أسامة شرف يكتب: لماذا يقاطعون الانتخابات؟

الأحد، 17 يونيو 2012 01:14 م
أسامة شرف يكتب:  لماذا يقاطعون الانتخابات؟ جانب من الانتخابات الرئاسية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بدأت أمس جولة الإعادة فى أول انتخابات رئاسية لمصر بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير، وانقسم الشارع المصرى بين مؤيد للدكتور محمد مرسى ومؤيد للفريق أحمد شفيق بينما يرى اتجاه ثالث بضرورة مقاطعة هذه الانتخابات، وهنا نعرض وجهة نظر أنصار فريق المقاطع حيث يرى أنصار هذا الاتجاه أن كلا المرشحين لا يعبر عن الثورة، فالفريق أحمد شفيق رجل مبارك وتلميذه النجيب وقد أكد ذلك فى أكثر من حوار ولم يكن مبارك ليعينه رئيس للوزراء فى مصر دون أن يكون متأكد من ولائه وإخلاصه له، فعقلية الفريق تكاد تكون متطابقة مع الرئيس المخلوع بشكل كامل مستدلين بتصريحات للراحل كمال الشاذلى والذى والذى أكد أنه فى حال فشل مشروع التوريث فإن مبارك سيجعل الفريق أحمد شفيق خليفة له فى رئاسة مصر.

كما أن الرجل حتى وقت قريب لم يكن ليعترف بأن ماحدث فى مصر ثورة بل ذهب شأنه شأن كافة رجال مبارك إلى اعتبار ما حدث انتفاضة مدبرة من الخارج مع بعض العناصر فى الداخل لقلب نظام الحكم وعبر الرجل عن أسفه لنجاح هذه الثورة. كما أن الرجل تحيط به الشكوك لكونه رئيس وزراء مصر فى فترة عصيبة من الثورة حيث حدثت موقعة الجمل وسقوط قتلى وجرحى، كما أن هناك ما يقرب من 35 بلاغا ضد الفريق بالفساد وهو أمر يثير المخاوف من العودة لعهد كان الفساد ممنهج فى ظل النظام السابق.

ومن هنا يرى الفريق المقاطع لهذه الانتخابات أن انتخاب الفريق يأتى بمثابة دعم الثورة المضادة والرغبة فى الإجهاز على ثورة يناير وتحويلها من ثورة تهدف لإصلاح شامل لحركة إصلاحية حيث أن نجاح شفيق هو إعطاء فرصة لنظام مبارك الذى فقد رئسه، وبقى جسده للم الشمل، وهو ما ظهر فى الجولة الأولى، حيث دعم أنصار الحزب الوطنى السابق للفريق فى محاولة لاستعادة نفوذهم الذى تبدد مع الثورة، فكان مجرد الوصف بالانتماء للحزب المنحل وصمة عار أما حالياً فأصبح البعض يجاهر بذلك بعد دعم الفريق ودخوله لجولة الإعادة.

أما الدكتور محمد مرسى فيتم النظر له على أساس أنه المرشح الاحتياطى بعد خروج المهندس خيرت الشاطر، فالرجل لا يتمتع بأى مقومات تجعله يصلح أول رئيس لمصر بعد الثورة فنقطة القوة الوحيدة لديه هى دعم جماعة الإخوان له وهى فى نفس الوقت نقطة الضعف، فسياسات الإخوان اتسمت بالتخبط خلال الفترة الانتقالية بداية مع معركة التعديلات الدستورية والتى أدخلت البلاد فى نفق مظلم مازلت تعانى منه حتى الآن ثم الاعتراض على بعض مواد الإعلان والتى لم تتماشى مع مصلحة الجماعة مروراً برفض فكرة المجلس الرئاسى والموافقة على حكومة الجنزورى حكومة الجنزورى فى البداية ثم المطالبة بسحب الثقة منها ثم موقف الجماعة من الجمعية التأسيسية، ومحاولة الجماعة فرض كلمتها والهيمنة على الجمعية التأسيسية بشكل شوه كلام الجماعة عن المشاركة والحوار الوطنى وقبول الآخر ثم موقف الجماعة من الانتخابات الرائسية والدفع بالمهندس خيرت الشاطر بعد وعود الجماعة بعد تقديم مرشح رئاسى، نهاية برفض الجماعة فكرة المجلس الرئاسى حيث رفعت الجماعة شعار إما أنا أو الفلول لتسقط الجماعة فى نفس خطأ مبارك الذى قال إما أن أو الفوضى، فكل تلك الأمور هزت ثقة الشارع بشكل كبير فى جماعة الإخوان والتى خسرت ما يقرب من 30% من شعبيتها خلال الجولة الأولى فى الانتخابات، فبرغم دعم قطاع كبير من السلفيين للدكتور محمد مرسى لم يحقق الرجل تفوق يذكر فى هذه الانتخابات بالرغم من الحملة الدعائية الضخمة له.

فالدكتور محمد مرسى لو كان دخل الإعادة كمرشح مستقل كانت فرصته للنجاح ستكون أكبر بكثير، ولكن دعم جماعة الإخوان له أظهر بمظهر الدبلير الذى يؤدى دوراً مرسوماً له ومن ثم فإن الرجل لن يكون قادر على قيادة سفينة الوطن فى هذا التوقيت العصيب، كما أن المصوتين له لم يختاروا محمد مرسى ولكنهم اختاروا جماعة الإخوان أو مرشح الجماعة.

ويرى الفريق المقاطع للانتخابات أن الاختيار هنا بين أمرين كلاهما سيئ، ويتقارب موقف هذا الفريق مع موقف الممثل الكبير محمد صبحى عندما سٌئل فى مسرحية لعبة الست من تفضل الاحتلال البريطانى أم الاحتلال الألمانى لمصر، وذلك فى خلال فترة الحرب العالمية الثانية بين الدولتين على حدود مصر الغربية.

فالمقاطعة فى وجهة نظرهم الحل فلا يمكن التصويت لعهد مبارك الذى قتل الثوار ونكل بمصر خلال ثلاثون عاماً، ولا يمكن التصويت لشفيق بالذات الذى عادى الثورة وشبابها، حيث التصويت للدولة العسكرية التى حكمت مصر خلال 60 عاماً، وفى المقابل لا يمكن التصويت لمرسى وجماعته التى فضلت مصالحها على حساب الثورة والثوار، هذا بالإضافة للخوف من الدولة الدينية التى تروج لها جماعة الإخوان المسلمين، فالمقاطعة هنا رفض للدولة العسكرية وكذلك رفض للدولة الدينية، أى رفض للنموذج البكستانى والنموذج الإيرانى والمقاطعة وفاء للثورة ودم الشهداء فلا مكان للمفاضلة فليس أحدهم بأفضل من الثانى حتى يتم التصويت له، فالرجلان يقفان عند مسافة واحدة تماماً فلا توجد فى أحدهم ميزة ترجح كفته.

ويرى المقاطعون أنه بخسارة المرشحين المحسبون على الثورة فى الانتخابات، وبانحصار الاختيار بين الإخوان والفلول ستتجمد الثورة لفترة معينة وستعانى مصر من حالة من التخبط وعدم الاستقرار لبعض الوقت، ومع ذلك فإن نجاح مرسى أو شفيق لن يعيد مصر إلى ما كانت عليه فى عهد مبارك والفائز من هما سيحاول أن يقود مسيرة للإصلاح ستتسم حتماً بالبطء، ولكنه سيكون مجبر لأن عقارب الساعة لن تعود للوراء.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة