لن أعلق هنا على أحكام القضاء، وكامل الاحترام والتقدير والتبجيل للمؤسسة القضائية المصرية، بل أزيد على ذلك أننى أقدر أيضا تهديدات الإخوان، وتخويفات الجماعة الإسلامية والناتجة عن تفسيرهم للأحكام التى صدرت الخميس الماضى عن المحكمة الدستورية العليا بخصوص قانون العزل السياسى، وحل مجلس الشعب بأنها أحكام سياسية، لم تراع المؤامة الوطنية، كل هذا الكلام على «عينى ورأسى».
ورغم أننى مثل غيرى من المصريين كنت أحبس أنافسى انتظارا لما ستقرره المحكمة الدستورية العليا بشأن القضيتين، وبعد الأحكام جلست لأتابع أيضا مثل الكثيرين ردود الأفعال والتعليقات المتباينة لمختلف التيارات السياسية، والتى لم يخل بعضها من تهديدات واضحة بالتصعيد، والنزول إلى الشارع فى حال فوز الفريق شفيق فى انتخابات الإعادة، إلا أننى وبعد أن تأكدت أن مجلس الشعب تم حله كاملا وجدت نفسى أتقمص شخصية أحمد السقا فى فيلم الجزيرة، وصرخت: «من النهارده مافيش أم أيمن»، وللقليلين جدا الذين لا يعرفون أم أيمن، التى باتت شخصية مشهورة، ليس بسبب طلتها الجذابة أو حضورها الطاغى على ساحة البرلمان، ولكن لعقلها الفذ وآرائها المثيرة للجدل، فهى النائبة عن حزب الحرية والعدالة والتى طالما كنت أراها صامتة، وكنت أضرب كفا بكف على طريقة أدائها «كنايبة» عن الشعب، فما بالكم عندما نطقت وتحدثت بثقة عن جنس المرأة المفترية -التى تنتمى إليه!- حيث رأت أم أيمن أنه يجب أن يتم تجريد المرأة من كل المكتسبات والحقوق التى حصلت عليها، فطالبت بعدة أشياء مثيرة للجدل، أهمها فحص السجل الإجرامى للشهداء، وطالبت بإلغاء وتعديل سبعة قوانين، أولها إلغاء الخلع، وبررت ذلك بأنه ليس من حق المرأة طلب الطلاق لأن الولاية والقوامة للرجل، مع أن الخلع ثابت فى الإسلام، والقانون تمت الموافقة عليه من علماء الأزهر، وأيضا منع إثبات أبناء الزنا، كذلك المطالبة بقانون يسمح للزوج باغتصاب زوجته ومنع المرأة من السفر لأن به خلوة مع رجال غير زوجها، وإلغاء منح الجنسية لأبناء المصريات المتزوجات من أجنبى، وإلغاء قانون إخبار الزوج لزوجته الأولى إذا رغب فى الزواج عليها بدعوى عدم «تفتيت الأسرة»، كذلك تبيح ضرب الأطفال وإلغاء قانون ملكية الشقة للزوجة، لأن الرجل يصبح مهددا بالطرد، وأبدعت أم أيمن كثيرا، حيث وصل خيالها إلى ضرورة سن قانون يلزم الأب بإجراء عمليات الختان للإناث، والحمد لله أن ما طالبت به أم أيمن ظل مدونا فقط فى محاضر جلسات مجلس الشعب، ولم يتم تحويل أى منها إلى قانون يسرى ويعيد المرأة المصرية إلى عصور سحيقة، وبالطبع شخصية أم أيمن كانت خير معبر عن أفشل برلمان فى تاريخ الحياة النيابية المصرية، ليس لأنه كان يضم أغلبية ذات انتماءات دينية، ولكن لأنه ضم عقولا بعيدة كل البعد عن وسطية الإسلام واستنارته.
ذهب مجلس الشعب وذهبت معه الست أم أيمن وربنا يخليها لأبنائها وحياتها، ويبعدها عنا، وأرجو من كل مَن شاهدها فى جلسات مجلس الشعب المنحل ألا يفكر فى التصويت لها فى الانتخابات البرلمانية المقبلة لأنه منذ هذا اليوم لا يجب أن تمثل أم أيمن ومثيلاتها المرأة المصرية فى البرلمان.