"نيويورك تايمز" تفتح نقاشا حول قدرة مرسى على توحيد المصريين.. خبراء: الرئيس المنتخب فى موقف لا يحسد عليه.. تهدئة مخاوف المرأة والأقباط، والتعددية الاهتمام بالاقتصاد طريقه لكسب أنصار جدد

الثلاثاء، 26 يونيو 2012 05:15 م
"نيويورك تايمز" تفتح نقاشا حول قدرة مرسى على توحيد المصريين.. خبراء: الرئيس المنتخب فى موقف لا يحسد عليه.. تهدئة مخاوف المرأة والأقباط، والتعددية الاهتمام بالاقتصاد طريقه لكسب أنصار جدد محمد مرسى الرئيس المنتخب
كتبت ريم عبد الحميد ورباب فتحى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فتحت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية باب النقاش حول مستقبل مصر بعد نجاح محمد مرسى، مرشح الإخوان فى انتخابات الرئاسة، وتساءلت عما إذا كان يستطيع أن يوحد صفوف المصريين المتعددة، وأجاب عن هذا التساؤل مجموعة من الباحثين أبرزهم شادى حميد، الباحث بمركز بروكينجز فى الدوحة، وسيد صادق، الخبير السياسى، ودانيل بليتكا، الباحثة بمعهد "إنتربرايز"، وجاشوا ستاتشر، الباحث بجامعة "كينت".

فى مصر لن تكون هناك وحدة دون تقديم التنازلات

تحت هذا العنوان، أجاب شادى حميد، الباحث ببروكينجز، قائلا "عندما قابلت محمد مرسى لأول مرة عام 2010، بدا مثل أى عضو من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين، فهو ينجز الأمور، لكنه لم يبدو وكأن لديه وجهات نظر مميزة باستثناء عدائه لأمريكا، والآن مرسى أول رئيس منتخب ديمقراطيا لمصر، إلا أنه دفع من قبل قوى لمكان غير وارد".

ومضى حميد يقول: إن مرسى يواجه الآن موقفا لا يحسد عليه، فالرأى العام لا يصبر، والمجلس العسكرى متعطش للسلطة، وجهاز النظام السابق لا يريدون أن يروا نجاح الإخوان، ورغم أن مرسى لا يتمتع بكاريزما كبيرة ولا يملك المواهب السياسية الطبيعية لتوحيد المصريين، إلا أنه ربما يفاجئنا ويكون قائدا سياسيا ماهرا.

وأضاف الباحث قائلا: إن تبنى مرسى والجماعة نهجا تنازليا بعدما عزلوا وأغضبوا اليساريين والليبراليين على مدار شهور، وذلك من خلال تشكيل "جبهة موحدة" لمواجهة المجلس الغسكرى، صب فى مصلحتهم، أما فيما يتعلق بالجيش، فبدا الإخوان وكأنهم فى وضع قتال، ونقل عن مسئول فى الجماعة قوله "كنا متراخين مع المجلس العسكرى، وهذا كان خطأ".

ورأى حميد أن مواجهة القوات المسلحة تتطلب توحيد صفوف المعارضة، وعلى ما يبدو يدرك مرسى ذلك، على الأقل فى الوقت الراهن، ولكن لتفعيل هذا الإدراك، سيتعين على مرسى والجماعة أن يكونوا شيئا هم ليسوا عليه الآن، لافتا إلى أن الجماعة فى صميمها تميل إلى تبنى مفهوم الأكثرية عن الديمقراطية، فهم يعتقدون أنهم محقون، وهذا يحول دون انتقادهم لذاتهم، وسنكتشف فى الوقت المناسب ما إذا كان الإخوان قادرون على تحدى التوقعات وتحدى ماضيهم الحديث.

طمأنة المرأة والأقليات

ومن ناحية أخرى، استهل سيد صادق تعليقه بالقول: إن المرحلة الانتقالية نحو الديمقراطية غالبا ما تكون عملية صعبة وخطرة من الممكن أن تنتهى بحرب أهلية وعنف، مثلما حدث فى يوغوسلافيا سابقا وليبيا وسوريا واليمن، وتغيير أى نظام سياسى يتطلب تعاون وإشراك جميع مكونات المجتمع، والفشل فى إشمال الجميع من شأنه أن يعرقل تأسيس ديمقراطية حقيقية.

ومضى صادق يقول "إذا ما فحصنا ديموجرافية التصويت فى الانتخابات الأخيرة، نجد انقساما بين هؤلاء الذين يؤيدون الفريق أحمد شفيق، وتراهم فى المناطق المدنية والدلتا، وأغلبهم من النساء والأقباط والمسلمين المعتدلين والطبقتين الوسطى والعليا، وبين هؤلاء الذين يؤيدون مرسى، ومعظمهم من المناطق الريفية فى صعيد مصر، والأحياء الفقيرة، وصوت لهم المتعاطفون مع الجماعة.

ورأى الباحث أن هذه الانتخابات قادها الخوف، وليس المنصات والشخصيات السياسية، فالنساء تخشى أن تجبر على ارتداء الحجاب وأن تقمع باسم الدين، بينما يخشى الأقباط أن يصبحوا مواطنين من الدرجة الثانية، لذا صوتت هاتان الفئتان لشفيق لخشيتهم من أن تغير الدولة الإسلامية أسلوب حياتهم العلمانى، وأراد هؤلاء الذين صوتوا لمرسى أن تفوز الثورة ضد عدو اليوم والمتمثل فى شفيق، كما رأى الفقراء فى مرسى فرصة لإنقاذهم من ظروف حياتهم الصعبة.

وذهب صادق إلى أن التحدى الذى يواجهه مرسى الآن متمثل فى التواصل مع الذين لم يصوتوا له، ناهيك عن هؤلاء الذين لم يصوتوا بالأساس لاعتقادهم أن كلا المرشحين يمثلان الاستبداد والدين والجيش. وأشار إلى أن أولوية مرسى ينبغى أن تكون تهدئة مخاوف السيدات والأقباط، هؤلاء الذين بكوا بمجرد إعلان فوزه.

وخلص صادق إلى أنه فى حال اعتبر مرسى هذه المخاوف فى الدستور الجديد، فأغلب الظن ستنتهى فترة حكمه بتوحيد العلمانيين والإسلاميين، ولكن إن فشل، فهو بذلك يخاطر باستمرار الانقسام والتشكك وانهيار "برنامج الطمأنة".

التعددية هى الحل

ورأى من ناحية أخرى، وليد فارس، مستشار فى الكونجرس الأمريكى معنى بشئون الشرق الأوسط، أن محمد مرسى ربما يتبنى نهجا براجماتيا فى بداية فترة رئاسته، إلا أن أغلب الظن أنه سيحاول تنفيذ أهدافه الرئيسية والقائمة على بناء دولة إسلامية، فهو لن يستطع أن يتخلى عن أهداف الجماعة طويلة المدى، والتى لطالما كانت واضحة منذ أواخر عشرينيات القرن الماضى، غير أن الكثير من هذه الأهداف خاصة تلك المتعلقة بالتشعبات الاجتماعية والدستورية المتعلقة بمكانة المرأة والأقباط ستستقطب الإدانة الدولية.

وذهب الباحث المصرى إلى أنه إذا شكل فريق مرسى حكومة واسعة تشمل جميع الأطياف السياسية والدينية، وتسمح بالتعددية فى السياسة والفنون والثقافة، فهو بذلك يخلق إطار لحوار تاريخى، وفى هذه الحالة، يستطيع مرسى توحيد المصريين، لافتا إلى أن متاح النجاح هو وجود إصلاح ضخم داخل الجماعة الإسلامية نفسها، حتى يفسح المجال لتطبيق ديمقراطية ليبرالية، والسنوات القليلة المقبلة ستعتمد على هذا القرار التاريخى.

