حسنا فعل الدكتور محمد مرسى رئيس جمهورية مصر العربية بأن استقال من حزب الحرية والعدالة وجماعة الإخوان المسلمين، معلنًا أنه رئيس لكل المصريين.. ولكن، تبقى الأسئلة الصعبة مطروحة ومتداولة على الألسنة دون إجابات واضحة: ما ملامح العلاقة بين رئيس الجمهورية وجماعة الإخوان المسلمين؟ كيف سيتعامل الرئيس - وهو أحد قيادات الجماعة طيلة سنوات طويلة ماضية - مع مرشدها العام؟ هل حقًّا سيتحول المرشد بالنسبة للرئيس إلى مجرد مواطن كغيره من المواطنين، ويصبح الدكتور محمد مرسى - كما قال الدكتور محمد بديع - رئيسًا لكل المصريين، بمن فيهم المرشد العام نفسه؟ وهل يفضل الرئيس أقرانه ورفاق الدرب الطويل من أعضاء الجماعة والحزب فى تولى المناصب الحساسة والمهمة فى الدولة باعتبارهم أصحاب فكر واحد ورؤى متشابهة؛ أم يفى بوعد قطعه على نفسه فى ساعة بدت له حاسمة، وهو يحاول تجميع صفوف القوى السياسية فى مواجهة ما أعتقد أنه تزوير من قبل المجلس العسكرى لإرادة الناخبين، فقدم تنازلات كبيرة لصالح التيار الليبرالى، واستغنى عن رئاسة الحكومة وعدد كبير من وزرائها وبعض نوابه أيضًا؟ أعرف تمامًا أن قرارات مثل هذه لم تكن ليأخذها الدكتور محمد مرسى بمفرده، وبكل تأكيد شاور الجماعة ومكتب الإرشاد فيها، فهل قطعت الجماعة على نفسها عهدًا بتنفيذ هذه الوعود ساعة أن أرادت أن ترسل رسالة بعينها إلى المجلس العسكرى، أو ساعة أن أدركت أنها لن تستطيع وحدها تحمل مسئولية ما هو مقبل، وأن إدارة مصر الدولة الأقدم فى التاريخ ليست كإدارة جماعة أو حزب مهما كثر أعضاؤه وتشعبت أطرافه ومصالحه؟
نفر كبير من الناخبين صوتوا لصالح الدكتور مرسى؛ أملاً فى أن الجماعة أدركت اللحظة الفارقة فى تاريخ مصر، وأنها جزء أصيل من الثورة، وإن لم يشارك فيها منذ البداية، وأن ما ارتكبته الجماعة من أخطاء فى الماضى، حينما فضلت القرب من المجلس العسكرى على حساب الثورة والميدان، أدركته واعترفت به فى جلساتها المغلقة مع قوى التيار الليبرالى.. ومن ثم يراهن الكثيرون، وأنا أحدهم، على أن الجماعة قد تعلمت درس الماضى، وعرفت أن الثورة، وليست الجماعة، هى التى قادت الدكتور مرسى نحو قصر الرئاسة.. وهو اعتراف صريح نطق به الدكتور مرسى فى خطابه الأول للأمة.. الجماعة الآن محل اختبار حقيقى.. الشعب ينظر إليها.. وينتظر منها الكثير.. وأول هذا الكثير هو الإدراك الفعلى أن فى مصر الآن شعبًا يثور على من يعبث بحقوقه، ويلهو بطموحاته وآماله فى حياة كريمة انتظرها طويلاً.. المطلوب الآن من الجماعة أن تكف يدها عن الرئيس.. وأن تبقى فقط فى موقع الناصح، لا أكثر.. والمطلوب من الرئيس أن يظهر استقلالية واضحة فى قراراته بعيدًا عن الجماعة والحزب، وأن يكوِّنَ فريقًا رئاسيًّا بديلاً لمكتب الإرشاد.. وأن يعلى مصلحة الوطن أولاً وأخيرًا.. الأيام القليلة المقبلة هى خير رهان على ما وعد به الرئيس الجديد، فدعونا ننتظر.
الرئيس محمد مرسى
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
سعيد الصباغ
said_elsabagh
عدد الردود 0
بواسطة:
ابراهيم احمد
العمل هو الحل