نتائج الانتخابات الرئاسية تكشف: حصول مرسى على أصوات المحافظات الفقيرة أملا فى تحسن أوضاعهم.. وشفيق استغل الوعى السياسى للعب بمدنية الدولة.. والمصلحة كانت المعيار الأول للاختيار

الإثنين، 25 يونيو 2012 12:57 م
نتائج الانتخابات الرئاسية تكشف: حصول مرسى على  أصوات المحافظات الفقيرة أملا فى تحسن أوضاعهم.. وشفيق استغل الوعى السياسى للعب بمدنية الدولة.. والمصلحة كانت المعيار الأول للاختيار د. محمد مرسى والفريق أحمد شفيق
كتبت آية نبيل

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نسب التصويت فى كافة المحافظات المصرية خلال جولة الإعادة لانتخابات الرئاسة والتى أسفرت عن فوز الدكتور محمد مرسى مرشح حزب الحرية والعدالة، بمنصب رئيس الجمهورية، أمام الفريق أحمد شفيق، تكشف عن إعادة ترتيب الخريطة السياسية وتوزيع القوى من جديد فى محافظات منحت أصواتها لمرشح ما فى الجولة الأولى وأخلفت وعدها فى الإعادة ومناطق أخرى ظلت على عهدها لمرشحها المفضل.

وبتحليل نتائج مرحلتى الانتخابات وأسباب تفوق مرسى فى محافظات الصعيد، بينما احتفظ أحمد شفيق بتقدمه فى محافظات الدلتا، وتبادلا السيطرة على أصوات إقليم قناة السويس والمحافظات الحدودية، شريف دياب، منسق حركة "امسك فلول" قال إن "تمركز الكتلة التصويتية لشفيق فى الدلتا وضعاً طبيعياً لارتفاع عدد المنتمين إلى الحزب الوطنى فى هذه المحافظات، ولكنها لم تستطع أن تؤثر خلال الانتخابات البرلمانية لاتساع رقعة الدوائر الانتخابية وأيضا عنصر الوقت لم يكن حاسما بالنسبة لها لتوحيد صفوفها والاستفاقة من صدمة الثورة وسحب البساط من تحتهم، ولكنهم توحدوا على مرشح واحد فى انتخابات الرئاسة واستعدوا لها من خلال إعادة ترتيب أوراقهم بنفس أسلوب الحزب الوطنى والاستفادة من أصوات البسطاء الساخطين على الثورة".

وأضاف دياب الذى شارك فى مراقبة العملية الانتخابية فى مرحلتيها "أداء نواب حرب الحرية والعدالة فى البرلمان وعدم تقديم خدمات فى المحافظات التى تعانى من ارتفاع نسبة الفقر والجهل والأزمات، أدى إلى عدم شعور الناس هناك بوجود تغيير فى ظل إعلام صور وجود الإخوان فى السلطة أنه يعنى قيام الدولة الدينية، لذلك فضلوا اختيار شفيق، خاصة بعد الوعود التى أطلقها بالتغاضى عن قضايا التعدى على الأراضى والتى انتشرت بشدة عقب الثورة.

الاتجاه جنوبا زاد من نسبة تقدم محمد مرسى على شفيق فى محافظات الصعيد، ولكن لأسباب مختلفة حسب تقدير شريف دياب، بأن الشباب والعناد كانا سببا لحصول مرسى على نسبة عالية من الأصوات، لأن الشباب كان لهم دور فى التمرد على أوامر قبائلهم لرغبتهم فى التغيير وليس من حكم الإخوان، وهو ما كسر تمركز الحزب الوطنى على مدار 30 عاما فى هذه المحافظات.

فى القاهرة الكبرى بالرغم من ارتفاع نتائج محافظة الجيزة لصالح محمد مرسى بعد إضافة الأصوات التى ذهبت إلى باقى مرشحى الثورة فى الجولة الأولى والذين كان مجموع الأصوات التى حصلوا عليها فى الجولة الأولى حوالى 59.7 %، إلا أن الأمر كان مختلف فى القاهرة والتى جاء تمركز رجال الأعمال وأصحاب المصالح فيها السبب الرئيسى فى تحول نسبة أصوات المحافظة إلى شفيق، وهو ما أوضحه دياب فى أنهم غير متشابهين، حيث انقسموا إلى منتمين إلى النظام السابق وأصحاب مصالح مباشرة معه وآخرون لا ينتمون للنظام السابق، ومنهم من أعطى مرشحى الثورة فى الجولة الأولى لكن المنافسة فى الجولة الثانية جعلتهم يختارون شفيق لتجنب حكم جماعة الإخوان المسلمين والدولة الدينية.
والصورة نفسها تكررت فى بورسعيد التى لم يحصل فيها محمد مرسى على الأغلبية فى الجولتين، ففى الجولة الأولى جاء فى المركز الثالث خلف حمدين صباحى وأحمد شفيق، وفى الإعادة تفوق شفيق بفارق كبير.

ساعد فى تقدم شفيق فى المدينة الساحلية الأزمات اللتى لاحقت بورسعيد وخاصة حادثة الاستاد، ولم يقدم نواب الحرية والعدالة ما يفيد التجار فى المدينة لتفادى الأزمة الاقتصادية التى حاقت بالمدينة واستغلها رجال الأعمال الذين تربطهم مصالح سابقة بالحزب الوكنى فى توجيه الأصوات لصالح أحمد شفيق والاستفادة من رغبة أهالى المدينة فى الاستقرار واختيارهم لحمدين صباحى فى الجولة الأولى.

