
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هذه هى الحقيقة.. وإن كان طعمها به مرارة لأنها صادمة لأبناء بلدى الحبيبة مصر.
كنا بالأمس فى الميدان توحدنا على هدف واحد، بل انصهرنا فى بوتقة الحرية وكل منا نسى أيديولوجيته وخلفيته، وخرجنا من الميدان واختلفنا وتفرقنا وتوارى كل فريق خلف أيديولوجيته وتصارعنا وتنازعنا ففشلنا وكاد الفشل يفتك بنا.
أرجو عدم الانزعاج، ولكنها الحقيقة، جاءتنا الرياح بما لا تشتهى سفننا، ونحن مقبلون على جولة الإعادة فى الانتخابات الرئاسية لنختار بين رئيسين أحدهما من رجال الثورة والآخر يمثل الثورة المضادة، وفى حال فوز أى منهما بالرئاسة سنبقى متنازعين، وبالتالى فاشلين.
الحقيقة أن الأخطاء فى حق الثورة والشهداء كانت كثيرة، كلنا بلا استثناء ارتكبنا أخطاء جسيمة.
أرجوكم مرة أخرى لا تنزعجوا فأنا من مؤيدى الثورة ولكن لابد من الاعتراف بالأخطاء ثم التوبة والاعتذار، وهذا الشرط هو شرط أساسى لتوحدنا مرة أخرى وتوحدنا ضرورة تحتمها علينا الظروف لكى تنجح ثورتنا وتحقق أهدافها.
أخطأنا عندما حاولنا مرات عديدة الالتفاف على الإرادة الشعبية بعد استفتاء مارس وبعد الانتخابات البرلمانية وأيضًا بعد الجولة الأولى للانتخابات الرئاسية. هددنا بعدم الاعتراف بالخيار الديمقراطى الحر للشعب المصرى العظيم فى كل مرة.
كلنا ارتضينا بالديمقراطية والحرية وسيلة لبناء مؤسساتنا السياسية وعندما تأتى الديمقراطية بنتائج صادمة للبعض منا نهدد بعدم الاعتراف بهذه النتائج ونتهم الشعب بعدم الوعى، والشعب برىء يبحث عن حريته وكرامته. ورفض النتائج لا يعنى إلا الفوضى والصراع والعنف والتقسيم.
أخطانا عندما وصفنا الأحزاب الإسلامية بأنها أحزاب دينية بالرغم من تشكيل هذه الأحزاب بشكل قانونى حسب القانون والدستور الذى يمنع قيام الأحزاب الدينية وبناء على هذا الوهم تكلمنا كثيرًا فى الخوف من الدولة الدينية التى يرفضها الجميع إسلاميين وغير إسلاميين، الدولة الدينية التى لا يعرفها الإسلام الذى أسس نبيه صلى الله عليه وسلم أول دولة مدنية فى التاريخ عندما هاجر إلى المدينة المنورة.
وأخطأنا عندما وصفنا الليبرالية والعلمانية بأنها كفر يدخل صاحبه إلى النار والعياذ بالله مع أنها مبدأ سياسى لا علاقة له بالدين وأدخلنا الحرام والحلال فى الأمور السياسية وسمينا الاستفتاء على التعديلات الدستورية غزوة الصناديق.
وازداد الخطر عندما انقسم المجتمع إلى نصفين لا يعترف أى منهما بالآخر ولا يقبل التعايش مع الآخر وفشل النصفان فى خلق طريق للتوافق الوطنى على المصالح العليا للوطن. وحتى اليوم لم يلن طرف أمام طرف واستخدم الطرفان جميع المبررات والأسلحة المشروعة منها وغير المشروعة والمنطقية منها وغير المنطقية فى الهجوم على الطرف الآخر وتصارعنا صراعًا حقيقيًّا فى الشارع والإعلام والصحافة ونسينا أن التنافس الشريف يكون فى صناديق الاقتراع الحر والنزيه.
أخطأنا عندما فشلنا فى اختيار جمعية تأسيسية لوضع الدستور تمثل جميع اطياف وألوان المجتمع المصرى لوضع دستور يتوافق عليه الغالبية العظمى من أبناء الشعب. ومازلنا فى نفس مستنقع الفشل بخصوص اختيار الجمعية، فما بالك بوضع الدستور نفسه. أخطأنا عندما حاولنا إقالة الحكومة مع أنها عمل سيادى يخص القائم بأعمال رئيس الدولة حسب الإعلان الدستورى وعطلنا مصالح الشعب الملحة. أخطأنا عندما أصدرنا قانونًا للعزل السياسى الذى يحمل شبهة عدم الدستورية ولم نستطع أن نمنع فلول النظام السابق من تجميع قواهم والترشح للرئاسة.
أخطأنا عندما فشلنا فى إيصال رسائل مطمئنة للشعب بالحفاظ على الأمن ومنع الأزمات كما فشلنا فى إعطاء رسائل مطمئنة لإخواننا فى الوطن أقباط مصر الذين أوصانا بهم خيرًا نبى الرحمة عليه الصلاة والسلام، رسائل تحمل حقهم الكامل فى المواطنة والمساواة التامة وتركناهم يتوجسون خيفة من المستقبل المجهول وعندهم كل الحق فى خوفهم من المستقبل وما يمكن أن يحمله لهم. أخطأنا عندما أفرزنا برلمانًا يكاد يكون خاليًا من عنصر المرأة وهى نصف المجتمع ولها حقوق فى المساواة التامة مع الرجل.
وكان الخطأ الكبير عندما فشلنا فى التوحد والاصطفاف حول مرشح واحد يمثل القوى الثورية فتم تفتيت الأصوات وضاع أمل الكثيرين منا وظهر لنا رأس الثورة المضادة وأطل علينا وأصبحنا فى مرمى نيرانه وأصبح على وشك تحقيق حلم الثورة المضادة والحزب المنحل فى إعادة النتائج النظام السابق.
الخطأ ليس خطأ الشعب وليس خطأ المجلس العسكرى وليس خطأ القضاة العدول، وليس خطأ القانون وليس خطأ اللجنة الرئاسية ولكن بكل تأكيد الخطأ يقع على القيادات السياسية والثورية والأحزاب القديمة والحديثة والجماعات الإسلامية والحركات الليبرالية أو اليسارية والائتلافات الكثيرة للثورة الخطأ خطأ الإسلاميين والليبراليين والعلمانيين واليساريين وائتلافات الثورة المتعددة الأيديولوجيات.
لا يوجد مخرج أو حل لهذه المصيبة القادمة إلا الاعتراف بالخطأ والرجوع إلى مائدة الحوار لصنع التقارب والتوافق بين جميع القوى الثورية جميع القوى المؤيدة للثورة.
والحقيقة أننا أمام خيارين إما التوافق والتوحد خلف مرشح يمثل الثورة وإما أن نرضى برئيس يمثل الثورة المضادة وعندها لا ينفع الندم أو الدموع.
هل سنتعلم؟ هل سنستطيع استيعاب الدرس؟ الكرة الآن فى ملعب معسكر الثورة إما أن نبقى ثوارًا حقيقيين وإما نتحول إلى فلول ثورية يطاردها نظام بائد خلعناه ذات يوم.
وأقولها بكل أسف إننا مقبلون مرة أخرى على معركة مصير أو حياة أو موت بين طرفين، طرف يحمل المرجعية الإسلامية ومعه بعض الثوار والليبراليين وطرف آخر يخدعنا بأنه مستقل يؤيد الدولة العلمانية ومعه أقطاب الثورة المضادة ولابد أنه سينجح فى جذب بعض العلمانيين والليبراليين المحسوبين على الثورة نفسها.
عودة إلى المربع صفر، صراع بين الإخوان والحزب الوطنى على الطريقة القديمة بكل آلياتها البالية وعودة إلى المربع الأول صراع بين الإسلاميين والعلمانيين فى ثوبه الجديد وآليات جديدة.
كان الله فى عون مصر وشعب مصر العظيم هذا الشعب الواعى الذى سيقرر مصيره بنفسه إن شاء الله فى انتخابات نزيهة وحرة وأخيرًا أقول كما قال جدى فى الماضى ويقول الملايين من أبناء بلدى الحبيب مصر ربنا يولى علينا من يصلح وأدعو الله اللهم ولِّ أمرنا خيارنا واهزم الأشرار شر هزيمة لتعيش مصر حرة أبية وعصية على أعدائها فى الخارج والداخل آمين يارب العالمين.
مشاركة