قالت هيومن رايتس ووتش اليوم السبت، فى بيان لها إن الحُكم بالغ الأهمية على الرئيس المصرى السابق حسنى مبارك فى 2 يونيو 2012، بناء على اتهامات بالمشاركة فى قتل المتظاهرين السلميين الذين خرجوا فى مظاهرات للمطالبة بالديمقراطية، يحمل رسالة قوية إلى حُكام مصر القادمين، بأنهم ليسوا فوق القانون.
ولكن تبرئة أربعة من مساعدى وزير الداخلية على أساس عدم كفاية الأدلة، أمر يُلقى الضوء على الإخفاق التاريخى للنيابة فى التحقيق على النحو الكافى فى المسئولية عن إطلاق النار على المتظاهرين فى يناير 2011، وهو الأمر الذى يُعتبر بمثابة ضوء أخضر لاستمرار انتهاكات الشرطة، على حد قول هيومن رايتس ووتش.
وكانت محكمة جنايات شمال القاهرة برئاسة القاضى أحمد رفعت قد حكمت على مبارك ووزير داخليته حبيب العادلى بالسجن المؤبد بتهمة معرفتهما بوقوع أحداث عنف ضد المتظاهرين دون التدخل لوقفها، بعد محاكمة اعتبر مراقبو هيومن رايتس ووتش مجرياتها بشكل عام متفقة مع المبادئ الدولية للمحاكمة العادلة.
وقال جو ستورك، نائب المدير التنفيذى لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فى هيومن رايتس ووتش: "هذه الأحكام بالإدانة تعتبر سابقة هامة، إذ من كان قبل عام يتصور أن مبارك مدعى عليه فى محكمة جنائية أمراً لا يمكن تخيله، لكن تبرئة كبار مسئولى وزارة الداخلية اليوم من وقائع مقتل وإصابة المتظاهرين السلميين تأتى مصحوبة باستمرار إفلات الشرطة من العقاب واستمرار انتظار الضحايا للعدالة".
وحصل على البراءة كل من أحمد رمزى، الرئيس السابق للأمن المركزى، وإسماعيل الشاعر، رئيس مديرية أمن القاهرة السابق، وكانوا بحكم منصبهم على الأقل، لابد أنهما يعرفان بالاستخدام غير القانونى للقوة المميتة ضد المتظاهرين على يد قوات أمن تحت سيطرتهم، ويبدو أن المحكمة لم تطبق عليهما نفس معايير المسئولية عن طريق الامتناع التى طبقتها على مبارك والعادلى، على حد قول هيومن رايتس ووتش.
وأضافت رايتس، "هذه هى أول محاكمة لرئيس دولة عربية يمثل فيها المدعى عليه بنفسه، منذ بداية احتجاجات الشوارع التى طرأت على العالم العربى بداية من ديسمبر 2010. فى 24 مايو2011، اتهم النائب العام مبارك رسمياً بالمشاركة بطريق الاتفاق فى قتل والشروع فى قتل المتظاهرين، والمشاركة فى تيسير بيع الغاز الطبيعى لإسرائيل، وقبول عطية (رشوة) مقابل استعمال نفوذه لإصدار قرارات تخصيص أراض مملوكة للدولة لأفراد. كما أحال النائب العام نجلى مبارك، جمال وعلاء مبارك، وحسين سالم، الذى تربطه صلات مزعومة بمبارك، إلى المحاكمة، بناء على اتهامات متعلقة برشاوى وتخصيص أراض مملوكة للدولة بشكل غير قانونى.
ومثل مبارك للمرة الأولى أمام المحكمة فى 3 أغسطس 2011. فى 15 أغسطس ضم القاضى أحمد رفعت محاكمته إلى محاكمة وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلى، وأربعة من كبار معاونيه، واثنين من مديرى الأمن بمحافظتين مجاورتين للقاهرة، وكان قد نُسب إليهم جميعاً اتهامات على صلة بالمظاهرات. تم إغلاق مرحلة المداولات فى المحكمة والمرافعات رسمياً بالنسبة لقضية مبارك فى 22 فبراير الماضى.
وأدين مبارك والعادلى بتهمة المشاركة بطريق الاتفاق فى قتل المتظاهرين السلميين. برأت المحكمة حسنى وعلاء وجمال مبارك وكذلك حسين سالم من جميع تهم الفساد.
وكانت هيومن رايتس ووتش قد راقبت المحاكمة لضمانات المحاكمة العادلة وانتهت إلى أنه وبشكل عام قام القاضى أحمد رفعت والقاضيان الآخران معه ضمن هيئة المحكمة، بإدارة قاعة المحاكمة الخاصة بعدد كبير من المدعى عليهم والتى شارك فيها مدعون بالحق المدنى، فى مجموعة كبيرة متباينة من الاتهامات، وسمحوا بشكل عام للمدعى عليهم ومحاميهم بفرصة معقولة لتقديم المذكرات والدفوع المختلفة، رغم أن بعض المدعين بالحق المدنى ذكروا أنهم لم ينالوا فرصتهم كاملة فى المحكمة، فقد تفادت المحكمة إلى حد بعيد تعرض سير المحاكمة لمقاطعات كثيرة، وتمكنت من تخصيص جلسات لاستعراض طلبات ودفوع المدعين بالحق المدنى بشكل جماعى، رغم عدد المدعين بالحق المدنى الكبير فى القضية، ورغم غياب القواعد الإجرائية اللازمة لضمهم فى مجموعة واحدة فى المحاكمة.
إلا أن قرار القضاة المفاجئ بإغلاق باب المداولات فى القضية فى 2 يناير والانتقال إلى مرحلة المرافعات الختامية فى اليوم التالى أثارت مخاوف لأن دفاع المدعى عليهم، والمدعين بالحق المدنى لم يكن قد تم الفصل فى طلباتهم بعد بالاستماع إلى شهود إضافيين، ومنهم مسئولين بالمخابرات العامة، كما لم يُمكّنوا من معلومات اعتبروها مهمة. ورغم أن قرار المحكمة بالانتقال للمرافعات الختامية هو قرار يمكن للمحاكم اتخاذه حسب أحكام القوانين المصرية، فربما أدى إلى تقويض بعض حقوق المدعى عليهم فى الحصول على فرصة عرض دفاعهم على النحو الذى يقرره القانون الدولى.
كما قال محامو المدعى عليهم فى مرافعاتهم الختامية أنه رغم أن مبارك والعادلى ومسئولى الداخلية الخاضعين للمحاكمة يحاكمون للمشاركة فى جرائم قتل والشروع فى القتل، فإن النيابة لم تشر إلى الأشخاص الذين ارتكبوا أعمال القتل بأنفسهم فى صحيفة الاتهام أو فى أى موضع آخر.
وأعلنت النيابة العامة ودفاع مبارك والعادلى اعتزام الطعن على الحُكم أمام محكمة النقض، أعلى محكمة مصرية للقضايا الجنائية، لكن يقتصر الطعن فقط على الأخطاء الإجرائية فى تطبيق القانون، إلا أن مصر وبصفتها دولة طرف فى العهد الدولى الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، مُلزمة بالسماح لأى مدعى عليه بمراجعة الحُكم الصادر ضده أمام محكمة أعلى درجة، ولابد أن تمتد هذه المراجعة إلى موضوع القضية وما تشمل من حقائق، وإلى مسألة كفاية الأدلة اللازمة للحُكم. لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، فى تعليقها العام رقم 32 عن الحق فى المحاكمة العادلة، انتهت إلى أن "المراجعة القضائية التى تقتصر على الأبعاد الرسمية أو القانونية للحُكم دون أى اعتبار لحقائق وموضوع القضية، لا تعتبر كافية بموجب أحكام العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية".
هيومن رايتس ووتش فى تعليقها على محاكمة مبارك: الحكم بحبس مبارك رسالة قوية للرئيس المصرى القادم.. وتبرئة كبار مساعدى وزير الداخلية ضوء أخضر لاستمرار الانتهاكات
السبت، 02 يونيو 2012 04:22 م
جانب من محاكمة مبارك
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
هشام
فهموها الأجانب قبلنا أصحى يا شعب
عدد الردود 0
بواسطة:
اشرف البدرى
عمر ما رئيس عسكرى يتعظ بأى حاجة