ساعات يستعد خلالها الدكتور كمال الجنزورى، رئيس الوزراء، إلى الرحيل.. ساعات ويسلم الوزراء ملفات الدولة المصرية لأول حكومة بعد انتخاب الرئيس الجديد.. ما بين انتهاء الدكتور محمد مرسى رئيس الجمهورية من تشكيل حكومته واختيار وزرائه ورحيل الدكتور كمال الجنزورى ووزرائه تفصلنا اجتماعات ومشاورات مستمرة حتى الآن سواء على مستوى تشكيل الحكومة الجديدة أو على مستوى انتهاء آخر حكومة بلا رئيس من تسليم تقاريرها النهائية لديوان رئاسة الجمهورية.
توقع عدد من القيادات الحزبية وخبراء السياسية تشكيل الحكومة فى غضون الـ72 ساعة القادمة على أن تكون حكومة خدمية فى المقام الأول تضم كافة ممثلى القوى السياسية خاصة وسط أزمات الحكومة الحالية والمتمثلة فى انخفاض الاحتياطى النقدى للدولة، واستمرار الأزمات الجماهيرية، وعلى رأسها أزمات السولار والبوتاجاز والاحتجاجات الفئوية.. والتى تعتبر من أهم الملفات المفتوحة فى انتظار رئيس الحكومة الجديد.
الدكتور عصام العريان، القيادى بجماعة الإخوان المسلمين، أكد أنه سيتم تشكيل حكومة ائتلافية من كافة الائتلافات السياسية فى المقام الأول قائلا، نحن أمام تحد حقيقى لبناء مؤسسة رئاسية تدخل فيها كافة الآراء وتمثل فيها كافة التيارات والائتلافات السياسية لتخرج منها القرارات الرئاسية بشكل متناسب.. مشيرا إلى أنه لن يتم استبعاد أحد بسبب انتماءاته السياسية قائلا فالحزب الوطنى المنحل على سبيل المثال شوه أناسا كثيرين اشتغلوا تحت رايته فهناك فرق بين رأس النظام وكوادر كانت مضطرة للعمل معه.
وأضاف الدكتور وحيد عبد المجيد، أستاذ السياسة، إننا فى حاجة إلى شراكة وطنية من كافة القوى السياسية فى حكومة أشبه بالمجلس الرئاسى المتخصص فى كل قطاع يتعاون كل قطاعه.
وأضاف الدكتور حسن البرنس، القيادى بحزب الحرية والعدالة أن أزمة الحكومة بدأت بالبيان الأول، والذى لا يتضمن شيئا له قيمة وإنما هو كلام إنشائى لا يحتوى على خطة عملية لحل أى مشكلة فى المجتمع، مما استوجب دعم اتجاه سحب الثقة، والذى وصل فى ظل تمسك المجلس العسكرى بالإبقاء عليها إلى مرحلة تعليق جلسات البرلمان اعتراضًا على استمرار الحكومة فى عملها، مؤكدًا أن أول حكومة بعد انتخاب الرئيس ستكون حكومة خدمية فى المقام الأول.
أما محمد الصغير، رئيس الكتلة البرلمانية لحزب البناء والتنمية، الذراع السياسية للجماعة الإسلامية، فقال إننا فى حاجة إلى حكومة متعاونة عكس حكومة الجنزورى، والتى لم نر منها أى لون من التعاون مع أعضاء (مجلس) الشعب.
عانت حكومة الجنزورى ووزراؤه من كم هائل من المشكلات، والتى ارتبطت جميعها بالملف الاقتصادى للدولة، فالحكومة التى رفعت لافتات مواجهة احتجاجات فئوية قوية ومتمثلة فى الإضرابات والاعتصامات، والتى تنعكس بشكل مباشر على دفع عجلة الإنتاج وجدت أنها تواجه شبح أزمة مالية كبرى وفق الإحصائيات الاقتصادية الصادرة عن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لرئاسة الوزراء خاصة بعد استنفاد جانب كبير من احتياطى العملات الصعبة وتعثر قروض صندوق النقد الدولى، والتى ستصل إلى 3.2 مليار دولار.
قرارات اقتصادية عديدة فى انتظار الحكومة الجديدة مرتبطة بالموازنة العامة للدولة والتى لم يصدق عليها حتى الآن خاصة بعد حل البرلمان، والتى انخفضت بنحو 20 مليار جنيه فى هذا العام تحت شعار عدم المساس بحقوق العدالة الاجتماعية للمواطن خاصة محدودى الدخل ومنها إصدار سندات إيداع للمصريين المقيمين فى الخارج وعمل ودائع بنكية بالعملة الصعب، بالإضافة إلى تلك الإجراءات والتى أعلنت الحكومة انعكاسها على الاحتياطى النقدى للعملات الأجنبية فقد كان معدله من يناير 2011 إلى يناير 2012 نحو 1.5 مليار دولار وفق تقرير مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، التابع لمجلس الوزراء، ولكنه انخفض نحو 600 مليون دولار فى فبراير 2012 إلا أن قيمة الجنيه المصرى مازالت تنخفض أمام الدولار لتستقر عند ستة جنيهات وبضعة قروش فقط.
