علق مجلس العلاقات الخارجية الأمريكية على الأحكام التى صدرت ضد الرئيس السابق حسنى مبارك ووزير داخليته حبيب العادلى، بالسجن المؤبد وبراءة قيادات وزارة الداخلية من تهمة قتل المتظاهرين، وقال فى تقرير لستيفين كوك إن العدالة لم تأخذ مجراها، فالمصريون أرادوا من تلك المحاكمة الانتقام أكثر من تحقيق العدالة، وكلاهما لم يحدث.
وأضاف المجلس فى تقريره، أنه من الصعب توقع تحقيق العدالة فى ظل الظروف الحالية فى مصر. فمصر لم تقم بثورة، والنظام السياسى لم يتم الإطاحة به وإحلاله بآخر. فقط رئيس الدولة تمت الإطاحة به مع نخبة من حاشيته. ونتيجة لذلك، فإن مبارك قد حوكم أمام نظام قانونى مزور وغير مستقر خدم مصالح قادته مثل مبارك ومساعديه والمدافعون عن النظام الذى بدأ فى الخمسينيات.
ورغم الإدانة الكبيرة لمبارك فى الحكم، إلا أن القاضى أحمد رفعت عُرف عنه أن متعاطف مع الرئيس السابق الذى يدين له بمنصبه ومكانته، على حد قول كوك. وبالتالى فليس صعبا تصور أن العقوبات التى صدرت بحق مبارك والمتهمين الذين كانوا معه ستكون أقل بكثير مما توقعه المصريون.
ويمضى التقرير فى القول إن السبب فى إقامة المحاكمة أن المصريين طالبوا بالانتقام، فى حين أراد المجلس العسكرى الاستقرار، فمنح الشعب محاكمة كانت مسرحية مثيرة، الديكتاتور السابق فى القفص، عائلات الشهداء أمام أكاديمية الشرطة، والشهادات تبث على الهواء. ومع كل الأمور غير المعقولة التى حدثت فى مصر فى الأشهر السابقة، فإن الاعتقاد ساد بأن الانتقام ربما يتحقق من خلال الحاكم. وذهب هذا الاعتقاد إلى حد أن الثوار يمكنهم أن يسيسوا البيئة إلى المدى الذى سيجعل رفعت ومساعديه يأمرون بإعدام مبارك، وبذلك يشير الكاتب إلى أن المصريين كانوا مهتمين بالانتقام أكثر من تحقيق العدالة.
ويوضح تقرير المركز الأمريكى أن العدالة كان من المستحيل أن تتحقق فى ظل غياب الدستور الجديد، وغياب القضاء المستقل وتحديث قانون العقوبات. وذكَر الكاتب بمقترحه العام الماضى بإنشاء لجنة الحقيقة والمصالحة، على غرار ما حدث فى جنوب أفريقيا، كأفضل طريقة لتمضى بها مصر قدما، والتى ربما لن ترضى رغبة المصريين فى الانتقام، لكن التنازل مطلوب فى بعض الأحيان من أجل المصلحة الأكبر.
وينتهى التقرير إلى القول بأن المصريين باختيارهم إجراء محاكمة يجب أن يتعايشوا مع العواقب التى ربما تشمل تبرئة مبارك، فالعدالة والانتقام لم يتحققا. ومن بين كل المفارقات التى شهدتها مصر فى مرحلة ما بعد مبارك، ربما كانت تلك هى الأكثر صعوبة.
مجلس العلاقات الخارجية: المصريون أرادوا الانتقام أكثر من العدالة وكلاهما لم يتحقق.. مصر لم تقم بثورة.. والنظام السياسى لم يتم الإطاحة به لذلك من الصعب توقع تحقيق العدالة
الثلاثاء، 05 يونيو 2012 03:07 م