انتقد جواشوا ستاتشر، باحث أمريكى فى جامعة "كينت" المجلس العسكرى قائلا إنه برغم أن العالم أجمع أشاد بانتخاب أول رئيس مصرى مدنى، باعتباره "تحولا" للسلطة ونجاحا للديمقراطية، إلا أنه "لا يوجد سبب كاف للاحتفال"، فهذه الانتخابات رسخت من حكم "العسكرى" الذاتى غير الخاضع للمساءلة، وكانت أداة أكد من خلالها سلطته التنفيذية وكسب الشرعية العامة التى يحتاجها.
ومضى الكاتب يقول إن معظم المحللين افترضوا أن حكومة مبارك انهارت فى فبراير عام 2011، إلا أنهم كانوا مخطئين، فالنظام لم يتغير، بل أعيد تشكيله، فالهياكل المركزية الأساسية للنظام الذى ورثه عن مبارك لا تزال قائمة، وسعى القادة للحفاظ عليها، وكانت الانتخابات أداتهم فى تحقيق ذلك.
ويعكس المجلس العسكرى مدى قدرة النخبة الحاكمة على التكيف، فالقادة أعادوا تشكيل الائتلاف الحاكم باستخدام السلطة المركزية لتحييد القوى السياسية المدرجة حديثا وتقسيم المتظاهرين المهمشين بالأساس، وفى غضون هذه العملية منع الجيش بشكل فعال جميع الفئات من مقاومة زحفه باعتباره سلطة رابعة.
ورأى الباحث أن هذا كان ممكنا بسبب أجهزة الدولة التى رغم تعطيلها، بعد تنحى مبارك إلا أنها ظلت تعمل، فالتسلسل الهرمى داخل بيروقراطية الدولة ظل موجودا فى الوقت الذى خفت فيه تأثير المظاهرات، وبدأت وسائل الإعلام الحكومية تتهم المتظاهرين بإحداث الفوضى وإخافة السياح وكونهم عملاء لعناصر أجنبية، واحتلت مطالب العمال والمرأة والأقباط مرتبة المصالح الخاصة ذات أهمية ثانوية.
ومضى الباحث يقول إن أجهزة الأمن أعيد تصنيفها ومنحت عمليات التبرئة فى المحاكم ضمانا لهم بأن قمعهم للمصريين لن تكون له انعكاسات قانونية، وبمرور الوقت، بدأ نظام ما بعد مبارك يبدو ويعمل مثل سلفه، وسعى بعد ذلك المجلس المدعوم من قبل أجهزة الدولة لتشكيل تحالفات لاحتواء قوة المظاهرات المستقبلية.
وذهب المصريون للاقتراع خمس مرات منذ مارس عام 2011، وبدلا من أن تنتج هذه الانتخابات خيارات حقيقية، استخدمها المجلس لخلق بيئة يستطيع من خلالها التفاوض للتوصل إلى اتفاق مع الفائزين، وشاركت جماعة الإخوان المسلمين الذى تحاول أن تحظى بموطئ قدم فى النظام، إلا أنها تبقى عاملا ضعيفا مجبرا أن يتنافس على أرض معركة غير عادلة.
واستبعد ستاتشر أن تخضع أى حقيبة للأمن القومى للرئيس محمد مرسى، كما أنه من غير الواضح ما إذا كان البرلمان سيعيد تشكيله، أو متى سيتم انتخاب آخر جديد، فالمجلس العسكرى وضع "ألغام" فى عملية كتابة الدستور، مهددا باستخدام حق الاعتراض فى كل وقت، وهذا يضع الإخوان فى فخ ما بين المتظاهرين وبين القادة، دون الكثير من الخيارات الجيدة.
وختم ستاتشر مقاله قائلا إن المتظاهرين لا يمكنهم الضغط على الجيش لنقل السلطة دون التعاون مع الإخوان، ورغم أن المتظاهرين لا ييأسون، إلا أن الجماعة أغلب الظن لن تتعاون معهم عن كثب، لاسيما وأن مرسى سيحاول جاهدا التغلب على الاقتصاد المتدهور، وأن يؤجل المعركة السياسية مع الجيش لوقت آخر، وفى غضون ذلك، سيتمكن الجيش من ترسيخ نفسه سياسيا فى الوقت الذى سيتحمل فيه الرئيس المنتخب ديمقراطيا لوم الرأى العام بسبب المشاكل الاقتصادية والجمود السياسى.
ومضى يقول إن الجيش تغلب على مرسى قبل تتويجه رئيسا لمصر، فالقادة كان لديهم استراتيجية طويلة المدى للحصول على السلطة، وخرجوا من هذه الانتخابات منتصرين لأنهم عازمون على البقاء فى السلطة.
باحث أمريكى: الانتخابات أداة "العسكرى" لتأكيد سلطته التنفيذية
السبت، 30 يونيو 2012 02:21 م