قرار آخر فجر أزمة جماهيرية كادت تعصف بوزير تموين حكومة الجنزورى الدكتور جودة عبد الخالق، وهو قرار خفض دعم المنتجات البترولية للصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة، والذى خلف بعد اتخاذه سلسلة من الأزمات فى قطاع الوقود بشقيه السولار والبنزين، بالإضافة إلى أزمات البوتاجاز المتكررة إلا أنه حقق وفرًا لخزانة الدولة يقدر بنحو 3 مليارات جنيه، ولكنه ضاعف حجم المشكلة، والتى أعلنت الحكومة حلها من خلال زيادة المعروض من البوتاجاز بواقع 200 ألف أسطوانة وإعادة توزيع الأنابيب من92 % للاستخدام المنزلى و8% للاستخدام التجارى، بعدما تأكد انخفاض ما هو مخصص للاستخدام التجارى.
زيادة معاش الضمان الاجتماعى بواقع 50 جنيهًا للأسرة شهريا ليصبح 200 جنيه بدلا من150 جنيهًا فقط قرار لم ينفذ، كما وعدت حكومة الجنزورى بالإعلان عنه اعتبارا من معاش يناير 2012 بتكلفة شهرية مقدارها 120 مليون جنيه من زيادة عدد المستفيدين بالمعاش ليرتفع من1.25 مليون إلى 1.5 مليون أسرة إلا أن القرار، والذى مر على إعلانه ثلاثة أشهر لم ينفذ حتى الآن فى انتظار حكومة أول رئيس منتخب بعد الثورة لتنفيذه.
أما فيما يتعلق بالجانب العمالى فأعلنت الحكومة عن الموافقة على ما عرضه الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة لحل مشكلة العمالة المؤقتة على الصناديق والحسابات الخاصة بإنشاء فصل مستقل بموازنة كل جهة بها عمالة مؤقتة تصرف أجورها من الصناديق والحسابات الخاصة وبناء على هذا أعلنت الحكومة البدء فى إجراءات تعيين نصف مليون من العاملين بالجهاز الإدارى للحكومة من المؤقتين وغيرهم.
وأيضًا إصدار قرار بترقية 250 ألف موظف بالجهاز الإدارى للدولة ضمن خطة الحكومة للقضاء على الرسوب الوظيفى واعتماد 70 مليون جنيه لصندوق عمال شركات الغزل والنسيج لسداد الأجور والمرتبات المتأخرة لهم والموافقة على توزيع ما تبقى من أرباح شركات قطاع الأعمال العام والبنوك المشتركة التى تسهم فيها الحكومة لدعم الخزانة العامة للدولة وحلا لمشاكل العمالة بيها.
بالإضافة إلى إنشاء مركز قومى لرعاية أسر الشهداء والمصابين، والذى سرعان ما صدر قرار إنشائه ليتحول إلى ساحة معارك يومية بين الموظفين والمترددين عليه إلا أنه عمل وفق تعليمات رئيس الوزراء، والذى يتبعه رسميا على رفع معاشات شهداء الثورة لتصبح 1750 جنيهًا شهريًا، وصرف معاش استثنائى للمصابين يقترب مما يدفع للشهداء حسب نسبة الإصابة يقدر بنحو 1725 جنيها شهريا أيضًا بالإضافة إلى تخصيص شقق سكنية للمصابين فى المحافظات، وتخصيص52 مستشفى بالمحافظات لعلاجهم إلى جانب توفير3200 فرصة عمل للمصابين وأهالى الشهداء.
أما قرارات الحكومة فى ملف الإسكان فاقتصرت على دعم برنامج إسكان محدودى الدخل بمبلغ 750 مليون جنيه لإنهاء تشطيب وتسليم70 ألف وحدة سكنية على الأقل للمستحقين قبل30/6/.2012 هذا التاريخ الذى أعلنه مجلس الوزراء ووزارة الإسكان، ولم ينته العمل فى المشاريع على الرغم من بداية شهر إبريل.
كما أعلنت الحكومة الموافقة على طلب وزارة الإسكان والمرافق والتنمية العمرانية بزيادة مدة التيسيرات، التى تم منحها لبعض المتعاملين مع هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة لمدة أخرى تنتهى فى 31_ 3- 2012 بذات الضوابط والقواعد المقررة فى المهلة السابقة.
والبدء فى توفير وحدات سكنية بديلة لسكان المناطق العشوائية التى تشكل خطرا داهما على ساكنيها، خلال مدة زمنية أقصاها لا تتعدى 6 أشهر، ولقد أتيح 11500 وحدة سكنية للذين تم انتقالهم من هذه الأماكن الخطرة.
بالإضافة إلى إتاحة مبلغ 175 مليون جنيه لتطوير المناطق العشوائية فى 383 منطقة عشوائية، تم حصرها على مستوى الجمهورية، والذى بدأ من إخلاء ونقل أربع مناطق عشوائية فورا بمناطق شارع السودان بالجيزة والمنزه بدمياط واليهودية وعزبة الصفيح بمحافظة السويس، والموافقة على توفير وحدات سكنية بديلة، بمنطقة 6 أكتوبر لسكان العقارات، التى تعرضت للانهيار والتصدع فى شارع الإمام الغزالى بمنطقة إمبابة.
من إسكان محدودى الدخل إلى مشكلة عريقة احتلت أرفف الحكومة بملفاتها حتى إعلان حكومة الجنزروى تمليك مهجرى النوبة الأراضى، التى أقاموا عليها مساكنهم بدون مقابل، وذلك تعويضًا لهم عن أراضيهم التى هجروها لبناء وتعلية خزان أسوان.
من أزمة أهالى النوبة إلى أزمة أهالى سيناء الذين أصدرت لهم الحكومة قراراً بالموافقة على مشروع مرسوم بقانون بشأن التنمية الشاملة فى شبه جزيرة سيناء يتضمن تملك أبناء سيناء الأراضى، بالإضافة إلى إنشاء جهاز لتنمية سيناء يكون له الصلاحية فى تنفيذ المشروعات، التى يتم إقرارها، والتى لم يبدأ تنفيذها حتى الآن على مدار ثلاثة أشهر هى عمر عمل الحكومة.
إنهاء أزمة الحولات الصفراء أهم إنجاز حقيقى حدث بالتزامن مع عمل حكومة الجنزورى على الرغم من أن الملف برماته كان ضمن ملفات عمل حكومة الدكتور عصام شرف، والتى عملت على مدار شهور مع مجموعة من المسئولين العراقيين على إنهاء الأزمة، والتى انتهت فعليا مع حكومة الدكتور الجنزورى ووصلت الحولات، والتى أعادت حقوق المصريين المتضررين من حرب الخليج والبالغة نحو2.5 مليار جنيه، أى ما يعادل 409 ملايين دولار، والتى استمرت أزماتها لما يزيد على عشرين عامًا فى ظل عمل أكثر من ثلاث حكومات متتالية إلا أن الحكومة حاليا مازالت تتخبط فى كيفية صرفها، والتى تسبب فى أزمات يومية بين المتضررين وجهات الصرف، ولكن سرعان ما ستنتهى مع انتهاء عملية الصرف.
أما الملف الصناعى فى أروقة مكاتب حكومة الجنزورى فبدأ بالإعلان عن اتخاذ الإجراءات العاجلة لحل مشكلة تعثر 1570 مصنعًا وتسوية مديونياتها وعودتها للعمل، حيث تم الاتفاق مع اتحاد البنوك المصرية على أن يتم تطبيق معاملة خاصة مع المصانع الصغيرة، وتم بالفعل إعادة تشغيل100 مصنع لم يبدأ العمل فيها حتى الآن.
كما أعلنت الحكومة عن الموافقة على تقنين أوضاع أراضى المستثمرين، والذين أقاموا عليها مشروعات حتى ولو بالمخالفة دون سحبها منهم، وقيام الدولة باسترداد حقها بالكامل وتعديل فروق الأسعار خاصة الحالات التى تم بيعها بأسعار أقل من قيمتها فى وقت البيع، الملف الذى لم يبدأ العمل فيه حتى الآن أيضًا على الرغم أن الحكومة أعلنت إصدار مرسوم بقانون بتعديل قانون ضمانات وحوافز الاستثمار بما يجيز التصالح فى الجرائم المنصوص عليها فى الباب الرابع من الكتاب الثانى من قانون العقوبات فى جرائم الاعتداء على المال العام بشرط أن يقوم المستثمر برد كل الأموال أو المنقولات أو الأراضى أو العقارات التى كانت محلا للجريمة.
بالإضافة إلى إصدار مرسوم آخر بقانون يمنح الممولين حافزا لتعجيل سداد المتأخرات الضريبية عليهم بنحو 25% لما يتم سداده وينخفض إلى 15% على ما يتم سداده من4/1 حتى 30 _ 6 _2012 ثم 10% على ما يتم سداده من7/1 حتى 13/12/.2012.
كما أعلنت الموافقة على مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، ويتضمن التعديل زيادة قيمة الغرامة المقررة كعقوبة على جرائم الاتفاقات الضارة بالمنافسة والممارسات الاحتكارية، مع إقرار حافز للمساهمة فى جرائم الاتفاقات الضارة بالمنافسة عند الإبلاغ عنها.. إلا أن كافة هذه القرارات لم تحرك أزمة الاستثمار حتى الآن، والتى مازالت فى انتظار قرارات حكومة أول رئيس منتخب بعد الثورة.
الجنزورى ووزراؤه يستعدون للرحيل.. الوزارات ترفع تقاريرها النهائية لديوان رئاسة الجمهورية.. وملفات مفتوحة أمام مرسى.. تأسيسية الدستور.. وانتخاب البرلمان.. وانخفاض الاحتياطى النقدى.. الاحتجاجات الفئوية
الثلاثاء، 26 يونيو 2012 10:45 م
الدكتور كمال الجنزورى
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد اسماعيل احمد اسماعيل
الخطوات التى بداها الرئيس فى التعارف على الوزرات هى خطوه ايجابيه