على عكس بورسعيد كانت نتائج محافظتى الإسماعيلية والسويس اللتين ترتبط ببورسعيد بعلاقة جيرة على خط قناة السويس، ولكن مرسى احتفظ بتفوقه فى الإسماعيلية والسويس، لأن الأولى هى مكان النشأة الأولى لمنهج الجماعة، والثانية ارتبط اسمها بالثورة، وترتفع فيها أسهم جماعة الإخوان المسلمين والدعوة السلفية التى أعلنت دعمها لترشيح مرسى.

تكتل تصويت الناخبين للمرشحين ما بين الدلتا والصعيد، علق عليه الدكتور عاصم الدسوقى، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة حلوان، من معيار آخر وهو "الأمية السياسية" حيث اعتبر الدسوقى، أن مرسى حصل على أصوات المحافظات التى ترتفع فيها نسبة الفقر والجوع والأمية السياسية، بالإضافة إلى اليأس من الحياة والتى يميل فيها المصريون إلى اللجوء إلى الله، وهو ما لعب عليه الإخوان.

أما شفيق فقد استغل الأصوات التى ترفض تواجد الدولة الدينية ورفض تمثيل الإخوان ونجح فى المحافظات ذات الوعى السياسى مثل القاهرة أو ذات الطابع المنفتح مثل جنوب سيناء.

واعتبر الدسوقى أن التصويت لم يكن بين مرشح ثورة ولا ثورة لأن الاثنين لا يمثلانها – على حد قوله -، مضيفا "الاثنان ملهمش علاقة بالميدان، والمواطن يعلم ذلك، لكنه يخاف أن يعود النظام".

تحليل الآليات التى اعتمدت عليها الحملة الدعائية لكلا المرشحين عقب الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية، يجد أن كل مرشح اعتمد على تخويف المواطنين من الآخر وبالتالى فتقترب نسبة التصويت لدى كل منهما إلى الدلالة بأن النسبة التى حصل عليها تميل إلى التعبير عن نسبة معارضى الآخر أكثر من كونها مؤيدة له، فركزت دعاية مرسى على التخويف من التصويت لشفيق لعدم إعادة إنتاج النظام السابق، بينما ركز شفيق على التخويف من أن نجاح مرسى يعنى بناء الدولة الدينية.


وهو الأمر الذى يفسر خروج محافظتى البحيرة والأقصر عن طريقة تصويت قطاعيهما فى الدلتا والصعيد، حيث تفوق فى الأولى مرسى بسبب النزعة الثورية، ورفض تواجد النظام السابق، بينما حصد شفيق أصوات الأغلبية فى الثانية، نظرا للنزعة السياحية والخوف من مهاجمة الإخوان لها.

الدكتورة هدى زكريا، أستاذة علم الاجتماع، أكدت على توجهات التصويت فى الانتخابات الرئاسية واختلفت ما بين الطبقات الاجتماعية، وتنبثق من حسن نية والتجربة أكثر من كونها نابعة من اختيار بناء على أسس واقعية، وبناء عليه فتغيير هذه التوجهات متوقع فى أى لحظة لأن نسبة التصويت لكلا المرشحين لا تنبع من قاعدة جماهيرية تدعم أيدلوجياتهم أو حتى برنامجهم وإنما ما نستطيع أن نطلق عليه اختيار المصلحة.

وتضيف زكريا " نفس القبلية التى كانت تدعم الحزب الوطنى على مدار السنوات الماضية هى نفسها التى أعطت مرسى وهو ليس تمردا على قبليتهم كما هو مشاع، فمواطنى الصعيد على سبيل المثال لم يكن ارتباطهم بالحزب الوطنى بناء على انتماء عميق وإنما كان ارتباط مواطن بالإدارة التى تحكمه، وبالتالى حينما تحرروا من إدارة هذا النظام الذى تهاوى وفقد سحره وقوته التى كانت يكتسبها من مقعد السلطة، أصبحوا أحرارا فى الاختيار سواء نفس الإدارة أو إدارة مختلفة وهو ما لعبت فيه المصالح دور فعال، حيث نتائج تفوق مرسى فى هذه المحافظات تشير إلى أنهم وجدوا أن مصلحتهم ستكون معه أكثر من شفيق، خصوصا ميلهم إلى الاتجاه الدينى والذى لم يكن يبدى النظام السابق أى مؤشرات حوله، فضلا عن عدم الوطنية والشرف".

محافظة الفيوم أكثر المحافظات التى اتسع فيها الفرق بين المرشحين بنسبة كبيرة تجاوزت بالنسبة للدكتور مرسى إلى 78 % بينما لم يحصل شفيق سوى على 22% وهو فارق كبير فسره دكتور هاشم بحرى، أستاذ الطب النفسى، بأن القبلية لعبت فيه دورا مهما فى توجيه الناخبين، وليس التفكير، موضحا أن عقلانية الناخب فى الاختيار تظهر فى المحافظات التى تتقارب فيها نسبة التصويت بين المرشحين.

واعتبر بحرى أن المصلحة كانت المعيار الأول لدى الناخبين سواء فى المحافظات التى انحازت إلى مرسى أو شفيق، موضحا أن نجاح مرسى كان بسبب فشل شفيق وليس بسبب حب الإخوان، حيث ابتعدت الأصوات عن الثانى خوفا من النظام السابق، وليس لأنها تريد التغيير، وهو شىء طبيعى لأننا ما زلنا فى سنة أولى سياسة، كما أن اختيار مرسى لا يعبر عن اتجاه الناس لخطوة للإمام فى اتجاه الثورة وإنما قرار للشعب بعدم العودة إلى الخلف.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة