بانتخاب الدكتور محمد مرسى رئيسا، نجت مصر مؤقتا من السقوط فى مستنقع الفوضى الذى أعده نفر من المصريين الذين عز عليهم أن تتغير البلاد للأحسن، وتغلق صفحة عهد مبارك بكل ما فيها من مآسٍ وخطايا للأبد، وإن كانت العناية الإلهية قد وضعت مصرنا على حافة الأمان، ومنحتنا مساحة للإحساس بالابتهاج، فإن أول رئيس مدنى لبلادنا سيتعين عليه اجتياز الفخاخ الملقاة فى طريق رئاسته على مدار الساعة، وستضع الوطن على شفا حفرة حتى حين.
فالصراع المكشوف لن يكون فقط بين إرادتى الرئيس المنتخب والمجلس العسكرى، لكنها أيضا ستكون بين الدكتور مرسى وقوى الظلام الكامنة، التى انتعشت وسرت الدماء فى عروقها إبان الأسابيع الماضية، أملاً فى إحياء نظام مبارك. فتلك القوى لن ترفع الراية البيضاء بسهولة وستظل عائقا يحول دون إتمام خطوات كثيرة على درب التحول الاقتصادى والسياسى والأمنى.
ومن واجبنا ألا ننسى أن مرسى سيقف وحيدا أمام أجهزة الدولة العميقة التى أفسدها النظام السابق، وحولها لأدوات سهلة الانقياد لرغباته، ولكى تستعيد دورتها الدموية النقاء والصفاء فإنها تحتاج لوقت ليس بالقصير، والمصيبة الكبرى تكمن فى المحليات، حيث تدير العائلات المتضررة من الثورة عمليات الحشد لإثارة القلاقل والخلافات وتفتح الأبواب لأحاديث الحرب الأهلية، لذا يفضل منذ البداية التفكير فى خطة عملية تصلح من أحوال المحليات وتعالج مشكلاتها المتكدسة منذ عهود خلت، خصوصا توفير فرص عمل لشبابها المضطر للمجازفة بالبحث عن وسيلة تخرجه من بلده أو ينضم لجيوش العاطلين الناقمين على حالهم ويعدون ذخيرة جاهزة لمَن يدفع لهم الثمن.
كذلك فإن بانتظار مرسى فخ خطير داخل الأجهزة الأمنية، فهذه الأجهزة كانت تعمل وفقا لمفاهيم وعقيدة راسخة بأن جماعة الإخوان المسلمين تمثل تهديدًا للأمن القومى ويجب مطاردة عناصرها، ولا يعقل توقع تغييرها هكذا فى لحظة، وهذه مسألة دقيقة يلزمها ذكاء وحرفية فى التعامل معها، حتى تتبدل عقيدتها الأمنية ويصبح محورها الأساسى الوطن والمواطن وليس النظام ومَن ينظر إليهم باعتبارهم أعداء يهددون الحكم واستمراره.
وكلنا يعلم أن قيادات من أجهزة الأمن المستفيدة من قربها من وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلى، ساهمت فى إحداث الانفلات الأمنى وتضخيمه خلال الـ15 شهرا المنصرمة، ولا يزال بعضهم فى الخدمة وسيواصل عمله للحيلولة دون استعادة الأمن واستقرار البلاد، وجانب من هذا المشهد تجرى أحداثه فى سيناء مع الإشارة إلى أن لإسرائيل يد بشكل أو بآخر فى تصدير فكرة أن شبه جزيرة سيناء خارجة عن إطار سيطرة القاهرة، غير أن الجزء الأكبر من تلك المحاولات يتم بأصابع داخلية وليس خارجية.
بناء عليه، فإن نجاة مرسى من هذا الفخ يستلزم قدرة فائقة من جهته ومن معاونيه لمعرفة مَن المسئول عن الإخلال بالمنظومة الأمنية، وأن يثبت لهم بالفعل لا بالقول أنه لم يأت للانتقام ممن اعتقلوه وسجنوه فى يوم من الأيام ومعه شخصيات قيادية فى الإخوان.
إن استطاع الرئيس المنتخب إبطال مفعول الفخاخ المشار إليها سيصبح من السهل عليه تنفيذ وعوده الانتخابية واسترداد الوفاق الوطنى الغائب، واجتذاب الاستثمارات الأجنبية، وتشييد دولة العدل، وإخضاع رقاب الجميع كبارا وصغارا للقانون، والمحافظة على كرامة كافة المصريين وعدم التمييز بينهم على أساس الدين والعرق، فالكل يقفون على خط واحد دفاعا عن بلد يراد العمل لبنائه على قواعد سليمة ثابتة.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
ابو يوسف
اقتباس
عدد الردود 0
بواسطة:
عبد الرحمن
كلام حلو بس ناقصه حاجة
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد منصور
الدوله اللى مش عميقه
عدد الردود 0
بواسطة:
عبده
تحذير للسيد الرئيس