أصدرت "مجموعة الأزمات" الدولية، وهى منظمة عالمية معنية بنشر التحليلات المستقلة والحيادية عن المناطق التى تشهد صراعات، بيانا عن الأحداث التى تشهدها مصر فى الفترة الراهنة.
وقالت المجموعة فى بيانها إنه على الرغم من أن فوز محمد مرسى بالرئاسة فى مصر يمثل بلا شك علامة فارقة فى تاريخ البلاد، إلا أن هذا الحدث لا يحل المشكلات الأساسية التى كانت موجودة سابقا. فبعد 18 شهرا على الثورة التى أطاحت بمبارك لا يزال النظام السياسى مشلولا، ولا تتمتع أى مؤسسات بالشرعية أو المصداقية المطلوبة لكسر الجمود، وفقدت كل الأطراف السياسية مصداقيتها بدرجات متفاوتة، وبلغ الاستقطاب المجتمعى ذروة جديد، ولإنقاذ المرحلة الانتقالية ووضع الأساس لنظام سياسى أكثر استقرارا، دعت المنظمة الجهات السياسية الفاعلة إلى أن تقوم بما فعلته فى 11 فبراير 2011، أى أن تسعى إلى التوافق على مجموعة من المبادئ التى ستحترم المصالح الحيوية لكل الأطراف مع ضمان انتقال ديمقراطى سلمى.
ومضى البيان فى القول بأن تدهور الأوضاع فى مصر هو تتويج لعملية سوء إدارة المرحلة الانتقالية منذ بدايتها، حيث افتقرت إلى الاتجاه الواضح والقواعد المتفق عليها للعبة. وتسير الأطراف السياسية جميعها بما فيها المجلس العسكرى والإخوان المسلمين والقوى الليبرالية والعلمانية فى الظلام، حيث إنها غير معتادة على هذه البيئة الجديدة، ولا تثق فى بعضها البعض وسارعت إلى اللجوء إلى الوسائل غير المؤسسية سواء بإصدار قرارات تعسفية أو اللجوء إلى الشارع السياسى لتعزيز مواقفها. وكانت النتيجة شديد الوضوح أمام الجميع، فمع الإجراءات التى قام بها المجلس العسكرى فى الفترة الأخيرة إلى جانب قرار المحكمة الدستورية العليا بطلان ثلث البرلمان، فإن هناك مخاطر بأن تدور المرحلة الانتقالية تدور فى دائرة مفرغة.
ويواصل البيان انتقاد القوى السياسية فى مصر قائلاً: "إن سلوك الأطراف المختلفة حتى الآن لا يوحى بالثقة. فالمجلس العسكرى الذى يراه كثيرون مسئولا عن العنف الوحشى ضد المحتجين وساعيا لحماية مصالحه الخاصة بإعادة شبكات النظام القديم، قد بدد الكثير من شرعيته. ولكن لا يزال يحاول فرض عضلاته من خلال مجموعة من القرارات السياسية الهامة التى تعتمد على قوة متفوقة والتذرع بحجة أنها الأفضل لصالح البلاد.
أما عن الإخوان المسلمين فترى مجموعة الأزمات الدولية أنها راهنت على قوتها الانتخابية وبذل جهود مكثفة لطمأنة الناس، لكنها أثارت الجيش وأدارات ظهرها للحركة الثورية وفشلت فى التواصل مع القوى العلمانية ولم تقدم مبادرات كافية للأقلية القبطية وهددت أنصار النظام القديم وتراجعت مرارا عن تعهداتها. صحيح أنها قامت فى الأيام الأخيرة بمحاولة مد يد للمعارضة، لكن هذا كان مطلوبا بشكل أكبر قبل مرور 18 شهرا من الترفع عن التعاون معهم. وبشكل عام. وبرغم أن الإخوان يتمتعون بشرعية ديمقراطية رسمية، إلا أنهم أثاروا ضدهم قطاع كبير من الناخبين الحاسميين.
أما عن الحركة الثورية فهى لا تثق فى المجلس العسكرى، لكنها تخشى فى الوقت نفسه الإسلاميين، وهذا جعل أعضاءها يغازلون فى بعض الأحيان فكرة التضحية بمبادئهم الديمقراطية على مذبح إيمانهم بالعلمانية، وبذلك يتحولون إلى فريسة سهلة لمبدأ فرق تسد الذى يتبناه العسكر بهدف جعلهم ضد الإسلاميين، حتى لا يتوحد وجها الثورة خلف عملية انتقالية سريعة.
وتشير مجموعة الأزمات، إلى أنه يوجد بعض الغموض حول الطريقة الأفضل للمضى قدما. فالأطراف السياسية الأساسية فى حاجة إلى التفاوض على مجموعة من التفاهمات التى تحكم العملية الانتقالية منها وضع جدول زمنى واضح، وتوزيع مؤقت للصلاحيات وصياغة الدستور والمبادئ الأساسية التى يجب أن يحميها.
وطرح بيان المنظمة عدة أفكار تتعلق بالتفاهمات المذكورة. أولا أن يشكل مرسى حكومة وحدة وطنية بقيادة شخصية مستقلة تتمتع بالمصداقية، واختيار نواب الرئيس بشكل يعكس التنوع العقائدى والطائفى فى مصر.
ثانيا الاتفاق مع المجلس العسكرى على عدم حل الجمعية التأسيسية الحالية، مقابل أن يشكل الإخوان والسلفيون كيان أكثر تمثيلا ويشمل المستقلين ممن يحظون بالاحترام والخبراء القانونيين.
ثالثا: الاتفاق على إعادة الانتخاب على ثلث البرلمان الذى اختير بنظام الفردى بدلا من حل البرلمان كله، وإلغاء الإعلان الدستورى المكمل والتزام المجلس العسكرى بالانسحاب الكامل من الساحة السياسية بعد كتابة الدستور والتصديق عليه من خلال استفتاء شعبى. وأخيرا موافقة جماعة الإخوان المسلمين على السعى إلى "تقنينها" وجعل مواردها المالية شفافة بشكل كامل.
وشدد البيان فى الختام على أن المسئولية تقع على عاتق المجلس العسكرى والإخوان المسلمين. فباحترام رغبات أغلبية المصريين فيما يتعلق بالانتخابات الرئاسية، أثبت المجلس العسكرى أنه يستطيع أن يتصرف بحكمة، لكن لا ينبغى أن يُنظر إلى هذا على أنه تنازل بمنحه يد حرة فى تأجيل الانتقال الكامل، ويجب على المجتمع الدولى أن يعبر عن التزام قوى بمساعدة اقتصاد مصر خلال مروره الحتمى بمرحلة التجريب عندما يتبين أن البلاد تسير على طريق تحول ديمقراطى حقيقى.
مجموعة الأزمات الدولية: فوز مرسى علامة فارقة فى تاريخ مصر لكنه لا يحل مشكلاتها الأساسية.. وتدعو الأطراف السياسية للتفاوض على تفاهمات أبرزها إلغاء الإعلان المكمل وانسحاب "العسكرى" بعد صياغة الدستور
الخميس، 28 يونيو 2012 03:29 م
محمد مرسى الرئيس المنتخب
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة