د. طارق النجومى يكتب: وحياة الأخوة

كان صوت حديثهم عاليا وأصواتهم متداخلة مما جعل محاولة أم مجاهد لتسترق السمع لما يقال عديم الفائدة.. قالت لنفسها أروح أعمل لهم شاى أحسن الله يخرب بيت السياسة.

كان صوت أبو شحاتة منفعلا وهو يقول هو أحنا كنا بنلعب لما نزلنا ننتخب أعضاء المجلس من كام شهر دنا قفايا انحرق من وقفتى فى الشمس يوم الانتخابات.. رد عليه أبو شلبى يا حاج المجلس ده مش دستورى.. وقبل أن يرد أبو شحاتة كان صوت أبو متولى منفعلا وهو يقول باستنكار مش دستورى أزاى؟.. يعنى اكتشفوا فجأة أنه مش دستورى..!! الكلمة دى هبلونا بيها وبقت لعبة بيلعبوا بيها زى القطة ما بتلعب بالفار قبل ماتاكله.. التفت أبو مصيلحى لأبو مجاهد وهو يقول يعنى ما سمعناش صوتك ياحاج؟

تنهد أبو مجاهد وهو يقول بصوت منخفض والحسرة تبدو على وجهه.. أنتوا عارفين أنا أيه اللى قاهرنى.. تطلعت العيون إليه وهو يستكمل حديثه.. أنا اللى قاهرنى المليارات تكلفة الانتخابات اللى فاتت من كام شهر.. هى الفلوس دى فلوس حرام.. لا مستشفيات ولا مدارس ولا طرق عدلة وفى الآخر مليارات بتترمى وكأننا لاقينها فى الشارع.. وكل ده علشان فيه عالم بتلعب بينا ولا هممها مصلحة غلابة ولا شعب عدمان بيطفح الكوته علشان اللقمة.. وقبل أن يعلق أحدهم على كلامه قطع حديثهم صوت أم مجاهد وهو تنادى من وراء الباب الشاى ياحاج.

جلسوا فى صمت مطبق لا يقطعه إلا صوت ارتشافهم لأكواب الشاى.. يرتفع صوت شفطة أحدهم ليرد عليه الآخر مما جعلها تبدو كسيمفونية إيقاعية مميزة.. كسر حاجز الصمت صوت أبو متولى وهو يقول اللى هيجننى ويدخلنى العباسية برجليه هما اكتشفوا فجأه أن قانون المجلس مش دستورى قبل انتخابات الريس بيومين؟.. رد أبو مصيلحى بسرعة وهما يعنى كانوا يعرفوا منين؟.. كان صوت أبو مجاهد عاليا وبلهجة استنكاريه.. هما اللى عملوا قانون الانتخابات كانوا خبراء دستوريين بيفهموا فى القانون ولا ناس بتوع كباب وكفته؟.. والمليارات وانشعال الناس والنواب على الانتخابات كل ده كان أونطة! الفلوس دى كلها على قفا مين؟ ضحك أبو شحاتة وهو يقول على قفا مين يعنى! على قفانا طبعا.

تساءل أبو متولى.. مين هيتحمل مسئولية اللى حصل.. دول لازم يقدموهم لمحاكمة عاجلة بتهمة إهدار أموال الدولة.. رد أبو شحاته.. مسئولية ومحاسبة..!! ياعم قول يا باسط..!! أيه يعنى مليارات ضاعت ولعبوا بالناس لعب..!! من أمتى كنا فى دولة بتحاسب حد؟! إحنا دولة ماشية بالبركة والهبولالا.. رد أبو مجاهد مستنكرا أزاى ما يكونش فيه محاسبه؟.. ده الدكتور اللى بيعمل عملية مش مظبوطة بيتحاسب ولا المهندس اللى بيبنى عمارة بايظة بيدخل السجن.. أمال دول عقابهم أيه على مصيبة المصايب دى.. أنا أول مرة أسمع على حاجه زى دى! عمرنا ما سمعناها لا فى بلاد الواق الواق ولا بلاد بتركب الأفيال! رد أبو مصيلحى لأ تسمع عليها فى البلاد اللى زينا اللى بتركب دماغها وكله شغال لمصلحته ومصلحته ملايين الغلابة اللى زينا تحت الجزم.. بصوت وكأنه يكلم نفسه قال أبو متولى أنا حاسس أنهم بيلموا الكتاكيت وبيتك بيتك؟

كان أبو شحاتة يتساءل بتعجب.. هو يا حاج الريس اللى هيجى هيحلف اليمين قدام مين؟.. تصاعدت ضحكة أبو مجاهد وهو يقول لأ ما تحطش فى بالك يا حاج.. لو الفريق فاز مش محتاج حلفان كفاية يقولهم وحياة الأخوة.. ولو دكتور مرسى فاز كفاية يكسر على عينه رغيف من أبو نص جنيه ويقول وحياة النعمة!

قطع حديثهم صوت طرق شديد على باب الشقة فتح أبو مجاهد الباب منزعجا وعلامات الدهشة على وجهه.. وجد حسب الله جارهم فى الدور الأرضى وهو يقول ألحق يا حاج ماسورة المجارى ضربت فى الشارع والمجارى ملأت مدخل البيت.. قال أبو مجاهد هى الليلة باينه من أولها.. جاء صوتهم من الداخل خير يا حاج فيه أيه.. المجارى ضربت.. جاء صوت أبو متولى هادئا وهو يقول عادى يا حاج اليوميين دول المجارى بقت محصرانا من كل ناحية.. ربنا معانا.