع فئات الشعب.

وفئات الشعب هذه ستكون ممثلة طبقاً لتوجهاتها فى الاختيار، أضف إلى ذلك أن كون عدد أعضاء المجلس خمسة هذا سيسهل عملية اتخاذ القرار داخل المجلس، أما عملية التكييف القانونى لهذا المجلس فلدينا فقهاء دستوريون يستطيعون صياغة تعديل للإعلان الدستورى بما يسمح بذلك وإن صعب الأمر فليكن الرئيس هو الفائز بالجولة الثانية، والخاسر هو نائبه الأول والثلاثة الآخرون نواب للرئيس، وبالتالى نستفيد من إمكانيات وقدرات كل مرشح اقتنع به ملايين الناخبين المصريين وصوتوا له، فلكل واحد منهم خبراته وتميزه فى مجال ما عن غيره، فقد منح الله سبحانه وتعالى لكل واحد فينا ما يميزه عن غيره، ولو نظرت إلى هؤلاء المرشحين الخمسة ستجد كل واحد منهم متميزا عن الأربعة الآخرين بوضوح فى جانب معين أو خبرة فى مجال ما، ونحن فى هذه المرحلة الانتقالية والتى ستظل انتقالية على الأقل للعامين القادمين بحاجة إلى جهد وفكر وعمل الجميع دون استثناء فنحن فى مرحلة إعادة بناء دولة معظم مؤسساتها متهالكة وطغت عليها شيخوخة نظامها السابق.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة