أكد الإعلامى وضاح خنفر، المدير السابق لقناة الجزيرة الفضائية، فى مقاله بصحيفة الجارديان البريطانية، أن دول الربيع العربى قد مرت مؤخرا بفترات صعبة قبيل إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية الأخيرة فى مصر، موضحا أن الآلاف كانوا يحبسون أنفاسهم أمام شاشات التلفاز منتظرين الإعلان عن الفائز فى جولة الإعادة بين مرشح جماعة الإخوان المسلمين محمد مرسى والمرشح المستقل أحمد شفيق الذى يراه الكثيرون كأحد أركان نظام الرئيس السابق حسنى مبارك.
وأوضح الكاتب الذى شغل منصب المدير العام لقناة الجزيرة القطرية من قبل، أن الاحتفالات التى أعقبت فوز مرسى لم تقتصر على المدن والميادين المصرية وإنما امتدت إلى معظم العواصم العربية، خاصة وأن فوز مرشح الجماعة كان بمثابة إعلان ضمنى عن أن الربيع العربى مازال لم يمت بعد، وأن المؤسسة العسكرية وبقايا النظام السابق قد فشلت تماما فى مواجهة صلابة الثوار فى ميدان التحرير.
وأضاف الكاتب أن الثوار فى سوريا قد احتفلوا بفوز مرسى، رغم ما يواجهونه حاليا من عنف من قبل قوات بشار الأسد، حيث إن فوز شفيق كان بمثابة دعما كبيرا للنظام البعثى فى سوريا لممارسة مزيد من العنف بصدد المعارضة السورية ومعاقلها، فى حين أن الثوار فى تونس وليبيا واليمن قد احتفلوا نظرا لتعثر المرحلة الانتقالية فى تلك البلدان، موضحا أن بقايا الأنظمة السابقة فى تلك البلدان مازالت تسعى نحو تدمير العملية الديمقراطية.
وتابع خنافر أن المشهد المصرى قد شهد انقساما كبيرا خلال الأسبوع الأخير الذى سبق إجراء جولة الإعادة من الانتخابات الرئاسية فى مصر، مضيفا أن تلك الحالة من التشرذم قد ترتبت على حملات قد شنها الإعلام ضد جماعة الإخوان المسلمين، إلا أن الأمور قد تغيرت بعد المراسيم التى أصدرها المجلس الأعلى للقوات المسلحة، ومن بينها قرار حل البرلمان وقانون الضبطية القضائية، موضحا أن تلك المراسيم قد جاءت نتيجة اعتقاد القادة العسكريين للبلاد أن الثورة قد انتهت وأن الوقت مناسب للقيام بانقلاب عسكرى، موضحا أن موقف المؤسسة العسكرية كان سببا رئيسيا لإعادة توحد المصريين من جديد.
وأضاف الكاتب أنه عندما شعر المجلس العسكرى بأن مرشح الأخوان سوف يكون الأقرب للفوز بمقعد الرئاسة فى مصر، أصدر قرارات من شأنها التقليص من سلطات الرئيس الجديد، ومن بينها تشكل مجلس الدفاع الوطنى، والذى تشكل من أغلبية عسكرية، موضحا أن تلك القرارات قد أثارت الرأى العام ليس المصرى فقط وإنما العربى ككل. وأضاف أن تلك القرارات قد أنقذت الإخوان والقوى الثورية من حالة الفوضى المتزايدة التى عاشتها قبل ذلك، وسمحت لهم بالتغلب على الانقسامات المتزايدة فيما بينهم.
واستشهد الكاتب بتصريحات مرسى والذى أكد خلالها أن نواب الرئيس ورئيس الوزراء القادمين لن يكونوا من بين أعضاء جماعة الأخوان المسلمين، وهو ما أضفى قدرا من الطمأنينة على الثوار وأعادهم مرة أخرى إلى نقطة الانطلاق والمتمثلة فى ميدان التحرير للتعبير عن غضبهم من قرارات الجنرالات، مطالبين بعودة البرلمان المنتخب.
وقال الكاتب إن فوز مرسى قد أضفى صفة المؤسساتية إلى الثورة، فصارت أعمدتها الرئيسية تتمثل فى مؤسسة الرئاسة، والمؤسسة التشريعية المتمثلة فى البرلمان، بالإضافة إلى ميدان التحرير، موضحا أن كلا من الرئاسة والبرلمان قد جاءا نتيجة شرعية انتخابية، وهو ما يعنى أنهما متوافقان مع العملية الديمقراطية، فى حين أن الميدان فيحظى بشرعيته الثورية التى تمتع بها منذ اندلاع ثورة 25 يناير التى أطاحت بالرئيس مبارك ونظامه.
وأضاف أن فوز مرسى قد أضاف قوة وصمودا للثوار الذين واصلوا اعتصامهم فى الميدان، مؤمنين بأن المواجهة مع المجلس العسكرى مازالت لم تنهى بعد، وإنما بدأت مرحلة جديدة سوف يتسلح خلالها الشعب بالشرعية والتصميم، موضحا أن الربيع العربى صار أكثر قوة خلال المرحلة الحالية ربما أكثر من أى وقت مضى ليس فقط فى مصر وإنما فى العالم العربى كله.
وانتقد الكاتب رد الفعل الذى تبناه المجتمع الدولى تجاه محاولات المؤسسة العسكرية لإفساد التحول الديمقراطى فى مصر، موضحا أنه كان مثير للشفقة بدرجة كبيرة، حيث أن العالم ظل صامتا بصدد تلك المحاولات اللهم إلا بعض الإشارات المحدودة الخجولة التى صدرت عن الإدارة الأمريكية والاتحاد الأوروبى.
وضاح خنفر بـ"الجارديان": نتيجة الانتخابات الرئاسية أضفت صفة الشرعية للثورة المصرية
الجمعة، 29 يونيو 2012 05:35 م