أعلن حمادى الجبالى، رئيس الحكومة التونسية وأمين عام حركة النهضة الإسلامية، التى تقود الائتلاف الثلاثى الحاكم فى تونس، أن بلاده ستسلم البغدادى المحمودى، آخر رئيس وزراء فى عهد العقيد الليبى الراحل معمر القذافى، والمسجون فى تونس منذ سبتمبر الماضى، إلى ليبيا حتى إن لم يوقع الرئيس التونسى منصف المرزوقى قرار التسليم مثلما ينص عليه القانون التونسى.
وصرح الجبالى فى مقابلة مع وكالة فرانس برس الجمعة، أن دستور تونس الصادر سنة 1959 والذى لا يسمح بتسليم الأشخاص المطلوبين للعدالة خارج تونس إلا بعد توقيع رئيس البلاد على قرارات التسليم، تم تعليق العمل به بعد الإطاحة بالرئيس المخلوع زين العابدين بن على.
وقال "المحكمة الإدارية التونسية قالت لنا إنه ليس هناك ضرورة لتوقيع قرار التسليم الخاص بالمحمودى من قبل الرئيس".
وكان الرئيس التونسى أعلن فى مقابلة مساء الخميس مع تليفزيون "حنبعل" التونسى الخاص "معارضته المبدئية" لترحيل البغدادى المحمودى إلى ليبيا فى "الظروف الراهنة" لأنه "قد يتعرض للتعذيب أو للقتل"، وقال إنه يفضل أن "يسلم إلى حكومة منتخبة من قبل الشعب الليبى".
وفى شأن آخر، ذكر حمادى الجبالى، أن حكومته غير مسئولة عن ذهاب شبان تونسيين إلى سوريا للقتال إلى جانب المعارضة المسلحة فى نزاعها ضد قوات الرئيس بشار الأسد، لافتاً إلى أن ذهاب شبان تونسيين للقتال خارج بلادهم ظاهرة "ليست جديدة" ولا تخص الشباب التونسى وحده.
وقال "هذا ليس جديدا، الشباب التونسى تحول إلى كل مكان (للقتال) كالعراق وأفغانستان والصومال، نحن لا نبعثهم بل يذهبون (من تلقاء أنفسهم) رغما عنك وعنى، وهذا (الأمر) لا يتعلق بالشباب التونسى وحده".
وفى مايو، اعلن سفير سوريا فى الامم المتحدة بشار الجعفرى وجود "إرهابيين أجانب" فى بلاده، وأكد أن بحوزة الحكومة السورية اعترافات مسجلة من "26 إرهابياً بينهم من ينتمى إلى تنظيم القاعدة"، موضحاً أن أغلب هؤلاء من التونسيين والليبيين إضافة إلى فلسطينى وأردنى.
وبث التليفزيون السورى مؤخراً اعترافات، قال إنها لـ"إرهابيين" تونسيين دخل أغلبهم إلى سوريا عبر تركيا.
من ناحية أخرى، نفى الجبالى صحة تقارير صحفية حول وجود توترات أو مشاكل مع الجزائر المجاورة منذ صعود الإسلاميين إلى الحكم فى تونس.
وقال "مع يجمعنا مع أشقائنا فى الجزائر هو صفر % مشاكل و100% تعاون اقتصادى وأمنى وسياسى".
ورداً عن سؤال بشأن الظاهرة السلفية فى تونس، اعتبر الجبالى أنها "ظاهرة اجتماعية جزء من أسبابها موجود فى تونس وجزء مستورد".
ولفت إلى أن "جزءاً" من السلفيين فى بلاده يحملون "تصورات خاطئة" ويعتقدون أن "الشعب التونسى كافر وضال" وأن البلاد "يجب فتحها وغزوها بالقوة"، محذراً من أن استعمال السلفيين "للعنف اللفظى والمادى" لفرض قناعاتهم على الآخرين "مرفوض سياسياً وشرعياً".
وذكر أنه كان من بين قيادات حركة النهضة التى عرفت "الغلو" الدينى فى سن الشباب "لكننا تأقلمنا وفهمنا بسرعة أننا جزء من الشعب ولا نمثل كل الحقيقة ويجب أن نبحث عن إصلاح هذا المجتمع انطلاقا من واقعه وإلا نسقط عليه نماذج لا يفهمها ولا يقبلها".
من ناحية أخرى، توقع الجبالى أن "ترسيخ ثقافة ديمقراطية فى تونس قد يستغرق نحو 20 عاما".
وذكر أن حركة النهضة التى تقود ائتلافا حاكما مع حزبى "المؤتمر" و"التكتل" اليساريين لا تريد أن تحكم تونس بمفردها، لأن ذلك "مضر بالتجربة الديمقراطية" الوليدة فى البلاد ولأن "زمن الأحادية الحزبية انتهى".
واعتبر التحالف الحكومى فى تونس بين حزب إسلامى وحزبين غير إسلاميين "نموذجاً لبقية الدول العربية والإسلامية".
وتوقع أن مستقبل هذا التحالف يتوقف على مدى "تفاهم وتناغم واتفاق" الأحزاب التى تشكله.
وتابع "حتى داخل حركة النهضة يجب أن تكون هناك تعددية لأننا لسنا قالبا واحدا، وأريد أن أرى النهضة منفتحة أكثر".
ولاحظ الجبالى أن حركة النهضة "معطى (سياسى) أساسى فى تونس، ولا يمكن حكم تونس إلا بالنهضة".
واعتبر إن الهدف من محاولات أحزاب سياسية لم يسمها "الإطاحة بالنهضة وإفشالها (بعد صعودها إلى الحكم) هو إفشال التجربة الديمقراطية التونسية".
وأشار إلى إن حزبه يستمد قوته من تماسكه ووحدة صفوفه "فليس هناك حسابات شخصية ولا احد يعتبر نفسه زعيما".
وأضاف أن "مشكل الزعامة والبحث عن "القيادة" و"الحسابات الشخصية" هى السبب فى انقسام أحزاب المعارضة التونسية.
وقال الجبالى، إنه لا ينوى الترشح "إلى أى منصب" فى حركة النهضة الذى ستعقد مؤتمرها العام فى شهر يوليو 2012 ولا يطمح إلى "أى زعامة فى الحكومة القادمة".
وذكر أنه "كان يأمل" أن يعفى من مهام الأمانة العامة لحركة النهضة، لأنه "لا يقوم بواجباتها ولا يجد وقتا حتى لحضور اجتماعات النهضة" بسبب مسؤولياته على رأس الحكومة.
ولفت إلى أن حكومته تسلمت مهامها والبلاد تمر بـ"ظروف صعبة جداً".
ورداً عن سؤال حول تقييمه لأدائه على رأس الحكومة، قال الجبالى الذى أمضى أكثر من 15 عاماً فى السجن زمن الرئيس المخلوع بن على "أنا رئيس حكومة غير محترف، بل مناضل".
الجبالى يؤكد أن البغدادى المحمودى سيسلم إلى ليبيا بدون توقيع الرئيس
السبت، 09 يونيو 2012 03:34 ص