النجاح لن يكون سهلا

تقول من ناحية أخرى، دانيل بليتكا، الباحثة فى معهد "إنتربرايز" الأمريكى إنه برغم نجاح مرسى فى اعتلاء منصب الرئاسة، إلا أن مهمته لن تكون سهلة أبدا، فهو يستلم البلاد فى حالة يرثى لها، سواء على المستوى الاقتصادى، أو على مستوى قطاع السياحة، أو الاستثمار الأجنبى، الذى قل بنسبة 90%، فضلا عن أن البلاد تقتات الآن على مخزونها من الاحتياطى الأجبنى.

أضف إلى ذلك، توقعات الشعب المحبط بالأساس من نتيجة الثورة التى قادوها، غير أن مرسى تعهد بأن يكون رئيسا لكل المصريين، مسلمين ومسيحيين، كبار وأطفال، سيدات ورجال، مزارعين ومدرسين وعمال سواء العاملين بالقطاع الخاص أو العام.

النموذج التركى

يقول الخبير التركى مصطفى أكيول، إنه يشعر بتفاؤل حذر بشأن إمكانية أن يوحد مرسى البلاد بعد فوزه بالرئاسة، خاصة بالنظر إلى التجرية السياسية فى تركيا التى تبدو كدراسة حالة للتحديات التى تواجه مصر الآن، ومثلما هو الحال بالنسبة لمصر فى مرحلة ما بعد الربيع العربى، فإن العشرين عاما الماضية فى السياسة التركية قد هيمن عليها التفاعل بين ثلاث كتل رئيسية: السلطويون العلمانيون الذين اعتمدوا على الجيش للحفاظ على هيمنتهم غير الديمقراطية، والإسلاميون ذوو الشعبية الذين تم قمعهم وتهديدهم من قبل هؤلاء السلطويين، والليبراليون العلامنيون الذين أيدوا المثل الديمقراطية الحقيقية لكنهم افتقدوا إلى أجهزة الدولة التى تمتع بها السلطويون والشعبية التى حظى بها الإسلاميون.

وتحدث الكاتب عن المواجهات التى حدثت فى أواخر التسعينيات فى تركيا بين المجموعة الأولى الذين يطلق عليهم "الكماليون" أو أنصار مصطفى كمال أتاتورك، والإسلاميين برئاسة حزب الرفاة الذى تزعمه نجم الدين أربكان، ووقف أغلب الليبراليين على الحياد لأنه برغم احتقارهم للاستبداد العلمانى إلا أنهم كانوا يغضبون من طموحات الإسلاميين.

لكن الأمور تغيرت بشكل كبير فى بداية الألفية الجديدة، حيث قام بعض طلاب أربكان، ومنهم رجب طيب أردوغان" بتأسيس حزب العدالة والتنمية، وابتعدوا عن أيديولوجية الإسلام السياسى واهتموا بالنمو الاقتصادى، بل وأيدوا الدخول إلى الاتحاد الأوروبى، فتحالف معهم الليبراليون ضد السلطويين العلمانيين، الذين تبين عدم قدرتهم على إطلاق انقلاب "ما بعد حداثى" على العكس مما كان عليه الحال فى التسعينيات.

ويعتقد الكاتب أن النموذج التركى يثبت أن الإسلام السياسى قابل للتحول، والسؤال المهم لمصر، هو هل مرسى والإخوان المسلمون على استعداد لاتباع نموذج أربكان، ولنقل "النسخة الأولى" أو نموذج أردوغان "النسخة الثانية".

ويشير أكيول إلى أن الجانب السلبى فى مصر هو أن بعض الإسلاميين وخاصة السلفيين أقل معاصرة من إسلاميى تركيا، كما أنهم ليس لديهم الطبقة الوسطى ذات العقلية الاقتصادية التى يتمتع بها العدالة والتنمية والتى تسمى بالميكافيللية الإسلامية والذين تكمن مصالحهم فى رؤية أكثر براجماتية وعالمية.

