مبروك لمصر.. التى انتصرت فى إحدى معاركها الطويلة والشرسة ضد الثورة المضادة.. ضد النظام السابق برموزه وأذنابه وأمواله.. صحيح هذا الانتصار ليس هو الأول وبالطبع لن يكون الأخير فالمعارك القادمة أتوقع أن تكون أكثر حدة وأشد سخونة... ولكن بإذن الله النصر دائما سيكون حليف الثوار.. المخلصين لهذا الوطن الحبيب... وستتحقق كل مطالب الثورة وغاياتها... أما بالنسبة للشعب المصرى.. أهلى وناسى... اعلم أن هناك خمسة ملايين من هذا الشعب فرحين فرحة عارمة بفوز دكتور مرسى ويشعرون بالانتصار والزهو.. فالدكتور مرسى هو اختيارهم الأول والأخير.. وكثيرون منهم هم من داخل جماعة الإخوان المسلمين أو المحبين والمتعاطفين معها.. وهؤلاء أبارك لهم حقا وأهنئهم من كل قلبى.. وأنصحهم لوجه الله أن يتواضعوا للناس.. وألا يظهروا هذا الزهو والافتخار أمام الناس.. فليس هذا بوقته أبدا... وأن يتحلوا بآداب الانتصار التى علمنا إياها الإسلام... وأن يحاولوا أن يندمجوا ويذوبوا داخل المجتمع بكامله.. ويتوحدوا مع كامل فصائل المجتمع.. فنجاح دكتور مرسى لم يكن نجاحا لذاته ولا حتى نجاحا للإخوان.. وإنما نجاح دكتور مرسى كان نجاحا لثورة يناير حينما هددت بالضياع على يد الفريق شفيق.. وهناك سبعة ملايين صوتوا للدكتور مرسى ليس حبا فيه ولا تأييدا له ولا حتى تعاطفا مع الإخوان وإنما تأييدا لثورتهم... وهؤلاء أقول لهم: أعلم أن فرحتكم مكسورة.. أعلم أنكم أجبرتم على مرشح لا تريدونه ولا تتمنوه لقيادة مصر.. ليس لعيبا فيه.... (مع احترامنا الشديد له) إلا أنه لم يقدم نفسه كمرشح لكل المصريين وإنما قدم نفسه كمرشح لجماعة بعينها وفصيل بذاته.. جماعة عريقة ذات ميراث عظيم.. إلا أنها تبقى جماعة داخل الوطن.. لا تمثل كل الوطن.. كما أنها أصبحت فى الفترة الأخيرة.. منغلقة على ذاتها.. تعانى من مشاكل عديدة فى القيادة بها واتخذت العديد من المسارات الخاطئة فيما بعد 25 يناير.. وهذه الأسباب وأسباب أخرى جعلت الملايين التى صوتت لمرسى كانت مجبرة على ذلك لحماية ثورتها وملايين آخرين مقاطعين للانتخابات بالأساس.. منهم السلبى.. والذى يرى كل شىء حوله لا قيمة له.. حتى صوته لا يراه ذا قيمة... ومنهم غير السلبى.. ولكنه لم يستطع أن يخون مبادئه فيعطى صوته لمن قامت عليهم ثورتنا المجيدة.. كما أنه لم يقتنع بجدوى إعطاء صوته لمن يخالفهم فكريا ولم يتفق معهم ولم يصوت لهم أول مرة (مع تحفظى الشديد على هذا القسم الأخير وهم المقاطعون والمبطلون لأصواتهم).. ولهؤلاء جميعا أقول: قدر الله وما شاء فعل.. وعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا.. ولعل الله يحدث بعد ذلك أمرا... فنكون جميعا فرحين باختيارنا لهذه الشخصية المحترمة وهو الدكتور محمد مرسى (السياسى المحنك والعالم القدير)... وأما الـ 12 مليون الذين صوتوا للفريق أحمد شفيق... وهم بين كاره للإخوان لكثير من تصرفاتهم الخاطئة والسيئة فى الفترة الأخيرة.. أو لسوء فهم لهم نتيجة الهجمة الإعلامية الشرسة وغير المنصفة والظالمة على جماعة الإخوان... وبين كاره للثورة.. وهؤلاء