بشير العدل

وفى اختلاف الإخوان "رحمة"

الأحد، 17 يونيو 2012 01:46 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
"فى الاتحاد قوة، وفى التفرق ضعف"، هكذا ردد المؤمنون بالوحدة ولمِّ الشمل، وهم بترديدهم هذا يذكرون أنفسهم أولاً، والآخرين ثانيًا، بأن وحدة الرأى، وأيضًا القول، من أهم سمات القوة فى مواجهة الغير، بل وفى مواجهة النفس أيضًا، ذلك لأن وحدة الرأى والثبات عليه هما السبيل لإقناع الآخر، وهذا أساسٌ لم يختلف عليه اثنان.

ولكن، وعلى ما يبدو، تلك القاعدة اختلف أساسها لدى جماعة الإخوان المسلمين، وحاولت أن تتبنى فكرة أخرى تقول إن التفرق هو القوة وليس الضعف، ولكن فى حالات معينة، ومنها حالة جماعة الإخوان التى تريد أن تخترق وتشق طريقها وسط صعاب بالغة يفرضها عليها الواقع السياسى من ناحية، وجمود نسبة من المواطنين وعدم لينهم مع دعوتها من ناحية أخرى، وحسب العارفين ببواطن الإخوان فإنهم لجأوا إلى التفرق، ليس من باب "الخلاف"، ولكن من باب "التنوع"، بعد أن وجدوا فى اتحاد الإخوان جزءًا متكاملاً يمكن رفضه كله، خاصة أن الجماعة لا تلقى القبول بشكل عليه إجماع، ولذلك لجأت إلى الاختلاف من باب الرحمة للعباد، وكأنها تريد أن تبين أنها مذاهب وآراء كالمذاهب الدينية التى يجب على كل مسلم أن يأخذ بأيسرها، خاصة أنها لم تختلف فى أصل الدين، وإنما اختلفت فى بعض التفسيرات التى جاء بها العلماء، وكانت رحمة لأن فى اختلاف آراء العلماء رحمة، وهذه هى الصورة التى أرادت جماعة الإخوان أن تبديها – أيضًا رحمة للعباد - حتى لا نسىء الظن بها، خاصة أنها تضم تيارات، أحسبها ثلاثة، الأول سلفى، والثانى تقدمى، والثالث وسطى بين هذا وذاك، وظنت الجماعة أنها بهذا التنوع والاختلاف تستطيع أن تكتسب قاعدة أعرض بعد أن "امتهنت" السياسة وكادت تصل إلى رأس السلطة فى بلدى مصر، وأصبح من صالحها أن تصنع قاعدة جماهيرية أوسع، معتمدة على أسلوب "تصويب الأخطاء"، فهناك من السلفيين من يقع فى أخطاء لا يرضى عنها معارض أو موالٍ للجماعة، ومن الوسطيين أو التقدميين من يصوب تلك الأخطاء؛ حتى لا تتسبب التصريحات عنها فى النفور من الجماعة والبعد عنها، لأن كثيرًا من الأقوال لا يصدقها عمل.

وحتى لا يكون الكلام مرسلاً فإن لدينا ما يبرر قولنا هذا، وهو ما يحدث داخل مكتب الإرشاد من ناحية، وبينه وبين النواب الممثلين للجماعة فى البرلمان، قبل صدور حكم الدستورية العليا بجواز حله، من ناحية أخرى، فعلى مستوى المكتب يوجد السلفى الذى ينظر إليه معارضو الجماعة على أنه "جامد الفكر" لا تلقى دعواته أى قبول حتى لدى الواقفين من الجماعة موقف المحايد، ويوجد أيضًا ذو الفكر المعتدل، وكأن التركيبة التى عليها مكتب الإرشاد مقصودة، فشخص يختبر بتصريح هنا أو هناك، وآخر يصحح إذا كانت نتيجته سلبية، أما على مستوى النواب فلا يوجد أى تنسيق بين المكتب والنواب الذين يعملون فى جزر منعزلة تمامًا ولا تربطهم أى صلة بمكتب الإرشاد.

وقد يكون هذا مقصودًا أيضًا لِبَثِّ القناعة لدى الرأى العام والمتابعين للشأن السياسى فى بلدى مصر بالفكرة التى روجت لها الجماعة بعد أن خرج وليدها "الحرية والعدالة" يحبو فى الحياة السياسية، وهى أن الحزب لا علاقة له بالجماعة، وهو ما كشف الواقع فيما بعد عن زيفه.

وهذا الاختلاف وغياب اتحاد الإخوان فسرتهما قيادات الجماعة بأنهما أمر طبيعى لأن الجماعة – حسب قولهم – ليست قوالب مستنسخة، ومن ثم فإن الاختلاف وارد، لكن الرأى النهائى يكون واحدًا، وهنا نتساءل: هل التصريحات والحوارات الصحفية ليست رأيًا للجماعة؛ أم هى مجرد فرقعات إعلامية للشهرة وحب الظهور اللذين يعشقهما بعض نواب الجماعة؟ وما الرأى النهائى ومصدره؟ ولماذا لا يتفق الإخوان داخل مطبخهم السياسى - أو الدعوى الذى هجروه إلى غير رجعة - ثم يخرجون على الرأى العام برأى واحد يؤكد أن هذه الجماعة تعى وتدرس قبل أن تقول؟ ومتى تقتنع الجماعة بأن خير قول ما يصدقه العمل؟

كل تلك الأسئلة لو كانت وُجدت لها إجابات لدى جماعة الإخوان المسلمين لما كانت قد وصلت إلى هذه الحال من التردى السياسى الذى انتهى بها إلى حل سلطة تشريعية كانت قد بنتها على أساس غير دستورى، ولَمَا كانت شعبيتها تراجعت إلى هذا الحد بعد أن كادت تحقق نجاحًا فى الأشهر الأولى التالية لأحداث يناير 2011، ولكانت الجماعة قاب قوسين أو أدنى من كرسى الرئاسة.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 6

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد عبدالله

هل الاخوان من خربوا مصر في ال 30 سنه ؟

عدد الردود 0

بواسطة:

مدام / جيهان

اجابه السؤال رقم 1

عدد الردود 0

بواسطة:

د.صبحي

بدون عنوان

شاطر برافو شفيق هيديك جايزه

عدد الردود 0

بواسطة:

aliop

قرأت المقال كله بالعافية

عدد الردود 0

بواسطة:

Ibrahim

نتذكر أيضا دعاية أبو الفتوح للاخوان بعد سقوطه

عدد الردود 0

بواسطة:

alielhelewy

شعب يحب ات يعيش عبيد

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة