قال الكاتب السياسى والمؤرخ الفلسطينى عبد القادر ياسين: "الفيلسوف الفرنسى المسلم "روجيه جارودى" (ولد فى 17 يوليو 1913 م فى مرسيليا - 13 يونيو 2012)، حينما بدأ نضاله الفكرى والسياسى ضد الحركة الصهيونية العالمية ودولة الاحتلال الإسرائيلى فى فلسطين، تخلى الحكام العرب عنه، وكأنه لا يعنيهم على الإطلاق".
وأوضح "ياسين" فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع" أن أولى محطات الصادم بين "جارودى" والصهيونية بدأت بعد مذبحة صابرا وشاتيلا فى لبنان عام 1982، حيث نشر مقالة فى صحيفة "لوموند" تحت عنوان "معنى العدوان الإسرائيلى بعد مجازر لبنان"، وقد وقع البيان مع "جارودى" كل من الأب ميشيل لولون والقس إيتان ماتيو. وكان هذا البيان بداية صدام "جارودى" مع المنظمات الصهيونية التى شنت حملة ضده فى فرنسا والعالم، ففى عام 1998 حكمت محكمة فرنسية على "جارودى" بتهمة التشكيك فى محرقة اليهود فى كتابه الأساطير المؤسسة لدولة إسرائيل، حيث شكك فى الأرقام الشائعة حول إبادة يهود أوروبا فى غرف الغاز على أيدى النازيين، فيما عرف بمحرقة اليهود، حيث رأى أن ادعاء اليهود حدوث محرقة تعرضوا لها خلال الحرب العالمية الثانية شملت ستة ملايين يهودى أمر مبالغ فيه جداً، وهو الأمر الذى أكّده فى كتبه التى زادت على الخمسين كتاباً واضطره ذلك إلى مواجهة المحكمة الفرنسية سنة 1988 بدعوى معاداته للسامية، وحكم عليه بغرامة مالية قدرها 50 ألف دولار.
ودعا عبد القادر يسن، الجهات المعنية بالنشر إلى إعادة طبع أعمال "جارودى" ونشرها ليتعرف عليه شباب الثورة، مشيرًا إلى أن كتابه "المعرفة فى النظرية الماركسية" عُدَّ حجة فى الفكر اليسارى، وأنه بدأ يميل إلى إدخال تعديلات على الماركسية ودخل فى خلاف مع قيادة حزبه، لافتًا إلى أنه فى سبعينيات القرن الماضى، ألقى "جارودى" خطبته الشهيرة فى مؤتمر الحزب الشيوعى الفرنسى، والتى بدأها بعبارته الأشهر: "لم يعد الصمت ممكنًا"، موضحًا أنه فى هذه الخطبة قدم "جارودى" وجهة نظره التى دخلت فى تعارضات مع بعض النظرية الماركسية، ولذا فكان طبيعيًا أن يغادر حزبه، ويبدأ فى اتخاذ مواقف حاسمة فى القضية الفلسطينية وضد الصهيونية وكيانها، وحين صدر قرار المحكمة الجائر بتغريمه تخلى عنه الجميع وأدار حكام العرب ظهورهم له، وكأن الأمر لا يعنيهم، مؤكدًا "وهو فعلاً لا يعنيهم".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة