لم أتخيل كم الشماتة والفرحة التى ظهرت بوضوح فى مواقف عدد من المحسوبين زورا على معسكر الثورة الذين هللوا وطربوا بعد حكم الدستورية تجاه مجلس الشعب المنتخب من ملايين المصريين.
لم يستطع هؤلاء إخفاء حقدهم البالغ على الكل، سواء الإخوان، أو حتى غيرهم من مكونات البرلمان، وانطلقوا فى وصلات تنتقد كل من ارتضى المشاركة فى العملية السياسية، وخوض الانتخابات، وبلغت المزايدة ببعضهم - وبينهم من خاض الانتخابات ورسب رسوبا مهينا - أن يصف النواب المنتمين للثورة الذين خاضوا الانتخابات ونجحوا فيها، وأصبحوا نوابا عن الشعب، بأنهم خنجر فى ظهر الثورة، لأنهم ارتضوا أن يكونوا نوابا على جثث الشهداء، وكأن هؤلاء المصابين بالحول النفسى والانفصام الشعورى لم يخوضوا الانتخابات، وسقطوا وكأنهم يتخيلون أن الشعب نسى مواقفهم كلها، وعاقبهم بلفظهم، وعدم إعطائهم الثقة ليمثلونه.
عام ونصف العام مضى على هذه الثورة، ومرحلة الكشف والتمايز والفرز مستمرة لم تتوقف للحظة، كم من طيف عابر سطع نجمه ثم انطفأ حين بدا خلوه من المضمون، وادعاؤه الثورية، كم من وجوه بائسة ارتدت قميص الثورة، ورفعت راية الشهداء للتجارة والمزايدة، بينما كانت تبحث عن مجد شخصى، وبريق إعلامى تداوى به نقائصها النفسية.
موجة ثوار ما بعد الثورة الذين هبطوا على الثورة بعدما أصبح النضال بلا ثمن يدفع، ولا تضحية تبذل، وأصبح نضالهم هو التقاط أكبر قدر من الصور داخل ميدان التحرير، بعدما أصبح آمنا من البلطجية والمولوتوف والرصاص الذى قنص الثوار الحقيقيين فى موقعة الجمل.
بقدر احتراف الشتم والتخوين والمزايدة على ثوار حقيقيين دفعوا الثمن من أعمارهم وأجسادهم وأمانهم قبل الثورة بكثير، بينما كان هؤلاء ينتظرون «سى دى» الفنان المشهور لشرائه، ويتفاخرون أيهم اشترى الألبوم أولا ليسمعه مع أصدقائه فى رحلة الساحل، وكانت هذه منتهى حياتهم وسعادتهم، فى الوقت الذى كانت السجون وأقبية أمن الدولة تضم رجالا جهروا بالحق فى وقت خرست فيه الألسنة، وارتضت الهوان حتى لا تدفع الثمن.
بقدر الغلو فى الشتم والمزايدة، بقدر ما يشعر هؤلاء المرضى بالارتواء والإشباع النفسى الذى يعوض شعورهم المستمر بالنقص والتضاؤل أمام نماذج حقيقية للنضال يعرف الناس تاريخها المشرف.
رحمة الله بهذا الشعب أنه تتكشف له كل يوم تلك الوجوه البائسة التى تفرزها الأحداث، حتى ينطلق للمستقبل، وهو يعرف معادن الناس الحقيقية. نعم أخطأ الإخوان فى أدائهم السياسى منذ التنحى وحتى الآن، وارتكبوا أخطاء تاريخية كارثية ساهمت فى وصولنا لهذا المشهد المأساوى، ولكن هذا لا يعنى أن نشارك فى موجة العته والكذب التى تتهمهم بقتل الثوار فى موقعة الجمل، ولا تبرر لنا الشماتة فيهم وتمنى أن يعودوا إلى المعتقلات مرة أخرى.
إن الشماتة ليست فى الإخوان، بل فى الوطن بأكمله، إن البرلمان الذى تم حله هو أول برلمان شرعى منتخب بإرادة شعبية خالصة بلا تزوير، ومهما كان أداؤه، فإنه ذراع الشعب التى اختارها لتكون ساعده وعونه فى استكمال تحقيق أهداف الثورة، وبناء النظام الديمقراطى الذى قامت من أجله الثورة.
لقد عدنا الآن لمربع الصفر. بل لما هو أسوأ، وانتظر رد فعل هؤلاء الثوريين الإلكترونيين كيف سيخوضون المعركة، ويديرون الصراع مع الدولة العميقة التى فى لحظة واحدة استطاعت إرجاع المشهد لنقطة الصفر، وإرباك الجميع.
لقد تحملنا كثيرا غلو هؤلاء المناضلين المزيفين، وانطلقت أقلام بعضهم تنهش فينا كثيرا بلا منطق ولا ضمير، ولكن حان الوقت لنقول لهم اخرسوا وأريحونا من رؤية وجوهكم الكريهة التى ليس لها مكان إلا بارات وسط البلد ومقاهيه، فجنايتكم على الثورة لا يمكن أبدا تجاوزها، وما وصلت إليه قطاعات كبرى من الشعب من كفر بالثورة، وملل من الثوار، وتفضيل لخيارات الماضى، أنتم تتحملون جزءا كبيرا من مسؤوليته بسوء أخلاقكم، وتعاليكم على الناس، وشتمكم المستمر، وتحطيم كل قيمة أساسية يؤمن بها هذا الشعب. لقد عدنا للمربع صفر، ولا مكان للهذى والسفسطة وتضييع الوقت الذى تمارسونه.. عودوا إلى جحوركم وادخلوا فيها رحمة بالوطن، ودعوا من يعملون يجتهدون قدر إمكانهم فأنتم معول هدم لا بناء.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
بهجت
برافوووووووووو
عدد الردود 0
بواسطة:
وحيد
انتم اضعتم الثورة باطماعكم .. ووقود الثورة الحقيقي كانوا الفقراء الذين لم تسمعوا لهم
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد
صنعاء
عدد الردود 0
بواسطة:
م. محمد
الكل يقدركم ولكن
عدد الردود 0
بواسطة:
samy
10/10
excellent
عدد الردود 0
بواسطة:
وليد
انت راجل محترم جدا
انت راجل محترم جدا هذا رأى فيك حين ريتك
عدد الردود 0
بواسطة:
مايكل
محترممحترم
عدد الردود 0
بواسطة:
شعبان معوض
برافوو : نختلف مع الاخوان نعم ولك وجدهم الوطن فى اللحظه الفارقه فى موقعه البهايم ليحمو ال
عدد الردود 0
بواسطة:
وائل حسن أمين
يسلم لسانك
عدد الردود 0
بواسطة:
نصر
الله ينور عليك و الله راجل يابني