أعلن الرئيس عمر البشير حزمة من الإجراءات للإصلاحات الاقتصادية أمام البرلمان السودانى اليوم، الاثنين، من بينها إعادة هيكلة الدولة وتخفيض عدد الدستوريين بالمركز والولايات إضافة إلى حزمة من الإجراءات الاقتصادية الأخرى بتوسيع شبكة الضمان الاجتماعى.
وقد تضمنت هذه الإجراءات إجراء إصلاح هيكلى فى أجهزة الحكم والإدارة بتقليص عدد المناصب الدستورية على مستوى رئاسة الجمهورية والمؤسسات التى تشرف عليها، والهيئة التشريعية القومية، كما يشمل التقليص عددا من الوزارات الاتحادية والوزراء ووزراء الدولة، والخبراء والمتعاقدين الذين يعملون فى إطار رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء بما يزيد على المائة موقع.
وأضاف الرئيس السودانى أنه على المستوى الولائى والمحلى سيطال التقليص المواقع والمناصب الدستورية وما فى حكمها، فى المجالين التنفيذى والتشريعى بنسبٍ تقارب الـ 45% إلى 50% على التوالى، بما يتجاوز 260 موقعا ولائيا، كما تضمنت الإجراءات خفض مخصصات وامتيازات الدستوريين فى المركز والولايات ويشمل ذلك المرتبات والبدلات وتذاكر السفر وتحديد سيارة واحدة لكل مسئول وسحب وإيقاف الدراجات البخارية لكبار المسئولين.
وشملت الإجراءات كذلك إعادة النظر فى سلطة إنشاء المحليات وجعلها سلطة مشتركة بين الولاية والمركز بهدف وضع معايير ضابطة لإنشاء المحليات ومراجعة وتقليص عددها الحالى، وتحديد اختصاصها ومهامها بما يعزز قدرتها فى خدمة المواطنين، كما شملت إلغاء مرتبات ومخصصات أعضاء المجالس التشريعية للمحليات واستبدالها بمكافأة رمزية بما لا يرهق ميزانية الخدمات ويقلل العبء على كاهل المواطن، وأشار إلى أن القرارات والموجهات اللازمة ستصدر بهذا الشأن تباعا خلال الأيام القادمة.
وفى مجال الأداء المالى والاقتصادى قرر الرئيس السودانى عمر البشير خفض وترشيد الأنفاق العام بمراجعة الميزانيات وتحديد أولويات الصرف خاصة الفصل الأول (المرتبات والأجور) وإحكام إجراءات الضبط، وخفض هيكل الدولة ومخصصات الدستوريين وإيقاف إنشاء مبانٍ حكومية جديدة.
كما قرر ضبط إجراءات الشراء والتعاقد لمشتريات الحكومة والتركيز على المشتريات من السوق المحلى وترشيد صرف الوقود للوحدات الحكومية إلى الحد الأدنى وإحكام الضوابط الخاصة بمنح الإعفاءات الجمركية.
وقرر الاستمرار فى برنامج تصفية وخصخصة الشركات الحكومية والذى بدأ بتصفية 27 شركة فى العام الماضى والالتزام الصارم بأحكام لائحة الإجراءات المالية والمحاسبية، ولائحة التعاقد والشراء، والالتزام بقواعد القبول فى الخدمة العامة والترقى وضبط التعيينات.
وقرر كذلك إخضاع كافة الهيئات وأجهزة الدولة لديوان المراجعة القومى، ومنع التهرب من إجراءات المراجعة والمحاسبة وتوجيه وزارة العدل للإسراع بتقديم مخالفات جرائم المال العام للفصل الناجز والحاسم بواسطة القضاء، وفى مجال الإيرادات وزيادتها أوضح البشير أنه سيصدر قرارات ترمى إلى زيادة الإيرادات بزيادة فئة ضريبة التنمية على الواردات وعلى القيمة المضافة ورفع فئة ضريبة أرباح الأعمال على قطاع البنوك وزيادة الكفاءة الضريبية ومكافحة التهرب الضريبى.
كما ستصدر قرارات بمنع عمليات التهريب خاصة عبر الحدود مع دولة جنوب السودان وبيع أراض سكنية واستثمارية بالتنسيق مع الولايات للمغتربين بالعملة الحرة ومعالجة ظاهرة تجنيب الموارد لدى بعض الوزارات والهيئات الحكومية.
وأشار إلى أن لجنة عليا قد تكونت لمتابعة ذلك برئاسة نائبه الأول على عثمان محمد طه، كما تقرر إزالة التشوهات فى تجارة المواد البترولية بالرفع التدريجى لدعم المحروقات، مشيرا إلى أن جزءا كبيرا من الموازنة مخصص لدعم المحروقات والتى كانت تدعم من عائدات صادر البترول من نصيب الحكومة السودانية، ولما ذهب ذلك العائد أصبح دعمها دعما بالعجز أى على حساب المواطن الفقير من دافعى الضرائب لصالح ذوى الدخول العالية لأن الدعم يأتى على حساب قيمة كل قرش فى يد الفقير أو الغنى على حد سواء.
وأوضح البشير أن أكبر عيوب الدعم غير المباشر يتمثل فى أن الأقدر على التحمل هو المستفيد الأكبر، فأصبح الأمر كمن يأخذ من جيوب الفقراء ليدعم الأغنياء، وأضاف أنه فى ظروف مثل ظروف السودان لا يمكن الاستغناء عن الدعم ولكن الدعم الأجدى والاعدل هو الدعم المباشر والذى يذهب لذوى الحاجة، باعتبارهم الأولى بالدعم.
وقال إنه سيتم البدء فى سياسة متدرجة لإزالة هذا الدعم غير المباشر وهو توجه الحكومة وسياستها المعتمدة لإزالة الدعم تدريجيا مما يخفف من آثاره الضارة على التضخم وغلاء الأسعار، وأضاف أنه سيتم الرفع التدريجى للدعم غير المباشر عن المحروقات والذى يجعل القادرين من المواطنين والأجانب أفرادا وهيئات ومنظمات يستفيدون من الدعم الذى يشترك فى توفيره المواطن البسيط، كما أنه إجراء من شأنه أيضا محاربة التهريب والذى يجعل الوقود الذى نشتريه من الخارج أو من شركائنا فى الإنتاج المحلى يصل لمن يحاربنا ويسعى لزعزعة استقرار بلادنا وأمنها ووقف عجلة تنميتها.
وتعهد البشير ببذل كل ما من شأنه تخفيف أثر هذه المعالجات على الفقراء وذوى الدخل المحدود، موضحا أنه فى سبيل ذلك ستتخذ إجراءات هى الاستمرار فى إعفاء سلع الوارد من القمح والدقيق والسكر من الضرائب والرسوم وخفض الرسوم الجمركية على لبن البدرة وزيوت الطعام وإعفاء الأدوية والمكملات الغذائية من الرسوم الجمركية، ومن هذه الإجراءات أيضا مساعدة الشرائح الضعيفة بزيادة الدعم الاجتماعى وتوسيع شبكات الضمان الاجتماعى لتأمين وصول الدعم للمستفيدين الذين سيرتفع عددهم من 500 إلى 750 ألف أسرة وتخصيص منحة مالية للعاملين والمعاشين وتفعيل آلية التمويل الأصغر للإسهام فى مكافحة الفقر وتشغيل الخريجين.
وكرر البشير التأكيد على أنه لا زيادة على أسعار القمح والدقيق والدواء، كما أنه لا زيادة على فئات النقل البرى للمواطنين (البصات السفرية) ولا على فئات النقل الداخلى بمواصلات ولاية الخرطوم بعد إجازة هذه الإجراءات، وأضاف أنه سيتم اتخاذ إجراءات موازية فى مجال القطاع النقدى وهى ترشيد الطلب على النقد الأجنبى وتحريك سعر الصرف لتقريب الفرق بين السعر الرسمى والموازى بآليات التدخل فى سوق النقد الأجنبى لتحقيق استقرار سعر الصرف ورفع الاحتياطى النقدى القانونى واستمرار البنك المركزى فى شراء الذهب بأسعار السوق على أن يتحول الدعم من دعم سعر الصرف إلى دعم الموازنة.
وأوضح الرئيس السودانى أن من هذه الإجراءات أيضا التحرك الخارجى للحصول على منح وقروض أو تصكيك مشروعات تنموية لمؤسسات تمويل دولية للحصول على النقد الأجنبى.
البشير يعلن حزمة من إجراءات الإصلاح الاقتصادى أمام البرلمان
الإثنين، 18 يونيو 2012 04:32 م