مزيد من البراجماتية لكسب أنصار جدد

جوشوا ستاكر، الخبير بشئون مصر فى جامعة كنت الأمريكية، يرى أن شخصية مرسى وخلفيته أو بياناته أو نوايا الإخوان المسلمين لن تؤثر جميعها فى الطريقة التى سيحكم بها، حيث إن المجلس العسكرى طاغ بشكل كبير ويقف عائقا أمام السماح للرئيس الجديد بأن يشعر بالحرية. فضلا عن ذلك، فإن الإخوان المسلمين ليس لديهم شخص أو روح "مُصلحة"، فأعضاؤها دينيون لكن الجماعة ليس فرقة من المنظرين، وبينما يمكن توقع بعض السلوك، إلا أنه لا يوجد ما يشير إلى أن الإخوان سيقودون مصر نحو تبنى نمط تطبيق الشريعة مثلما يحدث فى السعودية.

وفى هذا السياق، فإن الماضى يعطى مقدمة. ففى ظل رئاسة مبارك القمعية، أظهر الإخوان مرارا التزامهم بالواقعية السياسية السلمية، ومرة أخرى، من المستبعد أن يستخدم الرئيس المنتخب مرسى أو الإخوان الدين لمقاومة طبقة الجنرالات الحاكمة.

وتوحيد مصر ضد الاستبداد العسكرى سيتطلب، كما يقول الخبير الأمريكى، أن يضاعف الإخوان العمل البراجماتى، ومع إدراك الجماعة ضرورة بناء قاعدة تأييد لها خارج أنصارها التقليديين، فإن مرسى سيركز على الحقوق المدنية والسياسية وإصلاح أجهزة الدولة الفاسدة. وأى نهج آخر سيضر بتأييدهم عبر الانتخابات، وكذلك بهدفهم الأساسى وهو تطوير مصر لتصبح دولة عظيمة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا.

وأنهى ستاكر تعليقه قائلا: إن مرسى فى موقف لا يحسد عليه. ولو ظهر مجتمع أكثر تعددية فى مصر، فإن الإخوان بإمكانهم أن يعقدوا صفقات مع المجتمع ومع الجنرالات أيضا، ومصير الديمقراطية أو الاستبداد فى مرحلة ما بعد مبارك يعتمد على الجانب الذى سينجرف نحوه مرسى والإخوان.

تحقيق الوحدة يتطلب تركيزا على التنوع والاقتصاد

أما كريستين ستيلت، الأستاذ المساعد فى التاريخ والقانون بجامعة نورث ويست الأمريكية، فتقول إن مرسى سيمر بوقت صعب للغاية لتوحيد البلاد تحت قيادته.

وتشير الكاتبة إلى أن مرسى لم يحظ بدعم كل من صوت له فى جولة الإعادة، فهناك من اختاره رفضا لمنافسه أحمد شفيق، وكان التعليق الأكثر ترددا خلال الفترة الماضية أن الثورة يمكن أن تستمر بشكل أفضل تحت قيادة مرسى لأنه ليس من النظام القديم. ومن ثم، فهو لم يفز لأن لديه أجندة جذابة بشكل خاص.

وفى المقابل، ليس كل من صوت لشفيق من بقايا نظام مبارك أو مؤيدى المجلس العسكرى. بل منهم من رأى فى مرسى التهديد الأخطر للمستقبل الديمقراطى للبلاد. وبينما استقال مرسى الآن من الإخوان، فإن الكثيرين لا يزالوا يعتبرونه مجرد ممثل للجماعة ودخل للسباق الرئاسى فى اللحظة الأخيرة، ومن الصعب للغاية إقناع المسيحيين والعلمانيين والكثير من النساء بأنه لا يتبع إرشادات الإخوان وسيكون رئيسا لكل المصريين.

وللحصول على أفضل فرصة لتوحيد مصر، يجب أن يبدأ مرسى بإدخال مجموعة متنوعة فى التعينات التى سيقوم بها فى المناصب العليا ويركز أجندته على الاقتصاد، فلو استطاع تحقيق بعض المكاسب فى هذا المجال، فربما يجد أنصارا جددا حقيقيين له.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة