محمد السنوسى يكتب:هل "غدًا" معناه "اليوم"؟

الخميس، 07 يونيو 2012 05:23 م
محمد السنوسى يكتب:هل "غدًا" معناه "اليوم"؟ صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
"غدًا سيأتى حقى، غدًا سيأتى حقى" على هذه الجملة أفاق الشيخ الكبير من نومه وظل يردد آيات من القرآن حتى دخلت عليه الأم الثكلى فأخبرته بأنه يجب أن ينهض لأنها رتبت له الأمور استعدادًا لمشاهدة لحظة القصاص، فأخبرها بأنه رأى زهرة عمرهما فى المنام هذه الليلة، فتبسم وجهها وأخذت تسأله عن مضمون المنام، فأخبرها بأن الزهرة التى فقداها فى الدنيا واحتسباها عند ربهما من الشهداء أخبرته بأن الحق سيأتى اليوم، حق ولده الذى استشهد فى سبيل الله كما كان يحب أن يقول دائمًا.

نهضت الأم بسرعة وأخبرت الشيخ بأنه لابد أن يقوم الآن، فقد حانت لحظة معرفة الجزاء فخرج الشيخ من غرفته فوجد ابنه الذى بقى له فى الدنيا والذى لم يكمل عقده الثانى، وجده جالسًا فى ترقب شديد وفى يده صورة لأخيه مكتوب عليها "اليوم واليوم فقط" فجلس الشيخ بجوار ولده وقال له إن أخاه زاره فى المنام وأخبره بأن حقه سيأتى غدًا، فرد عليه ابنه بأن غدًا معناه اليوم الذى سيحكم فيه على الجناة بالعدل والقصاص.

فى وسط هذا سمع الكل صوت القاضى، وما هى إلا لحظات حتى دخل الجميع فى بكاء شديد من فرط حماسة كلمات القاضى الأولى التى أشعلت المشاعر، ولكن بعدها بقليل تحجرت الدموع فى العيون والشيخ الكبير يردد"عدم كفاية الأدلة؟!! عدم كفاية الأدلة!!" ضاع الحق لعدم كفاية الأدلة، تنهد الأب تنهيدة جعلت الأم والابن ينظران إليه فوجداه ينظر إلى أعلى ويقول: أىَّ غدٍ كنت تقصد يا ولدى؟ وهل كنت تقصد اليوم كما قال أخوك؟ أم متى؟ هل هذا الغد لم يأتى بعد؟ وهل يمكن أن يأتى؟

استمر الشيخ فى تنهيداته إلى أن فارق الحياة وهو ينظر إلى الجناة بعد سماعهم حكم البراءة، فصرخت الأم وظل الابن الأصغر مصدومًا وهو ينظر إلى صورة أخيه التى فى يده وعلى أبيه الذى فارق الحياة، الصورة التى كتب عليها "اليوم" يوم عودة الحقوق هل بات مستحيلاً؟ أخذ الابن يصرخ ويقول هل "غدًا" معناه اليوم؟

الحالة الشعورية لمن يمر بمعاناة أو كارثة قد تجعله يمارس سلوكًا يُشعر من لم يمر بمثل هذه الحالة بأنه سلوك متهور وهمجى وغير مسئول، ولكنى أقول إن الذى يجرب غير الذى يشاهد ويقيم ويحلل، حق الشهداء من الأمور التى تسير فى هذا النسق، ورغم كل هذه الهجمات الدنيئة فإن الحق سيأتى أيًّا كان الوقت وأيًّا كان معنى ذلك الغد فإنه سيظل الهدف الذى نسعى إليه، وأراه "غدًا" قريبًا جدًّا.





مشاركة




التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

الصحصاح

الحسنية

اللة يرحامهم

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة