نادينا كثيراً من خلال منابر محترمة وجليلة وفى مناسبات عديدة، وقبل صدور حكم المحكمة الدستورية العليا القاضى بعدم دستورية بعض مواد القانون رقم (38) لسنة 1972 فى شأن مجلس الشعب والذى ترتب على أثره حل مجلس الشعب، بضرورة إصدار إعلان دستورى مكمل من قبل المجلس الأعلى للقوات المسلحة قبل إعلان النتيجة النهائية لانتخابات رئاسة الجمهورية، ليكمل ما لم يتناوله الإعلان الدستورى الحالى، وخاصة فيما يتعلق بتحديد اختصاصات رئيس الجمهورية القادم والبرلمان والحكومة.
وإذا كان المجلس الأعلى للقوات المسلحة قد استجاب لهذا النداء بإصداره الإعلان الدستورى المكمل بتاريخ 17 يونيه 2012، غير أن هذا الإعلان المكمل لم يلق قبول واستحسان العديد من القوى والتيارات السياسية والحركات الثورية، حيث رأى بعضها أن المجلس العسكرى استطاع من خلال هذا الإعلان أن ينتزع صلاحيات الرئيس القادم، وقضى على سلطاته التى حددتها المادة (56) من الإعلان الدستورى خاصة مع تزامن انتهاء جولة الإعادة وإعلان أسم رئيس مصر القادم.
ويعتبر البعض من الجبهة المعارضة للإعلان الدستورى المكمل أنه مؤامرة من المجلس العسكرى على الدكتور محمد مرسى لتعجيزة عن تلبية مطالب الشعب، التى تعهد بها أمامه قبل جولة الإعادة، وطالب أصحاب هذا الرأى بضرورة تراجع المجلس العسكرى عن الإعلان الدستورى المكمل والاتحاد مع الشعب لعدم دفع الناس إلى أن تدفع ثمناً كبيراً فى الفترة المقبلة.
ويقرر أحد رجال الفقه الدستورى الأجلاء أن الإعلان الدستورى المكمل هو والعدم سواء، مؤكداً أن المجلس العسكرى لا يملك إصدار إعلان دستورى، ويقتصر دوره على إدارة شئون البلاد اليومية فقط لمواجهة حالة الفوضى أثناء انتقال السلطة الشرعية للبلاد، مشيراً إلى أن الإعلان المكمل هو إعلان صريح عن عدم تسليم السلطة والاستمرار فى احتكارها.
وبعد احترامنا وتقديرنا الشديد لأصحاب الاتجاه المعارض للإعلان الدستورى المكمل نعتقد أن هذا الإعلان كان مطلباً ضرورياً وملحاً لسد الفراغ الدستورى، الذى تسبب فيه الإعلان الدستورى الحالى الصادر فى 30 مارس 2011، والذى لم يتضمن بدورة تنظيم الكثير من الأمور، هذا فضلاً عن حل مجلس الشعب، والذى نجم عنه عدم اكتمال سلطات الدولة، وخلو النظام الدستورى المصرى من سلطة تشريعية تمارس سلطة التشريع وتقرير السياسة العامة للدولة والموازنة العامة وممارسة الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية.
والحقيقة أن استقراء نصوص الإعلان الدستورى المكمل المنوه عنه بشىء من التأمل والتأنى يؤكد أنه قد تناول تنظيم العديد من الأمور، التى فرضتها الظروف الاستثنائية الحالية التى تمر بها البلاد، والتى تعتبر فى كافة الأحوال فترة انتقالية تنتهى بإعداد دستور جديد للبلاد وانتخاب مجلس شعب جديد ومباشرته لاختصاصاته.
ومن بين الموضوعات التى تناولها الإعلان الدستورى المكمل بالتنظيم الآتى:
1- بيان الجهة التى سيؤدى أمامها رئيس الجمهورية القادم اليمين بعد حل مجلس الشعب.
2- بيان السلطة التى تملك إعلان الحرب.
3- بيان مدى امكانية الاستعانة بالقوات المسلحة لمواجهة حالات الاضطرابات التى تحدث داخل البلاد.
4- منح المجلس الأعلى للقوات المسلحة سلطة التشريع، وذلك بعد حل مجلس الشعب هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى عدم جواز منح رئيس الجمهورية القادم سلطة التشريع بجانب السلطة التنفيذية التى يتولاها.
5- منح المجلس الأعلى للقوات المسلحة سلطة تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور إذا قام مانع يحول دون استكمال الجمعية التأسيسية الحالية لعملها، كإصدار حكم من القضاء الإدارى - على سبيل المثال- بإلغاء قرار تشكيلها على غرار الحكم السابق، أو انسحاب عدد كبير من أعضائها بحيث يصعب اكتمال نصابها.
6- منح رئيس الجمهورية ورئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة ورئيس مجلس الوزراء والمجلس الأعلى للهيئات القضائية وخمس عدد أعضاء الجمعية التأسيسية الحق فى طلب إعادة النظر فى بعض النصوص، التى قد يتضمنها مشروع الدستور، وإذا أصرت الجمعية التأسيسية على رأيها كان لأى منهم عرض الأمر على المحكمة الدستورية العليا والتى تصدر قرارها خلال سبعة أيام من تاريخ عرض الأمر عليها.
وعلى الرغم من ذلك فإن لنا عدة ملاحظات على هذا الإعلان المكمل من بينها ما يلى:
أ ) أن هناك بعض المسائل التى تأتى على جانب كبير من الأهمية لم يتناولها بالتنظيم، ومنها على سبيل المثال وليس الحصر بيان الشخص الذى يتولى مباشرة اختصاصات رئيس الجمهورية فى حالة قيام مانع يحول دون مباشرته لاختصاصاته أو فى حالة عجزه الدائم عن أداء العمل، أو تقدم باستقالته من منصبه، وكذلك عدم بيان السلطة، التى سيتقدم إليها بالاستقالة.
وقد يقول قائل بأن أحد نواب رئيس الجمهورية الذين سوف يعينهم إعمالاً لنص المادة (31) من الإعلان الدستورى الحالى يمكن أن يحل محله فى حالة قيام مانع يحول دون مباشرته لاختصاصاته أو فى حالة عجزة الدائم عن العمل أو تقدم باستقالته.
والواقع أن هذا القول مردود بأنه وفقاً للقواعد المتعارف عليها فى شأن حلول المرؤوس محل الرئيس فى حالة قيام مانع يحول دون ممارسته لاختصاصاته، أن الأصل أن يكون الحلول كلياً أى شاملاً لجميع اختصاصات الأصيل – أى رئيس الجمهورية – كما يجب أن يتم الحلول بنص تشريعى يبين أسبابه ويحدد بشكل قاطع من يحل محل رئيس الجمهورية فى ممارسة اختصاصاته إذا قامت الأسباب الداعية للحلول، وهذا النص غائب.
ب) ما جاء بنص المادة (53) مكرراً من الإعلان الدستورى المكمل فى شأن تقرير اختصاص المجلس الأعلى للقوات المسلحة بتعيين قادة القوات المسلحة ومد خدمتهم، يتعارض صراحة مع نص الفقرة (8) من المادة (56) من الإعلان الدستورى الصادر فى 30 مارس 2011، والتى تعطى لرئيس الجمهورية حق تعيين الموظفين المدنيين والعسكريين.
ج ) أن منح أى من رئيس الجمهورية ورئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة ورئيس مجلس الوزراء والمجلس الأعلى للهيئات القضائية وخمس عدد أعضاء الجمعية التأسيسية حق طلب إعادة النظر فى بعض نصوص مشروع الدستور مع وقف الميعاد المحدد لعرض المشروع على الشعب ومدته ستة أشهر - كما جاء بنص المادة (60) من الإعلان الدستورى الحالى - قد يؤدى إلى إطالة مدة إعداد مشروع الدستور.
د.أشرف إسماعيل عزب يكتب: الإعلان الدستورى المكمل فى الميزان
الخميس، 28 يونيو 2012 02:56 م
اللجنة التأسيسية للدستور
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
صـفـوت صـالـح الـكـاشف
////////// لقد أرهق نفسه كثيرا //////////