نشرت صحيفة "الجارديان" البريطانية تغطية واسعة للشأن المصرى، فقالت أولاً فى تقرير لمحلل شئون الشرق الأوسط إيان بلاك: إن العسكرى فاز فى لعبة السلطة فى مصر، لكنه فوز مؤقت، حيت ستسعى جماعة الإخوان المسلمين إلى إعادة تنظيم نفسها من جديد، وهو نفسه ما أكدت عليه الصحيفة فى افتتاحيتها، حيث قالت: إن المجلس العسكرى بإعلانه عن حل البرلمان قد أعاد المبادرة للإخوان من جديد.
وتقول الصحيفة فى افتتاحيتها التى جاءت تحت عنوان "مصر.. طريق طويل ومتعرج نحو الديمقراطية": إن الثورة المضادة تحولت إلى كوميديا هزلية من الأخطاء. وكان سوء التقدير الأكبر الذى قام به المجلس العسكرى فى مصر هو أن جعل "قضاته فى المجلس الدستورى"، وفقًا لتعبير الصحيفة، يعلنون أن البرلمان الذى يهيمن عليه الإسلاميون باطل.
ورأت الصحيفة أن الإعلان عن هذا الأمر قبل يومين من جولة الإعادة فى الانتخابات الرئاسية قد جعل الكفة تميل لصالح مرشح الإخوان محمد مرسى، بعدما كان الإخوان قد خسروا تعاطف الرأى العام معهم بعدما تراجع التصويت لهم فى الانتخابات الرئاسية بخمسة ملايين صوت عما كانت الحال عليه فى الانتخابات البرلمانية؛ فإن المحكمة الدستورية العليا قد صورت الإخوان على أنهم ضحية الأمر العسكرى.
وإلى جانب هذا تضيف الصحيفة: أصبح واضحًا أن خطة جنرالات المجلس العسكرى طويلة الأمد بمنح المجلس السلطة التشريعية بعد حل البرلمان والتأثير على الدستور بتشكيله للجمعية التأسيسية للدستور، والسيطرة على الرئاسة، وهذا ما أدى إلى استيقاظ تلك الجماعات التى كانت تدعو إلى مقاطعة الانتخابات باعتبار أن كلاًّ من مرشح الإخوان ومرشح النظام السابق أحمد شفيق سيئان.
وبشكل عام ترى الافتتاحية أن ما سيأتى لا حقًا فى مصر سيكون فوضويًّا وربما يشهد عنفًا، فالمجلس العسكرى يتصرف كما لو أن البرلمان قد تم حله، فى حين أن الأخير يتعامل على أنه لا يزال قائمًا. وتشير الجارديان هنا إلى أن المحكمة الدستورية لها الحق فى إعلان بطلان ثلث البرلمان، لكن تدور الشكوك حول أحقيتها فى حل البرلمان، وهو الأمر الذى لا يحدده سوى الرئيس المنتخب.
وترى الصحيفة البريطانية أن إعلان مرسى فائزًا رسميًّا بالرئاسة يوم الخميس المقبل سيثبت أن الديمقراطية قد سادت مصر بالفعل، وأن المبالغ المالية الضخمة، والحيل "غير النظيفة"، وحملة الترويع والتخويف التى رافقت حملة المرشح أحمد شفيق، لم تنجح إلى الحد الذى يمكنها من إحداث تغيير فى نتائج الانتخابات. ومرسى اليوم أقل عزلة عما كانت عليه الحال عندما أصدرت المحكمة الدستورية العليا قرارها بشأن البرلمان. ولو تم تأكيد فوزه فسيكون من الصعب التفاوض مع مرسى. وربما يستغرق الأمر وقتًا ليحصل الرئيس الجديد على سلطاته، ومن الضرورى أن يتشاركها مع ائتلاف من القوى. لكن ينبغى أن يتخلى المجلس العسكرى أولاً عن السلطة.
ويتفق بلاك مع النقطة الأخيرة فى الافتتاحية، حيث يقول: إن الرئاسة لو فاز بها مرسى فلن تكون جائزة على طبق من فضة مثلما يأمل هو وأنصاره فى الداخل والخارج، فالسعى للهيمنة من جانب المجلس العسكرى يعنى أن "انقلابه الناعم" قد يحدث حتى لو فاز مرشح النظام السابق أحمد شفيق مثلما يعتقد الكثيرون.
ويعتقد الكاتب أن مناورات المجلس العسكرى ستخلق رئيسًا ضعيفًا بدون دستور يحدد صلاحياته أو برلمان منتخب يمثل توازنًا للسلطة مع الجيش. وربما يكون المصريون قد تعبوا ويتلهفون للاستقرار بعد 18 شهرًا من الاضطرابات، إلا أن التوقعات بمزيد من التغيير لن تتلاشى على الأرجح، ومناورات العسكر تمثل انتكاسة خطيرة، ولم تكن متنبأً بها. وهذا لا يمثل نهاية القصة.
وفى تقرير ثالث لمراسلى الصحيفة بالقاهرة جاك شينكر وعبد الرحمن حسين قالت الجارديان: إن الإخوان المسلمين تعهدوا بمواجهة جنرالات المجلس العسكرى فيما وصفته بصراع حياة أو موت حول المستقبل السياسى للبلاد، وذلك بعدما أعلنت الجماعة فوز مرشحها فى الانتخابات الرئاسية ورفضها المحتمل محاولات العسكر الأخيرة لهندسة انقلاب دستورى.
ونقلت الصحيفة عن فاطمة أبو زيد، الباحثة السياسية بحزب الحرية والعدالة، الواجهة السياسية للإخوان المسلمين، والمنسق الإعلامى لحملة مرسى، قولها: "على مدى 18 شهرًا كنا حريصين على تجنب أى صدامات أو مواجهات مع العناصر الأخرى فى النظام السياسى المصرى لأننا شعرنا بأن هذا سيكون له تداعيات سلبية على النظام الديمقراطى وعلى المجتمع كله. لكن الآن من الواضح جدًّا أن المجلس العسكرى والمؤسسات الأخرى فى الدولة عازمون على الوقوف فى طريق ما نسعى لتحقيقه، ولن نقبل بهذا بعد الآن، فمصر لن تعود للنظام القديم بأى وسيلة سواء كانت قانونية أو غير قانونية".
وأكدت فاطمة أبو زيد على أن الإخوان سيعودون إلى الشارع ويصعدون الأمور سلميًّا إلى أعلى مستوى ممكن لو وقف المجلس العسكرى فى طريقهم وهم يحاولون تحقيق مطالب الثورة". وأضافت أن "الثورة تواجه لحظة حياة أو موت، والشعب المصرى وضع ثقته فى مرسى ليمثله فى هذا الوقت".
الجارديان: العسكرى فاز فى لعبة السلطة بشكل مؤقت وأعاد زمام المبادرة للإخوان بعد حل البرلمان.. الثورة المضادة تحولت إلى كوميديا هزلية من الأخطاء.. ومصر تواجه صراع حياةٍ أو موتٍ على مستقبلها السياسى
الثلاثاء، 19 يونيو 2012 11:48 ص