استطاعت إدارة مهرجان الإسماعيلية للأفلام التسجيلية والقصيرة التغلب على نقص الدعم المادى والميزانية الضعيفة البالغة مليون جنيه فقط، والتى تقل بشكل كبير عن الميزانية التى تكلفتها الدورات السابقة من المهرجان وكانت تقترب فيها الميزانية من مليونى جنيه، ولم تكن كافية وقتها، وكان يتوقع زيادتها لزيادة قيمة الجوائز وتحفيز الضيوف الأجانب على المشاركة بأفلامهم واستقطاب أفلام أكثر جودة ترفع من قيمة المهرجان.
ورغم نجاح إدارة المهرجان فى الخروج بالدورة المنقضية إلى بر الأمان، والتى انتهت أمس الخميس، فإنه كانت هناك بعض السلبيات التى نالت الدورة الـ15، منها إلغاء وتعديل مواعيد بعض الندوات دون الإشارة إلى ذلك قبلها بفترة كافية، كما تم تعديل اسم رئيس لجنة التحكيم قبل انطلاق الدورة بساعات قليلة، حيث كان من المقرر أن تتولى الهولندية إيلى ديركس رئاسة لجنة التحكيم وحل بدلا منها السينمائى الألمانى هانز كريستيان مانك، كما ضمت اللجنة فى عضويتها الصحفية البرازيلية مارسيا كمارجوس بدلا من المخرج الفرنسى فانسان ديوتر, وأثار تقسيم إقامة الضيوف العرب والأجانب على 3 فنادق مختلفة - بدلا من مكان واحد كما كان يحدث فيما سبق - غضب بعض الإعلاميين.
وبعيدا عن الجوانب التنظيمية للمهرجان يمكن القول بأن عروض الدورة الـ15 تميزت بالنضج الفنى والغوص داخل قضايا حياتية وسياسية واجتماعية كثيرة كشف مخرجوها عن تناقض المشاعر الإنسانية.
ركزت بعض العروض على تعلق المبدعين بأوطانهم رغم وجود عدة سلبيات، وهو ما ركز عليه الفيلم الإيطالى «Italy love it or leave it» الذى تدور أحداثه حول «لوكا» و«جوستاف» صديقين، يقرر أحدهما ترك إيطاليا والذهاب إلى دولة أوروبية أخرى، بينما يحاول الآخر إقناعه بالبقاء، لذا يتفقان على عمل جولة بسيارة «فيات» إلى عدة أماكن مختلفة فى إيطاليا ليكتشفوا الواقع.
وخيمت على الأفلام المعروضة اللمحات السياسية، ومنها «الحاضنة» أو hatch من النمسا - إخراج كريستوف كوشينج - حيث يلقى الفيلم الضوء على الأزمات التى يعانى منها المهاجرون غير الشرعيين فى النمسا، وكذلك الفيلم المصرى الفلسطينى «تذكرة من عزرائيل»، والذى يسرد قصة مجموعة من الشباب الفلسطينيين يعملون فى حفر الأنفاق بين فلسطين ومصر لتهريب البضائع، والمخاطر التى يتعرض لها الشباب فى تلك الوظيفة.
وتناول الفيلم العراقى «أنا مرتزق أبيض» للمخرج الكردى طه كريمى قصة «سعيد جاف» قائد مجموعة من المرتزقة تابعة لحزب البعث العراقى يمثل للمحاكمة أمام المحكمة العراقية الجديدة بتهمة التورط فى مذبحة الأنفال.
كما كان للسياسة حضور قوى فى ندوات المهرجان، ومنها «الربيع الوثائقى»، التى أقيمت بالتعاون مع قناة الجزيرة الوثائقية.
وتبقى الأزمة التى يعانى منها مهرجان الإسماعيلية فى عدم حضور نجوم سينمائيين لهم شهرتهم لدعم المهرجان، حيث لم يحضر سوى النجم عمرو واكد، والنجم خالد أبوالنجا الذى قدم حفل الافتتاح، بينما اعتذر العديد من النجوم عن الحضور بحجة انشغالهم بأعمالهم الفنية، ورغم حرص إدارة المهرجان على عقد دورته فى يونيو من أجل أن تكون هناك فرصة للجمهور كى يشاهد الأفلام ونقل العروض من قصر ثقافة الإسماعيلية إلى سينما رينسانس التى خصصتها المنتجة إسعاد يونس لعرض الأفلام كدعم منها للمهرجان، فإن الجمهور لم يحضر، ولم يجلس على كراسى القاعات سوى مخرجى الأعمال والنقاد والصحفيين، رغم محاولات الناقد السينمائى أمير العمرى مدير المهرجان أو رئيسه مجدى أحمد على لكسر الحواجز بين الجمهور والحدث الفنى الأبرز فى الإسماعيلية، لكنهما لما يفلحا فى إيجاد الحلقة المفقودة بين الجمهور والسينما التسجيلية والقصيرة.