قالت صحيفة الفايننشيال تايمز، إن الإدارة الأمريكية تواجه معضلة فى كيفية الرد على قرار المحكمة الدستورية العليا بحل مجلس الشعب، وكذلك الرد على الإعلان المكل للدستور الذى يقلص صلاحيات الرئيس.
وأضافت أنه منذ أن ساعدت الضغوط الأمريكية فى الإطاحة بالرئيس السابق حسنى مبارك، تنقسم إدارة الرئيس باراك أوباما بشدة بشأن مدى صعوبة دفع الجيش لهندسة انتقال ديمقراطى سلس. وكان من المقرر تعليق المساعدات العسكرية لمصر، غير أن الخارجية الأمريكية رفضت، وتم استئناف المساعدات فى مارس الماضى.
وقد أثارت الأحداث التى وقعت فى مصر الأسبوع الماضى الجدل، مما اضطر الإدارة الأمريكية إلى تحقيق التوازن بين الالتزام بالديمقراطية فى مصر ومراعاة القلق الخاص باتفاقية السلام مع إسرائيل.
وقالت ميشيل دن، خبيرة شئون الشرق الأوسط بمجلس الأطلسى بواشنطن، إن واشنطن اتبعت سياسة الاندهاش تجاه المجلس العسكرى على مدار العام الماضى. لكن الآن هو الوقت المناسب للبدء فى استخدام ما لديها من نفوذ". غير أن أحد المسئولين السابقين بإدارة أوباما حذر: "إن ما تملكه واشنطن من تأثير على الأحداث فى مصر أقل كثيراً مما يدركه الناس. وقد نجعل الأمور أسوأ مما هى عليه".
وقد خففت واشنطن من موقفها تجاه الإخوان المسلمين، ووصفت فوز محمد مرسى، مرشح الإخوان، بالرئاسة بأنه تحول سياسى كبير. كما سعت الإدارة الأمريكية على مدار العام الماضى لبناء علاقة عمل مع الجماعة، وقد استضافت وفودا من البرلمانيين الإسلاميين فى واشنطن.
لكن من ناحية أخرى تعرب إدارة أوباما عن قلقها إزاء الوضع الأمنى المتدهور على نحو خطير فى سيناء، خاصة مع مزاعم مسئولين إسرائيليين بأن جماعات على صلة بتنظيم القاعدة تستغل فراغ السلطة لشن هجمات عبر الحدود ضد إسرائيل.
فيما يشعر المسئولون بواشنطن بالقلق إزاء أى ضعف قد يصيب العلاقات القوية التى تتمتع بها الولايات المتحدة مع الجيش المصرى، مما قد يعرض معاهدة السلام مع إسرائيل للخطر. وقال مسئول سابق بالإدارة الأمريكية: "فى الواقع نحن ندفع أكثر من مليار دولار لمصر سنويا لدعم معاهدة السلام".
ويقول منتقدو الإدارة الأمريكية، إنه فى إطار الجهود للحفاظ على العلاقات مع الجيش والوصول للإخوان، فإن واشنطن أهملت شرائح فئات أخرى بالمجتمع، يمكن أن تساعد على دفع عملية الانتقال الديمقراطى الأوسع. وفى ظل عدم تحديد الدور المستقبلى لمجلس النواب وعدم صياغة الدستور الجديد، فإن الولايات المتحدة بحاجة لاتخاذ موقف ضد استيلاء العسكرى على السلطة.
وقال ستيفن مكينيرنى، المدير التنفيذى لمشروع ديمقراطية الشرق الأوسط، أن نهج الإدارة الأمريكية كان مذلاً فاشلاً. وأضاف: "لقد كان هناك الكثير من الكلام عن التغيير الديمقراطى، لكن لم نكن على استعداد لفعل أى شىء لتحقيق ذلك. علينا أن نكون على استعداد لممارسة ضغط جدى على الجيش".
وأكد مارك لينش، المحلل السياسى وخبير شئون الشرق الأوسط بجامعة جورج واشنطن، أن قطع المساعدات عن مصر فى الوقت الراهن لن يفعل الكثير فى تغيير سلوك الجيش، خاصة بالنظر إلى حالة عدم الليقين السياسى والاقتصادى الراهنة". ويرى أن الولايات المتحدة بحاجة إلى التأكيد على الانتقال الكامل للحكم المدنى، دون إلغاء المساعدات العسكرية.
ولفتت الفايننشيال تايمز إلى تعقيد آخر يواجه إدارة أوباما، وهو التكلفة التى قد تسفر عن إلغاء المساعدات العسكرية لمصر. وقد أشار مسئولون بالخارجية الأمريكية إلى حقيقة أن مصر ترتبط بعقود توريد طويلة الأجل مع شركات وزارة الدفاع الأمريكية، وإلغاء مثل هذه العقود يوقع عقوبات على الحكومة الأمريكية، فضلا عن تعرض وظائف الصناعات الأمريكية للخطر.
الفايننشيال تايمز: معضلة تواجه إدارة أوباما فى التعامل مع المجلس العسكرى.. حيرة فى واشنطن بشأن الضغط على الجيش مما يخاطر بعلاقاتها معه.. ومحللون ومسئولون يحذرون من المساس بالمساعدات العسكرية
الثلاثاء، 26 يونيو 2012 02:38 م