قال معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى إنه ينبغى على واشنطن أن توضح مدى تأثير جولة الإعادة للانتخابات الرئاسية فى مصر على العلاقات بين البلدين، معتبرا أن هذا يصب فى صالح تعزيز نزاهة العملية الديمقراطية والحفاظ على المصالح الأمريكية فى مصر.
وقال التقرير الذى كتبه روبرت ستالوف مدير المعهد الأمريكى، إن إدارة أوباما تواجه خيارا بالغ الصعوبة، فإما أن تلتزم الصمت إزاء من سيقود حليفتها العربية الأكثر أهمية أو تعلن عن تفضيلاتها مع تحمل مخاطر اتهامها بالتدخل، ونصح ستالوف الإدارة الأمريكية بالاتجاه نحو بيان المصالح الأمريكية، أى عدم دعم مرشح بعينه لكن مع العمل على تذكير المصريين بنوع البرامج السياسية التى يمكن لواشنطن أن تدعمها من خلال مساعدتها المالية، التى وصفها مدير المعهد بأنها ضخمة.
ويشير ستالوف أنه بمجرد تأكيد وصول كل من الفريق أحمد شفيق الذى يمثل القانون والانضباط ومحمد مرسى، مرشح الإخوان المسلمين، إلى الجولة النهائية، تحول كلاهما من المواقف المتطرفة إلى المواقف المعتدلة، حيث اتجها للتواصل مع خصوم سابقين وعرضا العمل مع أناس من سياسات وأديولوجيات وأديان مختلفة، وقد يكون الكاتب يهدف إلى مرسى بهذا التحول.
ويرى مدير المعهد أن فرص مرشح الإخوان، أكبر من منافسه، لما للجماعة من قوة تنظيمية ودعم الإسلاميين له والثوريين غير الإسلاميين وغيرهم من المعارضين لشفيق، حتى قادة الأحزاب السلفية تجاوزوا الاختلافات العقائدية وأعلنوا دعمهم لمرسى باعتباره حاملا لواء الإسلاميين.
وعلى النقيض يواجه مرسى معركة شاقة لجذب دعم إضافى يتجاوز شريحة كبيرة من الناخبين الذين صوتوا لمرسى، وحتى وإذا وقف جميع أنصار موسى لجانبه، فإن ما سيحصل عليه شفيق قد لا يصل إلى نسبة الـ50% المطلوبة.
ويرصد ساتلوف ثلاثة مصادر يمكن لرئيس الوزراء السابق أن يكسب من خلالها، وهى الـ39% الذين دعموا إما أبو الفتوح أو صباحى فى الجولة الأولى، أو الـ 54% من جميع الناخبين المسجلين الذين لم يشاركوا فى الجولة الأولى، أو فى اتهام صريح، يضيف الكاتب، العدد غير المعروف من الأصوات المزورة التى يمكن أن يرتبها له المجلس العسكرى، ورغم أنه من غير المرجح أن يضمن شفيق هذه الحلول، فإن فوزه غير مستحيل.
وعموما يرى مدير معهد واشنطن أنه قد يكون لدى مصر مرشحان معيبان، لكن استعراض مواقفهما الماضية وبياناتهما السياسية ومبادرتهما السياسية المحتملة يشير إلى أن انتخابهما لن يهدد المصالح الأمريكية بصورة مقابلة، فعلى وجه التحديد سيؤثر أى رئيس مصرى جديد بشكل كبير على ثلاثة قرارات حيوية، لكل منهما تداعياته الفعلية على المصالح الأمريكية.
وهذه القرارات تتعلق بالمسار الذى ستتخذه البلاد لإصلاح اقتصادها المتداعى وهذا يتعلق إما بمبادرات العدالة الاجتماعية الشعبية أو مسار اقتصاديات السوق التى تركز على الاستثمار، والأمر الثانى هو سرعة ومحتوى التحول الإسلامى وهذا يرتبط بجوهر منهج البلاد فى التسامح الدينى والمساواة بين الجنسين والحقوق العالمية، والقضية الأخيرة يطرحها فى شكل سؤال: "هل ستحافظ مصر على توجهها الاستراتيجى الحالى المؤيِّد للغرب والسلام والمناهض للتطرف، أم أنها ستتبنى منهجاً أكثر حيادية؟".
ويؤكد ساتلوف أنه من الصعب تصور قيادة مرسى لمصر بسياسات تتواءم مع المصالح الأمريكية فيما يتعلق بالقضايا الثلاث، بل الواقع أن هناك احتمال بأنه سيتبع سياسات مثيرة للتوتر، مما سيكون له تداعيات حادة على رغبة واشنطن فى الإبقاء على مستويات مرتفعة من المساعدات لمصر.
غير أن مصر تحت قيادة شفيق ستتبنى سياسات أكثر مواتاة نسبيا فيما يتعلق بالقضايا الثلاث، أو على الأقل فى واحدة منها. ومن ثم سيكون التأثير على المساعدات الأمريكية أقل كثيرا.
ومع ذلك لا يستبعد مدير المعهد أن يكون مرسى الخيار المفضل لواشنطن، مثلما يشير بعض المصريين، فعلى أى حال زار كبار المسؤولين والمشرعين الأمريكيين ممن تربطهم علاقات وثيقة بالإدارة الأمريكية بانتظام مكاتب قادة جماعة «الإخوان» خلال الأشهر الأخيرة، كما قوبل ممثلو «الجماعة» بجلسات استماع مهيبة أثناء زياراتهم إلى واشنطن.
ولفت إلى أن حقيقة أن صحيفة "واشنطن بوست" دعمت مرسى بقوة - واصفة انتخاب شفيق المحتمل بأنه "أكثر إقلاقاً" - يضيف فقط إلى هذا الإحساس بالدعم الأمريكى لمرشح «الإخوان»، سواء كان ذلك دقيقاً أم لا.
ويتعين على الإدارة أن تدرس الإعلان عن تصريحات وإجراءات تدعم القيادة المصرية والتى من المرجح أن تصب فى صالح استمرار المساعدات الأمريكية المباشرة وتضمن الدعم من المؤسسات المالية الدولية. ويشمل ذلك رسائل تذكير رفيعة المستوى بشأن المصالح الأمريكية الرئيسية الخمسة فى مصر: على الساحة الداخلية، التعددية السياسية (أى الالتزام بإجراء انتخابات تنافسية) والحرية الدينية (أى حماية الأقباط)، وعلى الساحة الدولية، الالتزام بالتعاون الأمنى مع الجيش الأمريكى والتنسيق النشط لمكافحة الإرهاب واحترام معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل.
وعلى الرغم من أن السياسة الأمريكية قد لا تقرر نتيجة الانتخابات، إلا أن المسؤولية تقع على واشنطن بأن تكون واضحة مع المصريين من أجل سلامة العملية الديمقراطية فى مصر إلى جانب الحفاظ على المصالح القومية الأمريكية، حيث ينبغى عليها أن تذكر المصريين بصورة أكثر صراحة كيف أن تصويتهم سيؤثر على العلاقة الدولية الأكثر أهمية وتأثيراً لمصر.
معهد واشنطن: مرشح الإخوان الأقرب للفوز والإدارة الأمريكية أمام خيار صعب
الأحد، 03 يونيو 2012 02:48 م