الأخيرين أيضا فريقان: فريق يعشق العبودية ويأبى الحرية وهم ولله الحمد قليلين جدا من الشعب المصرى.. وفريق آخر يريد الحرية ولكنه كره الثورة حينما لم تحقق له مطالبه بل زادت من معاناته فى الحياة.. فلم يذق بسببها سوى المرار.. ونقص فى الغذاء والماء والوقود وأزمات اختلقها نظام بائد مازال يتشبث بالحياة ويتعلق بأركان البلاد يأبى أن يترك مكانه ويرحل إلا بخراب الوطن كله.. ولكل هؤلاء أقول لهم أحترم رأيكم وأنتم أيضا عليكم أن تحترموا رأى الأغلبية.. أحترم معاناتكم.. ولكننا جميعا فى نفس المركب وكلنا يعانى.. وليس لنا سوى التجلد والاحتمال.. مصر دولة كبيرة ولن تولد من جديد بسهولة... حتما سيكون المخاض مؤلما وصعبا... والمشوار طويل ولم ولن ينتهى بعد.. فلنتحد جميعا فى مواجهة القادم.. وهدفكم وهدفنا واحد: وهو نهضة ورقى مصر.. حتى ولو اختلفت الرؤى وتعددت الوسائل... فلنتحد فيما اتفقنا فيه وليعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه... وإذا لم نستطع أن نتوحد جميعا خلف رئيس لمصر يقودنا ويحمل همنا... وهذا واجب علينا... فعلى الأقل.. لنتوحد جميعنا لمواجهة عدو واحد نعلمه علم اليقين... ونعلم أن هذا العدو لن يفرق بين من كان خلف المرشح هذا أو ذاك.. فحربه هى مع الثورة كلها وهدفه الاستيلاء على مقدرات وثروات ومقاليد الحكم فى وطننا الحبيب.. ولن يستسلم بسهولة... ولكى ننتصر عليه لا بد أن نتوحد جميعنا تحت راية الثورة.. والتى يرفعها الآن أول رئيس منتخب حقيقى لمصر.. فلندع خلافتنا جانبا.. فهذا الوقت وقت التوحد لا وقت التشرزم والانقسام.. ساووا الصفوف واستقيموا يرحمكم الله فلا مكان للصف الأعوج... فنحن بلا وحدة تجمعنا غثاء كغثاء السيل... كما أن قائدنا بلا أى قوة.. بدون صلاحيات.. لا يملك سوى سيف من خشب لا يقطع رقبة ولا يخيف أحدا... فإن لم نكن فى ظهره نقويه ونشد من أزره سنهزم جميعا... وهو إن لم يحتم بشعبه ويتقوى به.. فلن يكون له دور يذكر... وسنرى تكرارا لنموذج دكتور عصام شرف: الرجل الشريف بدون قوة تعضد من موقفه وتجعل قراراته فاعلة وذات قيمة... أرجو من جماعة الإخوان المسلمين أن تتنحى تماما الآن عن الظهور فى المشهد السياسى.. بقياداتها ومكتب إرشادها ومجلس شوراها.... فمن اليوم دكتور محمد مرسى هو رئيس لكل المصريين وليس لجماعة منهم... أرجوكم.. إنها الفرصة الأخيرة لثورتنا.. لابد أن يشعر الشعب المصرى بأكمله بأن دكتور مرسى هو ملك لهم جميعا... وإنه يرفع لواء الثورة.. لا لواء الجماعة... لنعبر جميعا من هذا المستنقع الذى سقطنا به.. مستنقع الخلافات المذهبية والأيدلوجية... والذى لم يجلب لمصر سوى الشقاء.. ولم يفد الثورة بشىء بل ساعد فى تقهقرها وتأخير تحقيق مطالبها.. الثمينة والمشروعة.. دعونا نتحرك للأمام ولو خطوة واحدة.. بعد كل تلك الإخفاقات والتجارب الفاشلة والمسارات الخاطئة التى مرت بها ثورتنا... والله المستعان.. هو ولى ذلك والقادر عليه..
الرئيس محمد مرسى
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد اللين
الله اعلم
النصر لمصر