محمد السنوسى يكتب: دولة الرئيس.. ورئيس الدولة

دائما ما تنتج الشعوب القادة الذين يحولون أمور البلاد إلى الأفضل كما أن نفس الشعوب تنتج من يستبد ويحكم بشخصه ولشخصه وفقط، الشعب ذلك المفهوم الذى عرفنا بأنه أهم عناصر قيام الدولة وهو العنصر الحاكم فيها فبيده السلطات جميعها وهو مصدرها والرقيب عليها فى ذات الوقت، فالكل يتقدم بعرض نفسه أمامه لكى ينول شرف تمثيله فى أى موقعاً كان.

ولكن منذ متى ونحن شعب بلا رئيس؟ منذ متى ونحن لا نشعر بالرئيس إلا عندما يريد هو أن يشعرنا بنفسه؟

المشكلة الكبرى فى الواقع المصرى الآن أن هناك من يعتقد بأن مصر تعيش بلا رئيس منذ سقوط مبارك بعد ثورة يناير، ولكن الحقيقة أن مصر منذ فترة طويلة جداً تعيش بلا رئيس حقيقى يملك القدرة على أن يجعل الشعب يشعر به بإنجازاته وليس ببطشه وتزويره وتصعيده لحاشيته الفاسدة.

شخص الرئيس يصبح ممجداً إلى أقصى حد لدرجة أننا نقنعه نفسه بأنه فعلاً كذلك، الرئيس الذى يقسم أمام نواب الشعب نجده لا يحافظ على ما أقسم عليه، فالعاملين بالدولة لا يشعرون بالرئيس إلا عندما يمنحهم العلاوة والشباب لا يشعرون به إلا إذا خصص لهم وحدات سكنية والفقراء لا يشعرون به إلا إذا قرر سيادته أن يتنازل بعطفه السامى ويمنحهم جزءا من حقوقهم، هنا وهنا فقط تتضح نظرية دولة الرئيس وليس رئيس الدولة، فالدولة كلها أصبحت له وبه ومن أجله والشعب حقيقة يعيش بلا رئيس ولكنه يعيش فى دولة الرئيس وعليه احترام قراراته وتوجيهاته.

لا يعرف الرئيس أن الشعب قادر على أن يجعله فى يوم من الأيام رئيس بلا شعب، رئيس بلا سلطة، أو بالأحرى رئيس سابق يعيش فى دولة شعب سينتج رئيساً جديداً ليصبح رئيس الدولة ولن تصبح بلادهم دولة للرئيس وفقط، فعلى الشعوب أن تدرك أن القوة الحقيقية فى يدهم والسلطة بكل فروعها هم مصدرها لذا فإنهم يفرزون القادة وعليهم أن يأتوا بهم من خلال عملية ديمقراطية يتم احترام نتائجها ويتم فى الوقت نفسه الالتفاف حول من أنتجته هذه العملية الديمقراطية وعلى الشعب أن يختار بعقل واعى حتى لا نقول أننا نفرز أسوء من فينا.